Friday 3rd May 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

“سبعون عاما بدلاً من سبعة آلاف”

منذ 5 سنوات في 27/أكتوبر/2019

 هايل علي الخولاني*

 احتفالات جمهورية الصين الشعبية متواصلة بمناسبة العام السبعين لتأسيسها ولقيادة الحزب الشيوعي الصيني للدولة.. إنها احتفاءات حاشدة بما حصدته الدولة والشعب من ازدهار بجهود جماعية، أوصلتهما إلى مركز متقدم بين الأمم، لم يسبق له مثيل في التاريخ، إذ لم تتمكن أية دولة أخرى غير الصين من الوصول الى مراتب المجد بتخطيط دقيق وتسيير ذاتي مذهل، وبإمكانات محلية بحت، كما وصلت إليه هذه الدولة الشعبية الصينية، التي قادها قادتها إلى ما لم ينتظره أحد منها في الارض والفضاء، فغدت مهوى الجميع، وقاعدة الانطلاق الى مِثال مشرق للعالم وليس للصين فقط.

في خطابه بمناسبة الذكرى السبعين، حافظ الرئيس شي جين بينغ على تقليد محبة شعبه وجيشه وبلاده، فحتى في استعراضه حرس الشرف، الذي جرى بهذه المناسبة، استمع العالم كله إلى كلماته الرنّانة الأولى في هذا الخطاب، وهي:

“تحية لكم يا رفاق!.. شكراً على عملكم الشاق!”

واسترسل “شي” قائلاً: “إن الصين ستظل في طريق التنمية السلمية.. سوف نواصل العمل مع شعوب العالم لدعم البناء المشترك لمجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.”

الرئيس “شي” يؤكد بهذه الكلمات على قدسية الولاء للوطن والشعب ومستقبلهما، تماماً كما أقسم على ذلك رؤساء الحزب والصين سابقاً، انها كلمات القسم للإخلاص لمواصلة مسيرة إنهاض الدولة وازدهارها، والتي بدأت مع “مسيرة الألف ميل” للزعيم ماوتسي تونغ، ومع المُصلح دنغ هيساو بينغ، وغيره من الزعماء، والى عصر شي جين بينغ، الذي هو بحق “عصر العالم”.

في البداية كانت الصين مستعمَرة لدول كثيرة أرادت لها الموت والزوال والفناء لتسيطر على أراضيها، ولتستوطنها بعد اقتلاع شعبها منها (على نمط صهيوني)، ثم تحرّرت بقيادة حزبها وعلى رأسه الزعيم ماوتسي تونغ الخالد، ثم ظهر المُصلح الكبير دنغ هيساو بينغ، فشقت الدولة طريقها بنفسها الى مراتب جديدة في المجد، وها هي اليوم بزعامة الرئيس شي جين بينغ تخطو خطوات متسارعة للأمام تسابق العالم أجمع. وإلى جانب ذلك ها هي تتغنى بكل زعمائها السابقين، فقد كان لكل منهم دلوه في هذا التقدم الصيني الاعجوبة، وحفظت لهم البلاد مآثرهم في تجربة لم يسبقهم إليها بشر.

وضمن البدايات شجعت الصين أبناء الفقراء، بالذات، على اللحاق بسلك التعليم بكل مراحله.. وبعد التعليم برزت الكفاءة التي غدت المعيار الأول للصين الجديدة، بعدما فرضت الحكومة التعليم الإلزامي المجاني لمدة 9 سنوات على كل المواطنين، الذين اقبلوا على هذا التعليم الذي لم يكلفهم أية أموال، بل وفّرت الدولة الطعام والشراب للتلاميذ، وأوجدت حدائق الاطفال لجميعهم، ومنعت عمالة الأطفال في سن الدراسة، وسنّت قوانين لمعاقبة الآباء المخالفين..

وهنا، أنشأت الدولة معامل صناعية صغيرة في المدارس، يعمل فيها عمال حقيقيون، وتقوم تلك المعامل ببيع منتجاتها للإنفاق على المدرسة، فكانت هذه اعجوبة جديدة للاشتراكية بألوان صينية، وفي الوقت نفسه قامت هذه المعامل بتأهيل الطلاب مهنيًا، حتى يرتبط التعليم النظري بسوق العمل.. ثم أقرت الحكومة تدريس الإنجليزية واليابانية في المدارس، وحرصت على تطوير جودة التعليم..

مثلًا: ركّزت الحكومة عام 1981 على تحويل الدراسة الإبتدائية إلى ‘‘خبرة سعيدة‘‘، فلا يُعطى طلاب الصف الأول أية واجبات مدرسية، ولا تزيد مدة الواجبات في الصف الثاني والثالث عن 30 دقيقة، ترتفع بمقدار 15 دقيقة إضافية للصف الرابع، ومنع تطبيق الثواب والعقاب في تلك المرحلة، وأُعطي الطلاب مساحة أوسع لتقرير احتياجاتهم، حتى لأجل نومهم لتوفير الراحة إليهم، ونصَت التغييرات الجديدة على أن يصل ذلك إلى 10 ساعات يوميًا لطلاب تلك المرحلة. ومن هنا نهض التعليم في الصين وجُعِل مثالاً يُحتذى للعالم في إطار مقولة شهيرة: “أٌطلب العلم في الصين”   

الصناعة والتكنولوجيا؟

 عَهَدَ دينغ هيساو بينغ إلى الكفاءات الإقتصادية بإدارة 131 من أصل 274 شركة، متخليًا عن الأقطاب الإقتصادية القديمة. واستلهم بينغ نموذج المناطق الصناعية المفتوحة.. بدأها بمدينة صينية مقابلة لهونغ كونغ، كانت مدينة ريفية على مساحة 30 كم، سكانها يفّرون إلى هونغ كونغ هربًا من البطالة.

دينغ غيّر نظام المدينة بالكامل.. خفّض الرسوم الجمركية والضرائب، أنشأ سوقاً للأوراق المالية، وبنوكًا خاصة، وسمح لرجال الأعمال بإنشاء شركات، شينزن “ستكون” واحدة من ضمن 4 مناطق صناعية تجريبية شملت شانتو، شوهاي و كسيامن .

في غضون 5 سنوات اجتذبت تلك المناطق 30 مليار $ من الإستثمارات الأجنبية، ما دفع دينغ لتوسيعها إلى 14 منطقة. تم إنشاء 52 منطقة لتنمية صناعات التكنولوجيا، شهدت جميعها تأسيس نحو 13 مليون شركة خاصة بالتكنولوجيا.

وأقّر عام 1986 برنامج عملاق يُدعي “بحوث تطوير التكنولوجيا العالية”، المعروف إختصارًا ب ِ‘‘برنامج 863‘‘، والذي شمل 8 مجالات ‘‘الطيران، الطاقة، الليزر، المعلومات، المكننة، المواد الجديدة، التكنولوجيا البحرية والعلوم الإحيائية‘‘..

20 عامًا من العمل البحثي في البرنامج الذي تكّلف 20 مليار$، والذي انخرط فيه 150 ألفًا من العاملين، أثمرت في الأخير 1800 براءة إختراع صينية.. شينزن التي بدأت حلمًا لدينغ هيساو بينغ على مساحة 30 كم من الأكواخ، أصبحت اليوم إحدى قلاع التكنولوجيا العالمية، بمساحة تمتد إلى 2000 كم وحجم ناتج قومي يناهز 335 مليار $ سنويًا.

ـ الزراعة؟  

أطلق مشروعًا جديدًا أسماه ‘‘القرية والدولة‘‘، وزّع أراضي زراعية علي بعض الفلاحين، تأجير فقط وليس تمليك، ورفع سعر شراء الدولة للحبوب من الفلاحين بقيمة 20%، مع تخفيض أسعار مستلزمات الزراعة من أسمدة ومبيدات، الفلاح يربح ويحتفظ بالعوائد لنفسه، وبالطبع انضم فلاحون جُدد لمشروع ‘‘القرية والدولة‘‘..، وأصبحت 99% من مساحة الأراضي الزراعية موزعة على الفلاحين.

دينغ رفع بعد ذلك سنوات تأجير الأرض من 15 إلى 30 مع الحق في توريثها للأبناء، أنشأ500 قرية نموذجية تستخدم التكنولوجيا الزراعية في أحدث أطوارها.   النتائج كانت مذهلة..

ارتفعت نسبة النمو الزراعي من 2,5% عام 1979 إلى 9,3% عام 1984، وارتفع دخل الفلاح بمعدل 17% سنويًا، ولأن هناك فائض إنتاجي توجه الفلاحون لتسويق منتجاتهم في المدن، وظهر 1300 سوق للفلاحين على أطراف المدن، وباتت عملية البيع والشراء تتم دون تدخل حكومي، مستوى الدخل الريفي والإنتاج الزراعي في إرتفاع، إذن، تذهب الشركات إلى الريف لإقامة مصانع للمنتجات الزراعية وغيرها. هذه الشركات العاملة في الريف كانت توظف في عام 1979 نحو 29 مليون مواطن، ووصل العدد عام 1990 إلى 109 مليون، وأصبحت تساهم بنحو 24% من إجمالي صادرات الصين.

ـ الجيش؟

كان الجيش الصيني الذي ورثه دينغ عملاقًا..يضم 4,2 مليون جندي، لكنه جيش نووي، نسبة غير قليلة من جنوده غير متعلمين، وعتاده سلاح سوفييتي مُعدل، بلا بصمة تكنولوجية صينية. ومن ثمّ قرّر دينج إنتهاج ثلاث مسارات. Depolitcaliztion أي إنه عمل على تخفيض سيطرة العسكريين على العملية السياسية. Professionaliztion: وطوّر العقيدة القتالية وتخفيض مناطق الإشتباك غير العسكرية، Cost Cutting: أي إنه خفض حجم الجيش بنحو مليون جندي وكذلك خفض الإنفاق العسكري، وهو ما وفّر المزيد من الأموال للإنفاق على تحديث المجتمع ورفع مستوى المعيشة.

استراتيجية دينغ في تخفيض حجم الجيش والإنفاق عليه أثبتت لاحقًا جدواها. الوفورات الإقتصادية العملاقة في بداية الألفية مكّنت بدورها من إطلاق نهضة عسكرية عملاقة، وتخصيص نفقات دفاعية بلغت 147 مليار $، وإطلاق طرازات صينية في الطائرات المقاتلة أحدثها طراز G-20، وحاملات طائرات كالحاملة لياونينغ، وأصبحت تمتلك في 2018 زهاء 7000 دبابة، 2600 طائرة هجومية ومقاتلة، و700 قطعة بحرية، و73 غواصة. بعد 40 عام من إصلاحات دينغ التي أطلقت معدلات نمو قياسية وصلت إلى 9,3% لعقدين متتاليين..

لم تعد الصين تلك الدولة النووية غير المتقدمة، التي يُنظر إلى أبنائها كمجموعة من ضحايا المجاعات التي انتجها الاستعمار وأراد الابقاء عليها في الصين. الصين حقّقت أكبر نمو إعجازي في تاريخ البشرية، من 240 مليار $ ناتج قومي عام 1978 إلى 12 تريليون $ عام 2018، أي ما يُعادل مجموع إقتصادات (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، وإيطاليا)، وبدخل فردي مُقدر ب 165 $ سنويًا عام 1978 إلي 8800 $ عام 2018، ومن دولة قضى عشرات الملايين من سكانها في المجاعة، إلى أخرى تمتلك إحتياطي دولاري ب 3 تريليون $، وحجم صادرات يناهز 2,5 تريليون $ سنويًا.

ـ نصائح:

       في هذه العجالة، أنصح أخواتي وإخواني أعضاء وأصدقاء الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، إلى قراءة متمعّنة لكتاب مفيد إسمه “التنين والفيل”، يوضّح كيفية نهضة الصين في الاقتصاد والعمران، ووصول شعبها الى مصافي الاقتصادات العملاقة والأكثر تقدماً في الوقت الحاضر..

لقد نالت الصين مرتبة أعظم دول العالم في مجالات عديدة منها الصناعي والفكري، وها هي تنافس الدول العظمى في أكبر الشركات الصناعية التكنولوجيه الحديثة، حتى استاءت بعض الدول من تلك التطورات التكنولوجيه التي آثرت بشكل كبير في يوميات سوق العمل، فمن خلال ما شهدته الصين من نهوضٍ عملاق في جميع المجالات، وبناء جيش قوي يتسلح بعقيدة قتالية واقتصادُ عالمي، خلقت علاقات حميمه مع أشقائها في كل بلدان العالم، ولها مساهمات كثيرة في بعض الدول التي ربطتها وتربطها علاقات وصداقة متبادلة، وقدمت بعض المشاريع العملاقه التي تصل تكلفتها الى المليارات، وبحسب الاتفاقات الموقعة بين البلدين، يشهد وطننا اليمن على انجازات عدة نفّذتها جمهورية الصين الشعبية على مستوى العالم.

واليوم، وبعد مرور سبعين عاماً على تأسيس جمهورية الصين الشعبية، نلمس في حقبة الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني الرئيس شي جين بينغ، منجزات التطور الصيني الأكثر تألقاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وفكرياً وثقافياً وفضائياً، وهي انجازات لم تحققتها الصين في أزمانها السحيقة، كما لم يصل غالبية العالم إليها، وربما كان يتطلب منه نيلها سبعة الآف سنة (!)، اختصرتها الصين في سبعين سنة فقط، ما يؤكد أن انتصارات الصين على كل الجبهات لا مثيل لها في عمر الكرة الأرضية. انجازات الصين برئيسها وقيادتها وشعبها يتم الاحتفاء بها أممياً واحترامها عالمياً، وهي تتزامن مع احتفال شعبنا الجريح بثورة 14 أُكتوبر..

وإذ نهنئ ونبارك للصين العظيمة مناسبتها الكُبرى، بتأسيس جمهورية الصين الشعبية وقيادة الحزب لها ولشعبها طوال الفترة الماضية، نتمنى لها من قلوبنا وعقولنا مزيداً من الخير والنمو وتخليق الجديد من الانجازات التي لا سابق لها في تاريخ الانسانية، فهي قد عوّدتنا على ذلك، ولهذا ننتظر منها القيّم لإبهار العالم.

 #هايل_علي_الخولاني: مذيع وإعلامي وكاتب #يمني، وعضو قديم وناشط في #الاتحاد_الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين.

المراجع:

1/ وكالة أنباء “شينخوا” الرسمية الصينية.

2/ مجلة “الصين اليوم”

3/ كتاب: “الفيل والتنين.. التنين والفيل”، روبين ميرديث.

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *