استمرت مدينة شانغهاي، المركز المالي والتجاري العالمي في الصين، في إصلاح سياستها على مدى عقود، وقد حققت المدينة إنجازات مذهلة من خلال تعزيز سياسة الإصلاح والانفتاح واحتضان العالم.
يعني عام 1984 الكثير للمدينة، لأنها أصبحت منذ ذلك العام واحدة من أولى المدن الساحلية المنفتحة في البلاد. وتم إطلاق منطقة هونغتشياو في المدينة، أصغر منطقة تنمية اقتصادية وتكنولوجية على المستوى الوطني في الصين بمساحة 0.652 كيلومتر مربع فقط.
ونظرا لكونها أول “منافس” للاقتصاد المخطط، لم تبدأ المنطقة التي طورتها شانغهاي وهونغ كونغ بشكل مشترك بطريقة سلسة، حيث كان العديد من المستثمرين حذرين بشأن آفاق المنطقة.
وقال ما يوي ليانغ، المدير العام السابق لشركة التنمية المتحدة لمنطقة هونغتشياو للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية: “كنا نؤجر أراضينا للآخرين بأجر سنوي، لكن مثل هذه السياسات غير المؤكدة لا يمكن أن تقنع بها المستثمرين في ذلك الوقت. فمثلا، كان المستثمرون الذين يدفعون التكاليف، يسألون بكل حيرة عن عدد السنوات التي نسمح لهم فيها بإدارة الأعمال؟”
من أجل جذب الاستثمار الأجنبي بشكل أفضل، بدأت شانغهاي في التعلم من هونغ كونغ واعتماد نظام جديد لإيجار الأراضي، يمكن من خلاله أن يؤجر حق استخدام الأراضي لفترة زمنية معينة، ويسمح خلالها بتطبيق الأعمال التجارية. وفي عام 1988، تم تأجير قطعة أرض في منطقة هونغتشياو، مما مثل نجاح أول مناقصة دولية عامة لنقل حقوق استخدام الأراضي في الصين.
وقال وانغ آن ده، النائب السابق لمدير مكتب تأجير الأراضي في شانغهاي: “لقد وضعنا صندوقي مناقصة في هونغ كونغ وشانغهاي. وكنا نفتقر إلى الخبرة في هذا الشأن وحددنا موعدا نهائيا لتقديم العطاءات مدته ثلاثة أيام. ولكن لم يظهر أي شيء في اليومين الأولين، وشعرنا بقلق كبير حتى علمنا أنه بحلول الساعة الـ12 في آخر يوم لتقديم العطاءات، تلقى كل من الصندوقين ثلاث عطاءات، وشعرنا بسعادة وارتياح كبير”.
حققت منطقة هونغتشياو إنجازات ملحوظة في التنمية الاقتصادية منذ ذلك الحين، وعزز استكشافها الناجح في أساليب الإصلاح طموح سلطة المدينة، وسمح لها بالتركيز على تنمية منطقة بودونغ، وهي جزء متخلف في المدينة.
وفي عام 1990، وافقت الصين على تسريع تنمية منطقة بودونغ، وقدمت العديد من السياسات التفضيلية للمناطق الاقتصادية الخاصة. وكانت بودونغ أول منطقة جديدة في البلاد يطبق فيها نظام موحد للاستخدام المدفوع للأراضي.
وكان وانغ يشغل منصب المدير العام الأول لشركة تنمية لوجياتسوي بشانغهاي، ولا يزال بإمكانه أن يتذكر أحد قراراته الجريئة حتى الآن، حيث قدم مبلغ 30 مليون يوان من رأس المال المسجل لشركته إلى المكتب الرئيسي لبنك الشعب الصيني (البنك المركزي) في شانغهاي.
وقال وانغ: “أدى قراري إلى ضجة كبيرة. وقال الموظفون إنني فقدت عقلي عندما أنفقت كل المبلغ. ولكن إذا كنت تريد بناء مركز مالي، فمن كان سيصدقك إذا لم يكن البنك المركزي موجودا؟ طالما نؤسس فرع البنك المركزي في المدينة، سينمو الكنز بشكل طبيعي”.
تحققت رغبات وانغ بعد أكثر من 20 عاما، حيث جذبت منطقة لوجياتسوي المالية أكثر من 6000 مؤسسة مالية داخل الصين وخارجها، وأكثر من 900 منها مرخصة، بما في ذلك البنوك ومؤسسات التأمين والأوراق المالية.
وقال وانغ تشان، رئيس اتحاد شانغهاي لجمعيات العلوم الاجتماعية: “فتحت المدن الساحلية الصينية بوابة جديدة لتنمية شانغهاي. ومن الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق، استخدمنا الانفتاح لدفع تقدم الإصلاح، واكتسبنا خبرات أولية حول كيفية فتح مدن الموانئ. ومن أول منطقة جديدة في شانغهاي إلى منطقة التجارة الحرة الحالية، أدى تعميم سياسات الانفتاح إلى تعزيز الإصلاح والتنمية الإقليمية على مستوى البلاد”.
تم إنشاء المنطقة التجريبية للتجارة الحرة في شانغهاي، وهي الأولى من نوعها في البلاد، وذلك في عام 2013 في منطقة بودونغ، مما دفع التنمية الاقتصادية في المدينة إلى مستوى أعلى.
وبحلول نهاية العام الماضي، استضاف المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات في شانغهاي ثلاث دورات من معرض الصين الدولي للاستيراد. وقد أدخلت المدينة ما يصل إلى 771 مقرا إقليميا للشركات عبر الحدود، بالإضافة إلى 481 مركزا للبحث والتطوير.
*المصدر: سي جي تي إن العربية.