Saturday 20th April 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

جائحة كورونا والعنف ضد المرأة

منذ 4 سنوات في 01/أغسطس/2020

شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

بقلم: دكتورة كريمة الحفناوى

#كريمة_الحفناوى: ناشطة سياسية وقيادية في حركة كفاية، وعضو مؤسس بالحزب #الاشتراكي_المصري وجبهة نساء #مصر، عضو حملة الحريات #النقابية والدفاع عن حقوق العمال، وعضو لجنة #الدفاع عن الحق فى الصحة – مصر، وعضو متقدم ناشط  في #الأتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب #أصدقاء_وحلفاء #الصين.

تمكنت الحركة النسائية المصرية على مدى قرن من الزمان من تحقيق العديد من الإنجازات والمطالب، التى غيرت بشكل جذرى من نمط حياة النساء عبر رحلة تقاطعت فيها المطالب الوطنية من أجل التحرر من الاستعمار، مع نضالهن من أجل حقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية. 

 وتضافرت مسيرة نضال المرأة المصرية مع مسيرة نضال النساء فى كل دول العالم من أجل نيل حقوقهن فى التعليم والترشح والانتخاب ومن أجل المساواة بين الرجل والمرأة فى قانون العمل (الأجر المتساوى عن العمل المتساوى) وتوجت نضالاتهم بإصدار الأمم المتحدة للاتفاقية 189 لحماية العاملات فى المنازل وسن قوانين تضمن حقوقهن الاجتماعية من معاشات وتأمين صحى. 

 كما أصدرت الأمم المتحدة “الاتفاقية (190) للقضاء على العنف فى عالم العمل” وذلك فى شهر يونيو 2019 والتى نطالب الدول بالتصديق عليها لسن تشريعات لمواجهة العنف والتحرش الذى يقع على العمال والعاملات فى عالم العمل. وجاء فى بنود الاتفاقية أنها “تحمى العمال والأشخاص بغض النظر عن وضعهم التعاقدى وفى جميع القطاعات الخاصة والعامة على السواء فى الاقتصاد المنظم وغير المنظم ( العمالة غير المنتظمة) وسواء فى المناطق الحضرية أو الريفية”.

وبجانب جرائم العنف التى ذكرناها ضد المراة نجد “العنف الجنسى المرتبط بالنزاعات المسلحة” وعن هذا الموضوع كشف التقرير السنوى لمجلس الأمن الدولى لضحايا العنف فى النزاعات المسلحة عن ارتكاب نحو 3 آلاف حالة من حالات العنف الجنسى المرتبطة بالنزاعات والتى تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة على مدار عام واحد. ووصفت المسئولة الأممية العنف الجنسى بأنه “جريمة تمزق النسيج الذى يربط المجتمعات معا، تاركا التماسك الاجتماعى وشبكات الأمان. إنه سلاح بيولوجى وسلاح نفسى وتعبير عن هيمنة الذكور على النساء، وجماعة على أخرى، العنف الجنسى المرتبط بالنزاعات جريمة تعيق قضية المساواة بين الجنسين. إن المزيد من المساواة يعنى استقرارا اجتماعيا أكبر.”.

ولننتقل معا السادة القراء والسيدات القارئات إلى شكل آخر من أشكال العنف ضد المرأة وهو “العنف الأسرى” والذى ازداد فى الفترة الأخيرة كنتيجة للإجراءات الاحترازية التى اتُخِذت لمواجهة تفشى فيروس كورونا.

العنف الأسرى 

العنف الأسرى هو أى سلوك يراد به بث الخوف والرعب والتسبب بالأذى النفسى أو الجسدى أو كل مايسبب الإهانة للشخص وإيقاعه تحت أثر التهديد. ويعد العنف الأسرى واحدا من أكبر انتهاكات حقوق الإنسان التى نصت عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتى أكد عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان كما أكدت عليها المبادىء الدستوريه فى كل دولة الخاصة بالحقوق والحريات والواجبات العامة والتى تنص على أن الكرامة حق لكل إنسان لايجوز المساس بها، وأن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وأن المواطنون سواء لدى القانون لاتمييز بينهم وتؤكد على المساواة بين المرأة والرجل. فى كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

وينبغى الإشارة إلى أن العنف الأسرى والذى يتم ارتكابه بين أفراد الأسرة داخل المنازل موجود منذ الأزل وقبل تفشى فيروس كورونا وله العديد من الأسباب فالعنف الذى تتعرض له المرأة داخل الأسرة فى العديد من المجتمعات يكون لأسباب كثيرة على رأسها الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والفقر تلك الأوضاع الى تولد شعورا بالتوتر والقلق والعصبية لدى أفراد الأسرة ويكون على حساب المرأة. وعلى مستوى العالم أدت السياسات الاقتصادية النيو ليبرالية التى سادت العالم منذ مايقارب 4 عقود إلى زيادة الفجوة الطبقية بين القلة المحتكرة لرأس المال والسلطة والهيمنة وبين بقية فئات المجتمع فازدادت تلك الفئات فقرا ومعاناة ووقع ذلك على المرأة بشكل أكبر من الرجل نتيجة لعدة أسباب منها التمييز ضد المرأة فى العمل والأجور فأجر المرأة دائما أقل من أجر الرجل عن نفس العمل بجانب أن نسبة البطالة بين النساء أضعاف نسبة البطالة بين الرجال وفى أوقات الأزمات يتم تسريح النساء من العمل دون مراعاة أن عددا كبيرا من النساء معيلات لأسرهن.

ومن الأسباب الأساسية لازدياد العنف الأسرى فى معظم المجتمعات وخاصة المجتمعات العربية سيادة ثقافة مجتمعية متخلفة ثقافة ظلامية ومتشددة وتقوم على استخدام تفسيرات لنصوص دينية لتبرير العنف ضد المرأة ثقافة تؤسس لاضطهاد المرأة تنشرها وتعمل بها الجماعات الدينية المتشددة والمتطرفة والتى تعتبر المرأة كائنا تابعا للرجل من أجل المتعة وتعتبرها وعاءً للإنجاب عليها طاعة الزوج وتربية الأبناء فقط دون المطالبة بأية حقوق مثل حق العمل والتعليم والميراث.

 قبل تفشى الفيروس أشارت إحدى المؤسسات التى تتبع الأمم المتحدة إلى أن 243 مليون إمرأة (15 -49عاما) حول العالم تعرضن خلال الإثنى عشر شهرا الماضية لعنف جسدى أو جنسى من قبل شريك الحياة أو أحد افراد العائلة. وبالتأكيد هذه الإحصائية أقل من الحقيقة لأن الثقافة المجتمعية فى العديد من الدول ومنها الدول العربية تحول دون الإبلاغ عن العنف المنزلى أو طلب المساعدة، وتشير الإحصاءات إلى أن 40% فقط من النساء اللواتى يتعرضن للعنف الأسرى يطلبن المساعدة وأن 10% فقط من النساء التى تطلب المساعدة يتقدمن ببلاغ لدى قسم الشرطة ضد من اعتدى عليهن.

وبعد تفشى فيروس كورونا ومع تنفيذ إجراءات احترازية لمواجهة الفيروس منها التباعد الاجتماعى، وإغلاق المدارس والجامعات وأماكن التجمعات من نوادى ومطاعم وكافيتريات ووقف الطيران والسياحة مما أدى للوجود فى المنزل بشكل مستمر ومع فقدان الملايين حول العالم لوظائفهم واحتدام الأزمة الاقتصادية ازداد التوتر والقلق والخوف من المستقبل، فازداد العنف الواقع على النساء والفتيات وأصبح الإبلاغ عن العنف أوطلب المساعدة فى ظل هذه الظروف أكثر صعوبة وتعقيدا. 

وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن واحد من كل أربعة دول حول العالم لاتتوفر فيها قوانين لحماية النساء من العنف الأسرى وتقدر منظمة الامم المتحدة التكلفة العالمية للعنف ضد المرأة قبل جائحة فيروس كورونا 1,5 تريليون دولار أمريكى وتتصاعد التكلفة فى ظل زيادة العنف عقب تفشى فيروس كورونا المستجد.

فى 20 مارس 20 20 صدر بيان عن المديرة التنفيذية للأمم المتحدة (فومزيل ملامبو نجوكا) أشار إلى أن من آثار العزل المنزلى لجائحة كورونا زيادة العنف الأسرى والاستغلال الجنسى،  وأن 137 امرأة يتم قتلها يوميا على يد أحد أفراد أسرتها التى طبقت العزل الاجتماعى، هذا بجانب تزايد الإبلاغ عن وقائع عنف منزلى إلى ثلاثة أضعاف ماقبل جائحة كورونا.

وإذا انتقلنا يا سادة لبعض الأمثلة فى عدد من الدول الغربية والعربية، ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة والمنظمات المعاونة لها، نجد أنه فى الولايات المتحدة الأمريكية تقول لنا رئيسة التحالف الوطنى ضد العنف المنزلى “10 ملايين شخص فى الولايات المتحدة الأمريكية يتعرضون للعنف الجسدى وتتعرض إمرأة من كل أربع نساء ورجل من كل سبعة رجال لعنف جسدى على يد شريك حميم كما ترتكب فى كل ساعة 80 حالة اغتصاب. أما فى فرنسا نجد أن 80 % من النساء يتعرضن للاغتصاب  ويزداد العنف الأسرى فى ألمانيا وبلجيكا وبقية الدول الأوربية.

وإذا انتقلنا للعالم العربى، ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة أن 37% من النساء تعرضن لعنف جسدى أو جنسى لمرة واحدة على الأقل فى حياتهن، وأن 6 من كل 10 نساء معنفات لايخبرن أى جهة عن معاناتهن وأن العنف ضد المرأة ازداد إلى ثلاثة أضعاف بعد جائحة الكورونا، ويزداد العنف فى دول العراق ومصر والسعودية والسودان، كما يزداد العنف ضد المرأة فى أماكن الصراعات والحروب. 

 وفى الخامس من إبريل 2020 دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش إلى حماية النساء والفتيات من العنف الأسرى وسط تقارير عن تزايد حالات العنف المنزلى والأسرى خلال فترة الحجر الصحى على خلفية تفشى وباء فيروس كورونا المستجد. 

 وقال جوتيرش “إن العنف لايقتصر على ساحات المعارك وأضاف بالنسبة للعديد من النساء والفتيات فإن أكثر مكان يلوح فيه خطر العنف المنزلى هو المكان الذى يفترض به أن يكون واحة الأمان لهن إنه المنزل”. وأوضح الأمين العام أنه على مدى الأسابيع الماضية مع تصاعد الضعوط الاقتصادية والاجتماعية وتنامى المخاوف شهدنا طفرة مروِّعة فى العنف المنزلى وأضاف إن منع العنف ضد المرأة وجبر الضرر الواقع لابد وأن يكون جزءا من الخطط الوطنية للتصدى للفيروس.

وفى ظل جائحة فيروس كورونا المستجد واستمرار العزل وساعات الحظر الطويلة يصعب الإبلاغ عن حالات العنف، لذا لابد من إنشاء أنظمة وآليات طارئة فى الصيدليات ومحلات البقالة (وهى الأماكن المفتوحة فى ظل الحظر لتقديم خدمات العلاج والغذاء)، بجانب أقسام الشرطة والمنظمات والمؤسسات العاملة فى مجال حقوق لمرأة ليمكن الوصول إليها أو الاتصال والتواصل معها للإبلاغ عن العنف. بجانب اهتمام السلطات المختصة بسرعة الاستجابة ومواجهة الخطر الواقع على المرأة والعمل على حمايتها مع تفعيل وتنفيذ القوانين والعقوبات الرادعة على مرتكبى العنف ضد المرأة، لضمان الاستقرار الأسرى والمجتمعى فى هذه الفترة العصيبة التى يمر بها العالم وتمر بها الإنسانية والتى تحتاج تكاتف كل الجهود لمجابهة الفيروس القاتل ولمواجهة آثاره الاقتصادية والاجتماعية.

إن تضييق الفجوة بين الجنسين، والسعى إلى مشاركة المرأة فى بناء المجتمع، يعمل على النمو والتقدم والنهضة بالمجتمع.

  • التدقيق والتحرير: مروان سوداح.
  • مراجعة ونشر: عبد القادر خليل.
التصنيفات: مقالات

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *