Monday 29th April 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

هل تطيح روسيا بنازيّة الدولار ؟

منذ سنتين في 23/مارس/2022

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

 

هل تطيح روسيا بنازيّة الدولار ؟

بقلم: ايمن علوش،

*دكتور في السياسة الدولية/اكستر.

 

القوّة العسكريّة الأمريكيّة التي جعلت الولايات المتّحدة تفرض في عام ١٩٧١ ما يُعرف “بصدمة نيكسون”، التي ألغى فيها الرئيس الأمريكيّ ريتشارد نيكسون العلاقة بين الذهب والدولار، جعلت ما تطبعه المطابع الأمريكية من ورق بخس عملة عالميّة مُعتَمدةً في كافّة العقود والتبادلات التجاريّة، وكان الرصيد الوحيد لهذه العملة هي قوّة الولايات المتّحدة الأمريكيّة العسكريّة وذاكرة دول العالم عن القنبلتين النوويّتين على هيروشيما وناكازاكي، والتي استثمرت بهما الولايات المتّحدة لتعزيز قوّتها الاقتصاديّة والعلميّة والثقافيّة… الخ، وأصبحت معظم دول العالم تقدّر دخلها الوطنيّ ودخل أفرادها وميزانيّاتها وحجم تبادلاتها التجاريّة واحتياطيّاتها بهذه العملة، مما عزّز موقع الولايات المتّحدة كأقوى اقتصاد في العالم لسنوات طويلة.

جاء وباء كوفيد/ 19 ليبدأ صدمة معاكسة لصدمة نيكسون، فقد أدّى الوباء إلى اضطراب الأسواق واكتساح الصين لسوق التجارة العالميّة بعد استيعابها المبكّر للجائحة، في الوقت الذي كانت تضّطرب فيه السوق الأمريكية والأوروبية من تضخم بدأ يعيد للذهب بعض من مكانته العالمية كملاذ آمن.

جاءت الحرب الروسيّة على أوكرانيا لتعزّز الصدمة المعاكسة، فكثير من الدول التي تعتمد الدولار في تعاملاتها وإيداعاتها شعرت بالخطر من تصرف الولايات المتّحدة بالحجز على الودائع الروسيّة بالعملة الأمريكية، فبدأت تسارع في التفكير في الطرق الأخرى التي تحرّرها من هيمنة الولايات المتّحدة وعملتها وعقوباتها المؤلمة، فإذا كانت روسيّا القويّة قد تعرّضت لهذه العقوبات فليس هناك ما يحمي أيّة دولة من التعرّض لعقوبات مماثلة اذا لم تستجب للإرادة الأمريكيّة.

بدأت الأنظار تتّجه نحو الاقتصاديات الكبرى التي لم تتأخّر عن نهج طريق أكثر أماناً للحدّ من سلطة الدولار، فاعتمدت الصين وروسيا التعامل فيما بينها بالعملتين المحلّيتين الروبل واليوان، وكذلك في التعامل بين الصين وإيران، وإيران وروسيا، وتركيا وروسيا، فجميعها اتجهت نحو عقود بالعملات المحليّة بما يحرم الولايات المتّحدة من عوائد استخدام الدولار، فالدول لم تعد بحاجة للحصول على الدولار لتسديد ثمن استيراداتها، وخاصة من النفط والغاز الذي يشكّل جزءاً كبيراً من حجم التجارة العالمية، فضلاً على أن ذلك سيسهّل عمليّة تصدير واستيراد النفط والمنتجات الأخرى للدول التي تخضع للعقوبات الأمريكية والأوروبيّة.

في الوقت ذاته تعبّر المملكة العربية السعودية، وهذا يعني في نفس الوقت بقية دول الخليج المصدّرة للطاقة، عن رغبتها لعقد اتفاقيّات لتصدير النفط والغاز إلى الصين باليوان الصيني، وربما وجدت هذه الدول أنها في لحظة تاريخية يجب اقتناصها للخروج او للتخفيف من الهيمنة الأمريكيّة على ثرواتها و مقدراتها، وأعتقد أنها وجدت في هذا الوقت اللحظة التاريخية للأسباب التالية:

أولاً: تقديرها أنّ الولايات المتّحدة لن تكون قادرة على احتلال دول النفط الخليجيّة، كما هو الاعتقاد السائد، في هذا الوقت الذي ينتفض فيه العالم بكلّ مقدراته ضد الحرب الروسيّة على أوكرانيا، من جهة، وتعميق أزمة النفط الحالية، من جهة ثانية، مع تقديرنا أن مبرّرات حرب روسيا على أوكرانيا أقوى من مبرّرات أيّ حرب قد تشنّها الولايات المتّحدة الأمريكيّة ضد دول الخليج إذا خطت نحو تحرير ثرواتها القومية.

ثانياً: تقدير دول الخليج أن ملامح الأفول الأمريكي قد بدأ، فالصين تقترب من التربّع على عرش الاقتصاد العالمي، وهي تتشارك التنسيق مع اقتصاديات كبرى لعصر ما بعد الهيمنة الأمريكيّة.

ثالثاً: الخطوة الروسية الجريئة في اتخاذ قرار الحرب على أوكرانيا غير مكترثة بالتحذيرات والعقوبات، ووقوف الولايات المتّحدة وحلفها شبه مكتوفي الأيدي، مما يعطي مؤشرات قوية أن العالم لم يعد أحاديّ القطبيّة.

وإذا كانت هناك علائم ليوم القيامة، فأنا أعتقد أن أحد أهمّ معالم انهيار الدولار والقطبية الواحدة هو امتناع المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات العربية المتّحدة عن الرد على الاتصال الهاتفي للرئيس الأمريكيّ جو بايدين، ومن ثمّ اتجاههما لعقد صفقات مع الصين بالعمّلة المحليّة، فكما هو معروف فإن هذه الدول بحاجة إلى هامش كبير من الأمان قبل أن تفكر في أن تتّخذ خطوة كهذه.

العالم في حالة مخاض، وما بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا ليس كما قبلها، والدولة الروسيّة التي تقف اليوم ضد الولايات المتّحدة وأدواتها المهيمنة على كافّة مفاصل النظام العالميّ هي وريثة الاتحاد السوفييني الذي رفع العلم السوفييتي فوق الرايخستاغ في برلين في أيار من عام ١٩٤٥ كعنوان لانتصار العالم على نازية ألمانيا، فهل هي في اتجاه رفعه اليوم في أوكرانيا انتصاراً على نازيّة الدولار !

 

**ملاحظة المحرر: تعكس المقالة وجهة النظر الشخصية للكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة.

التصنيفات: مقالات مُختارة
بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *