Friday 29th March 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الصين وأفريقيا 2021.. وميلاد حقبة جديدة من التعاون

منذ 3 سنوات في 12/يناير/2021

خاص بشبكة طريق الخرير الصيني الإخبارية/

 

الصين وأفريقيا 2021.. وميلاد حقبة جديدة من التعاون

 

بقلم: عادل علي*

*الكاتب: إعلامي وباحث في الشؤون الصينية – مصر

 

 ابتكرت الصين في يناير عام 1991، وفي خضم تغيرات عميقة كان يموج بها العالم مع نهاية حقبة الحرب الباردة – نهجا دبلوماسيا جديدا – آنذاك – مفاده “أفريقيا أولا”، بقيام وزراء خارجيتها بجعل أفريقيا المحطة الأولى لزياراتهم الخارجية مع بداية كل عام جديد. وقد مثل هذا النهج، الذي يعكس الأهمية الكبرى التي توليها الصين لعلاقاتها العميقة مع القارة الأفريقية، مدفوعا بأبعاد أخرى، رؤية استراتيجية واستشرافية تمخض عنها فوائد ومكاسب جمة للطرفين، جعلت العلاقات الصينية – الأفريقية يُنظر إليها باعتبارها نموذجا فريدا للتعاون الدولي الذي يحقق نتائج إيجابية لطرفيه، الصين وأفريقيا، حيث تلتزما – باعتبارهما أكبر دولة نامية وأكبر قارة نامية – في علاقاتهما بمبدأ المنفعة المتبادلة والتعاون المربح على أساس المساواة والاحترام. ومع ذلك، فهما بحاجة إلى المزيد من الخطوات المستقبلية في مواجهة التحديات المستجدة.

 

 فخلال الفترة من 4-9 يناير 2021، وسيرا على نهج نظرائه السابقين طيلة العقود الثلاثة الماضية، قام عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي بجولة أفريقية مهمة، شملت زيارة خمس دول، وهي: نيجيريا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، بوتسوانا، تنزانيا، وسيشل. وهي الزيارة الحادية والثلاثين على التوالي التي يقوم بها وزراء خارجية الصين المتعاقبون إلى أفريقيا في بداية العام الجديد منذ عام 1991.

 

 واللافت للنظر أن الجولة جاءت في ظل ظروف استثنائية شهدتها كل من الصين وأفريقيا – ومعهما العالم – خلال العام الماضي. في ضوء تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد -19)، وما ترتب عليه من تداعيات على شتى مناحي الحياة في جميع دول العالم، طالت – بالطبع – الصين وأفريقيا، وإن تباينت درجة الاستجابة لهذه التحديات من جانبهما. حيث نجحت الصين بدرجة كبيرة في التعامل مع تأثيرات (كوفيد -19)، سواء لجهة الحد من أعداد الإصابات بالفيروس أو لجهة استعادة التعافي الاقتصادي، في الوقت الذي مازالت القارة الأفريقية تعاني اقتصاديا واجتماعيا من المرض.

 

 وقد كان لهذه الظروف الاستثنائية المشار إليها ارتباطا وثيقا بأهداف الجولة. حيث كشفت تصريحات وزير الخارجية الصيني وانغ يي، لدى زيارته لنيجيريا، عن أهداف زيارته إلى الدول الأفريقية الخمس، في إطار الجهود المشتركة للصين وأفريقيا لبناء مجتمع مصير مشترك أوثق، وهي: دعم أفريقيا في حربها ضد مرض (كوفيد -19)، دعم أفريقيا في تسريع التعافي الاقتصادي، دعم الارتقاء بالتعاون الصيني – الأفريقي لتحقيق جودة أعلى، علاوة على دعم أفريقيا في تعزيز نفوذها الدولي.

 

 ولتحقيق الأهداف المشار إليها، أطلقت الصين خلال العام 2020، العديد من المبادرات الهادفة إلى مساعدة الدول الأفريقية على مواجهة التحديات التي تعرضت لها القارة الأفريقية، ولاسيما تلك الناجمة عن مرض (كوفيد -19) وتداعياته. فقد مثل المرض متغيرا جديدا وطارئا في العلاقات بين الصين وأفريقيا، من خلال جهودهما المشتركة لمكافحة الفيروس. حيث قامت الصين بتزويد أفريقيا بكميات كبيرة من المواد المضادة للوباء، فقدمت مواد لمكافحة المرض إلى 53 دولة أفريقية والاتحاد الأفريقي، وأرسلت فرقا طبية إلى 15 دولة أفريقية. وفي أواخر العام الماضي، بدأت الصين في المساعدة في بناء المقر الرئيسي للمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها قبل الموعد المحدد، التزاما منها بالوعد الذي قطعته في القمة الصينية – الأفريقية الاستثنائية بشأن التضامن في مكافحة (كوفيد -19).

 

 وخلال الجولة الأفريقية، أبدت الصين استعدادها لتطبيق نتائج القمة، ومواصلة تقديم المساعدات الطبية إلى الدول الأفريقية المحتاجة، وإرسال فرق تضم خبراء طبيين، وتبادل الخبرة في التشخيص والعلاج، ودعم التعاون بين المستشفيات في الجانبين، وتحسين قدرات الاستجابة الطارئة لحالات الصحة العامة الطارئة في أفريقيا، بجانب الالتزام بتوفير اللقاحات لدول القارة. وقد عبرت تصريحات وزير الخارجية الصيني في الدول الأفريقية الخمس التي شملتها الجولة عن استعداد الصين لمواصلة تعزيز التعاون في مكافحة مرض (كوفيد -19) مع هذه الدول، وهو الأمر الذي قوبل بالترحيب والإشادة من جانب قادة ومسئولي هذه الدول.

 

 والحال كذلك بالنسبة لهدف دعم أفريقيا في تسريع التعافي الاقتصادي. ففي إطار مساعدة أفريقيا على تحمل آثار وباء (كوفيد -19)، وقعت الصين اتفاقيات لتخفيف أعباء الديون مع 12 دولة أفريقية، كما قامت بإعفاء 15 دولة أفريقية من سداد القروض المعفاة من الفوائد والمستحقة بحلول نهاية عام 2020، وهي الخطوة الأهم في إطار تخفيف الديون من بين أعضاء مجموعة العشرين. وخلال الجولة، أبدت بكين استعدادها للقيام بترتيب “مسار سريع” للتبادلات الشعبية مع الدول الأفريقية المحتاجة، ودعم استئناف مشروعات التعاون الكبرى في أفريقيا بطريقة منظمة، وتسريع التعاون في إطار البناء المشترك للحزام والطريق، ومساعدة أفريقيا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وحماية التوظيف وتحسين معيشة الشعوب، كما رحبت بالإطلاق الرسمي لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وأعلنت اعتزامها تشجيع شركاتها على زيادة الاستثمار في أفريقيا، ودعم الجهود الأفريقية لتعزيز التصنيع وتحقيق التنمية المستقلة والمستدامة. 

 

 وفي إطار التعاون الصيني – الأفريقي، خاصة في ظل مبادرة الحزام والطريق، وقعت الصين والاتحاد الأفريقي في ديسمبر 2020 على اتفاقية لتعزيز مبادرة الحزام والطريق في أفريقيا، بما يؤدي إلى موائمة المبادرة مع أجندة أفريقيا لعام 2063، وهي الخطة الموضوعة لتحويل أفريقيا إلى قوة عالمية في المستقبل.

 

 وبانضمام جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوتسوانا، بتوقيعهما خلال زيارة وزير الخارجية الصيني لهما، على مذكرة تفاهم مع الصين بشأن البناء المشترك للحزام والطريق، فقد أصبح عدد الدول الأفريقية (بجانب الاتحاد الأفريقي) الموقعة مع الصين على وثائق بشأن المبادرة 46 دولة، وهو ما يمثل حوالي ثلث إجمالي عدد الدول والمنظمات الدولية الموقعة على المبادرة.

 

 وبخصوص هدف دعم الارتقاء بالتعاون الصيني – الأفريقي لتحقيق جودة أعلى، فمن المعلوم أن عام 2020 صادف الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني – الأفريقي (فوكاك)، والذي حققت الدول الأفريقية من خلاله مكاسب مهمة. ففي إطاره قامت الصين وأفريقيا بصياغة وتنفيذ “خطط التعاون الرئيسية العشر” و”الإجراءات الثمانية الرئيسية”، وقد نجحت هذه الخطط في مساعدة الدول الأفريقية على بناء أكثر من 6 آلاف كيلو متر من السكك الحديدية، وأيضا 6 آلاف كيلو متر من الطرق، وبناء ما يقرب من 20 ميناء وأكثر من 80 منشأة كهربائية ضخمة، وشيدت الصين ما يزيد على 130 منشأة طبية، و45 ناديا رياضيا، وأكثر من 170 مدرسة في أنحاء أفريقيا، وأرسلت 21 ألف فرد من الكوادر الطبية إلى 48 دولة أفريقية، وقامت بعلاج حوالي 220 مليون مريض أفريقي. كما تضاعف حجم التجارة بين الصين وأفريقيا 20 مرة، وتضاعف الاستثمار الصيني المباشر في القارة 100 مرة.

 

 وقد تجاوز معدل التطبيق الشامل لنتائج قمة بكين 2018 لمنتدى التعاون الصيني – الأفريقي 70 في المائة. ونظرا لأن عام 2021 هو العام الأخير في تطبيق نتائج هذه القمة، فقد تمثل أحد أهداف الجولة في دفع تطبيق التوافق المهم الذي توصل إليه الرئيس الصيني شي جين بينغ والزعماء الأفارقة خلال القمة المشار إليها وكذلك خلال القمة الصينية – الأفريقية الاستثنائية بشأن التضامن ضد (كوفيد -19). وقد توصلت الاجتماعات التي عقدها وزير الخارجية الصيني مع زعماء ووزراء خارجية الدول الخمس إلى توافقات واسعة بهذا الصدد، ودفع الصداقة التقليدية بين الجانبين إلى الأمام وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة.

 

 وبجانب الأهداف السابقة، تدعم الصين أيضا أفريقيا في تعزيز نفوذها الدولي، فخلال الجولة، أبدت بكين – على لسان وزير الخارجية – استعدادها لتعزيز التواصل الاستراتيجي مع أفريقيا في القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية، ورفع راية التعددية عالميا، وحماية المصالح المشتركة للدول النامية، ومعارضة التدخل الخارجي، والدفاع عن الإنصاف والعدل، والسعي بقوة لنظام دولي أكثر عدالة يرتكز على القانون. كما تؤكد الصين على أن أفريقيا ساحة للتعاون الدولي وليست ساحة للمنافسة بين القوى العظمى. وأبدت استعدادها لدعم التعاون الثلاثي أو متعدد الأطراف مع أفريقيا بهدف القيام بدور بناء في دعم السلام والتنمية في أفريقيا.

 

 لقد جرت مياه كثيرة في نهر علاقات الصداقة بين الصين وأفريقيا خلال المراحل والحقب التاريخية العديدة التي مرت بها منذ انطلاقها، والتي كانت شاهدة على الارتباط العميق بين الجانبين في السراء والضراء، فهذه العلاقات – وفقا للوزير وانغ – صمدت أمام اختبار الزمن وأصبحت أقوى من ذي قبل، وأنه عندما كانت أفريقيا في الماضي تسعى من أجل الاستقلال والتحرر الوطنيين، كانت الصين وأفريقيا رفيقتان في السلاح تتشاركان نفس المصير وأسستا علاقات صداقة عميقة. فما سبقت الإشارة إليه من مبادرات ومواقف صينية تجاه أفريقيا يُعد مجرد غيض من فيض من قائمة طويلة لا تنتهي من المكاسب التي عادت على أفريقيا جراء تعاونها مع الصين، وهو التعاون الذي لم يكن مرتبطا في يوم من الأيام بأية اعتبارات سياسية، ناهيك عن التدخل في الشئون الداخلية لأفريقيا.

 وقد بدا ذلك واضحا خلال الجولة التي أكدت مجددا على ثوابت الدبلوماسية الصينية تجاه العالم بصفة عامة، وتجاه أفريقيا بصفة خاصة، والمتمثلة في: احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، المساواة في السيادة بين الدول كبيرة كانت أم صغيرة، دعم الدول في حماية سيادتها الوطنية واستقلالها وسلامة أراضيها، دعم الجهود التنموية للدول وفقا لظروفها الخاصة، دعم التعددية القطبية ورفض الأحادية والحمائية والتنمر في العلاقات الدولية.

 

 على الرغم من النتائج الإيجابية والمكاسب المهمة التي تحققت لكل من الصين وأفريقيا جراء علاقات الصداقة التقليدية القائمة بينهما والتعاون المشترك المرتكز على أساس الفوز للجميع، فإنه مازال أمام الجانبين طريق طويل وشاق للوصول بعلاقاتهما إلى آفاق أكثر رحابة وفائدة لشعوبهما.

 

 ومع ذلك، فإن بداية العام الأول من العقد الثالث للألفية الثالثة، شهدت خطوات تشي بأن العلاقات الصينية – الأفريقية ينتظرها مستقبل مشرق. إذ تم التدشين الرسمي لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي تغطي أكثر من 1.2 مليار نسمة في الأول من يناير، وهي توفر فرصة ذهبية للصين وأفريقيا للاستفادة من إمكاناتهما الاقتصادية الهائلة، من خلال توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني – الأفريقي ليشمل مجالات أوسع، بما يدفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأفريقيا إلى مستوى أعلى.  

 

 ليس هذا فحسب، وإنما اقترحت الصين خطة من سبع نقاط (مبادرات) لتطوير التعاون الصيني – الأفريقي، وهي المقترحات التي تُعد – من وجهة نظري – النتيجة الأبرز لجولة وزير الخارجية الصيني الأخيرة إلى أفريقيا، وتتمثل في:

أولا، تعزيز التعاون الصحي والعمل مع أفريقيا لدحر مرض (كوفيد -19) والبناء المشترك لـ “أفريقيا صحية”.

ثانيا، تعزيز التعاون بشأن قدرات الإنتاج وتطوير التعاون الصيني – الأفريقي في إقامة المشروعات ليصبح أكثر تكتلا وأوسع نطاقا وأكثر تصنيفا وأكثر توجها للوفاء بالمتطلبات المحلية والبناء المشترك لشعار “صُنع في أفريقيا”.

ثالثا، تعزيز الارتباطية المحلية واستكشاف آفاق التعاون الصيني – الأفريقي في مجال التجارة الحرة.

رابعا، تعزيز التعاون الزراعي وإقامة تعاون في إنتاج الحبوب وتخزينها ونقلها ومساعدة أفريقيا في دعم أمنها الغذائي وتأمين قدراتها من أجل الاشتراك في بناء “أفريقيا وفيرة المحاصيل”.

خامسا، تعزيز التعاون الرقمي وإفساح المجال كاملا أمام المزايا التكنولوجية الصينية والاشتراك في بناء “أفريقيا رقمية”.

سادسا، إقامة تعاون في مجال حماية البيئة والاشتراك في بناء “أفريقيا خضراء”.

سابعا، تعزيز التعاون الأمني والعسكري ودعم الحلول السياسية للقضايا الحساسة في أفريقيا ومساعدة القارة السمراء على تعزيز قدراتها الخاصة بحفظ السلام ومكافحة الإرهاب والاشتراك في بناء “أفريقيا آمنة”.

 

 ومن الملاحظ أن المبادرات السابقة تشمل أبرز وأهم مجالات التعاون الصيني – الأفريقي، السياسية والاقتصادية والصحية والأمنية والبيئية، وهي مجالات جديدة للتعاون بين الجانبين، تنم عن أن عام 2021 سيشهد ميلاد حقبة جديدة في تاريخ العلاقات بين الصين وأفريقيا، سيكون عنوانها الأبرز الربح المشترك والتغلب على التحديات الطارئة والمستجدة، ومما يعضد تلك الرؤية ليس فقط الإدراك المتبادل من جانب كل من بكين ودول القارة السمراء لما يواجهانه من تحديات، وإنما أيضا – وهو الأهم – وفاء الجانب الصيني بتعهداته لدول القارة.

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *