شبكة طريق الحرير الإخبارية/

الكويت والصين على طريق الحرير

بقلم: عبدالله تركي التركي

*قنصل عام دولة الكويت لدى جمهورية الصين الشعبية – مدينة كوانزو

بمناسبة مرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة “الحزام والطريق” الصينية اتقدم لجمهورية الصين الشعبية الصديقة حكومة وشعبًا بأطيب التمنيات بمزيد من التقدم والازدهار.

على الرغم من اختلاف التقاليد والأنظمة السياسية، ‏تجمع دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية علاقات تاريخية وثيقة ومتجذرة، وتعد دولة الكويت أول دولة خليجية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين.

كانت دولة الكويت محورًا حيويًا في طريق الحرير القديم ولعبت دورًا مهمًا في تعزيز التجارة بين آسيا وأوروبا وبين الشرق والغرب من خلال هذا الطريق الذي لم يكن طريقًا لنقل التجارة فقط، بل كان جسرًا لنقل التراث والثقافة والتاريخ، وتولي دولة الكويت اهتمامًا بالغًا بمبادرة “الحزام والطريق” التي تتوافق كليًا مع رؤية الكويت 2035 وتعتبر مبادرة تقوم على مبادئ التعاون المشترك وخدمة البشرية، فدولة الكويت من أوائل الدول التي وقعت على وثيقة التعاون بشأن بناء “الحزام والطريق”.

دولة الكويت لديها أربعة بعثات دبلوماسية في جمهورية الصين الشعبية، والذي يعد أكبر تمثيل دبلوماسي لدولة الكويت في الخارج، مما يعكس مدى عمق ومتانة العلاقات التي تجمع بين البلدين، حيث افتتحت سفارة دولة الكويت في بكين في يونيو 1972 ، والقنصلية العامة في هونج كونج في سبتمبر 1999 ، والقنصلية العامة في كوانزو فى فبراير 2008 ، والقنصلية العامة في شنغهاى في سبتمبر 2019 .

ارتقت العلاقات بين البلدين خاصة بعد الزيارة التاريخية التي قام بها حضرة صاحب السمو أمير البلاد الراحل الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، إلى العاصمة الصينية بكين في شهر يوليو 2018، والتي شكلت انطلاقة كبيرة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين والتي توجت بإقامة الشراكة الاستراتيجية الكويتية الصينية.

كما اتفق الجانبان على تعزيز المواءمة بين رؤية الكويت التنموية 2035 ومبادرة الحزام والطريق خلال زيارة معالي وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء السابق الشيخ الدكتور/ أحمد ناصر المحمد الصباح، حفظه الله، والوفد المرافق له إلى جمهورية الصين الشعبية في يناير 2022، واجتماع معاليه مع معالي السيد/ وانغ يي، وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية السابق.

هذا ويعمل الجانبان على ترجمة رؤى القيادات السياسية وتنفيذ مخرجات المباحثات الرسمية التي أجراها ممثل سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد، الشيخ/ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، سيدي سمو ولي العهد الشيخ/ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، مع فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية / شي جين بينغ على هامش القمة الخليجية الصينية التي عقدت في 9 ديسمبر 2022 في العاصمة السعودية الرياض.

تتطلع قيادتي البلدين لدفع التعاون الثنائي وتحقيق الأهداف المرجوة في شتى المجالات وخاصة فيما يتعلق في ميناء مبارك الكبير الذي سيكون نموذجًا بارزًا يعكس مدى التوافق بين رؤية الكويت 2035 ومبادرة “الحزام والطريق”.

ولعل خير أمثلة تبلور التعاون الثنائي بين البلدين توقيع الشيخ / على جابر الأحمد الصباح المحافظ السابق لمحافظة العاصمة في الكويت والسيد / تشين جيان خوا الحاكم السابق لمدينة كوانزو اتفاقية توأمة بين محافظة العاصمة ومدينة كوانزو في إبريل 2012.

ترتقي العلاقات الاقتصادية بين البلدين عامًا بعد عام، وتعتبر الصين الشريك التجاري الأكبر لدولة الكويت، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو  22.1 مليار دولار أمريكي في عام 2021، هذا وتحتل دولة الكويت المركز الثامن كأكبر الدول المصدرة للنفط إلى الصين، حيث بلغت قيمة صادرات النفط الخام الكويتية إلى الصين خلال عامي 2020-2021 ما يقارب 9.1 مليار دولار أمريكي.

‏كما أود الإشارة إلى النشاط المثمر للهيئة العامة للاستثمار في الصين والتي افتتحت مكتبها في مدينة شانغهاي في عام 2018 ليكون ثاني مكتب خارجي للهيئة يتم افتتاحه بعد مكتبهم في العاصمة البريطانية لندن دلالة على عزم دولة الكويت على الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية مع الصين، هذا وقد بلغت استثمارات الهيئة في الصين نحو 37 مليار دولار، بالإضافة إلى نشاط الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في جمهورية الصين حيث قدم نحو 40 قرض لعدة مشاريع متنوعة بلغ إجماليها أكثر من مليار دولار.

كما أود التنويه على الجهود المبذولة من هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت من خلال تشجيع وتسهيل دخول الشركات الصينية في الأسواق الكويتية فهناك ما يقارب 120 شركة صينية تعمل في مشاريع متنوعة في دولة الكويت ويبلغ حجم مشاريعها 21 مليار دولار أمريكي، كما بلغ حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في دولة الكويت نحو ما يقارب 500 مليون دولار حتى عام 2021.

يهتم كلا البلدين بتعزيز التعاون في المجالات الثقافية، ففي مارس 2018 تم افتتاح المركز الصيني للتبادلات الثقافية في دولة الكويت لتعزيز التبادلات والتفاهم بين شعبي البلدين ولترويج الثقافة الصينية في دولة الكويت والدول الخليجية، وفي يوم 06/12/2021 تم إقامة حفل افتتاح الجناح الخاص بدولة الكويت في مكتبة كوانزو، حيث قامت القنصلية العامة في كوانزو بتزويد مكتبة كوانزو بالكتب والإصدارات الكويتية الهامة بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الكويتية، وذلك تعزيزًا للتعاون الثقافي بين البلدين الصديقين وتوطيدًا لأواصر الصداقة بين الشعبين ولجذب القراء الصينيين للاطلاع ومعرفة المزيد عن تاريخ دولة الكويت وموروثها الثقافي والحضاري وتراثها الشعبي وأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية.

‏حققت الصين إنجازات تاريخية وشهدت تغيرات جذرية وفقًا لتوجيهات فخامة الرئيس الصيني/ شي جين بينغ، وأهمها بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ومبادرة “الحزام والطريق” ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، هذا وتجلب الصين العديد من الفرص التنموية الجديدة للعالم أجمع وتتكاتف مع كافة الدول لمواجهة مختلف التحديات وممارسة التعددية وحماية العدل والالتزام بالتعاون وتوسيع الانفتاح،

‏ومن أبرز الأمثلة على قوة الاقتصاد الصيني، ففي عام 2021 وعلى الرغم من تداعيات جائحة كورونا حققت الصين إنجازات باهرة حيث تجاوز إجمالي الناتج المحلي الصيني حاجز الـ 100 تريليون يوان صيني، وتم تخليص 98.99 مليون نسمة من السكان الفقراء من الفقر المدقع وتحقق هدف القضاء على الفقر المدرج في أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة وذلك قبل الموعد المحدد له بـ 10 سنوات.

إني على ثقة تامة بأن دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية ستواصلان تعميق التعاون في مختلف المجالات وتعزيز الشراكة الاستراتيجية تحت رعاية وتوجيهات سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد، الشيخ/ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، وسيدي سمو ولي العهد الشيخ/ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، وفخامة الرئيس الصيني/ شي جين بينغ.

*عبدالله تركي التركي، مواليد 24 يناير 1973، حاصل على بكالوريوس علوم سياسية.

1999- 2002 عين في وزارة الخارجية بتاريخ 3 يوليو 1999 ملحق دبلوماسي في إدارة الوطن العربي.

2002 – 2006 عين سكرتير ثالث في سفارة دولة الكويت لدى المملكة المغربية.

2006 – 2009 عين سكرتير أول سفارة دولة الكويت والبعثة الدائمة لدى المنظمات الدولية في فيينا.

2009 – 2012 عمل في إدارة مكتب معالي وزير الخارجية في وزارة خارجية دولة الكويت بدرجة سكرتير أول ثم نال درجة مستشار دبلوماسي في عام 2012.

وفي عام 2010، شارك في الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

2012 – 2016 عين مستشار – دبلوماسي في سفارة دولة الكويت لدى الإمارات العربية المتحدة.

2016 – 2020 عين مستشار – دبلوماسي في سفارة دولة الكويت لدى مملكة تايلاند.

2021 – 2022 عين نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا بدرجة وزير مفوض.

2022 حتى الآن قنصل عام دولة الكويت لدى جمهورية الصين الشعبية – مدينة كوانزو.