صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
أكد مؤخرا الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال ترؤسه لندوة حول العمل الاقتصادي والاجتماعي بمشاركة خبراء ذي صلة على أن: “المكانة الاقتصادية العالمية للصين ستستمر في الارتفاع وستصبح علاقاتها مع الاقتصاد العالمي أوثق، كما أنها ستوفر المزيد من فرص السوق للدول الأخرى لتصبح بذلك مجالا ضخما لجذب السلع العالمية وموارد العوامل”. كما شدد أيضا على التركيز على تيسير الدورة الاقتصادية الوطنية في سبيل إقامة نمط تنموي جديد، يتخذ من السوق المحلية دعامة أساسية ويسمح للسوقين المحلية والخارجية بالمساهمة في دعم بعضهما البعض مما جذب الانتباه العالمي.
يشعر المراقبون الدوليون الذين يساورهم القلق بشأن اتجاه التنمية في الصين في حقبة ما بعد مرض كوفيد-19 عموما بأن موقف الصين من الانفتاح رفيع المستوى على العالم الخارجي يعتبر بمثابة المعلومات القيمة والإيجابية للتنمية الاقتصادية العالمية اليوم. حيث قالوا: “أي موقف يُظهر أن اقتصاد الصين ينفتح على العالم الخارجي سيُراقب عن كثب”. كما أضافوا: “أصدر الاجتماع إشارة بأن الصين مستعدة للمشاركة في التعاون الدولي في التجارة العالمية والحوكمة الاقتصادية”، وأيضا “ستعزز الصين الابتكار التكنولوجي لتعزيز النمو”. ومن هنا نرى بأن المجتمع الدولي يستكشف بنشاط المفاتيح السرية للتنمية المستقبلية للصين، ويتطلع إلى تقاسم الفوائد التي سيجلبها نمط التنمية الجديد للصين إلى العالم.
يشهد العالم اليوم تغيرات كبيرة لم يسبق لها مثيل منذ قرن. تتمسك الصين بتحليل الوضع الاقتصادي المحلي والدولي الحالي من منظور شامل وعقلاني طويل الأمد، مما يسمح لها بالتعرف بدقة على التغييرات والاستجابة العلمية بنشاط والسعي لتحقيق جودة أعلى وكفاءة أفضل وتنمية عادلة أكثر استدامة وأمنا. إن التركيز على تيسير الدورة الاقتصادية الوطنية في سبيل إقامة نمط تنموي جديد، واتخاذ السوق المحلية دعامة أساسية مما يسمح للسوقين المحلية والخارجية بالمساهمة في دعم بعضهما البعض هو خيار الصين الاستراتيجي لمتابعة الاتجاه والتغيير مع الزمن. إن ممارسة الصين لدفع عجلة التنمية على أرض الواقع تجيب على قضايا العصر وتخلق فرصا جديدة للتنمية المشتركة في العالم.
سيظل الاقتصاد الصيني الذي يقوم ببناء نمط تنموي جديد بمثابة “دعامة الاستقرار” للاقتصاد العالمي. في الوقت الحاضر تزداد الحمائية التجارية والنزعة الأحادية مما تسبب في حالة انكماش للاقتصاد العالمي، كما تأثرت السلسلة الصناعية العالمية كثيرا بسبب عوامل غير اقتصادية. اتخذت الصين زمام المبادرة في السيطرة على فيروس كوفيد-19 وعززت استئناف العمل والإنتاج بشكل شامل، كما أنها أول اقتصاد رئيسي في العالم يقفز فيها النمو الاقتصادي من سلبي إلى إيجابي خلال أزمة جائحة كورونا. يعتقد المراقبون الدوليون عموما أن استقرار نظام التداول المحلي في الصين يُفضي بشكل أكبر إلى استقرار الدورة الاقتصادية العالمية. وقد ضخت التوقعات المستقرة للانتعاش الاقتصادي والتنمية في الصين الثقة في الاقتصاد العالمي في ظل ضبابية هذه الأزمة. وكما علق جيم أونيل رئيس المعهد الملكي للدراسات الدولية في المملكة المتحدة بأن استكشاف الصين العميق لإمكانات الطلب المحلي لديها سيفتح فرصا جديدة للشركات العالمية.
سيظل الاقتصاد الصيني الذي يقوم ببناء نمط تنموي جديد المصدر الرئيسي للنمو العالمي. في الوقت الحاضر تتسارع الجولة الجديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي وقد ضعف دور محركات النمو التقليدي في تحفيز الاقتصاد وازدادت الحاجة الملحة إلى تحسين قدرات الابتكار العلمي والتكنولوجي. كما تعزز الصين بقوة قدراتها الابتكارية المستقلة وتعمل بسرعة على تحقيق اختراقات في التقنيات الأساسية الرئيسية وتسعى جاهدة لتحقيق نمو معني مدفوع بالابتكار. وهذا لا يفي بالمتطلبات الكامنة للتنمية الاقتصادية عالية الجودة في الصين فحسب بل يتوافق أيضا مع توقعات المجتمع الدولي لتعزيز النمو العالمي. وكما قال ويليام جونز الخبير في القضايا الدولية في الولايات المتحدة ورئيس مكتب المعلومات الاستراتيجية العالمية بواشنطن بأن الإبداع هو القوة الدافعة الرئيسية للتنمية الاقتصادية العالمية الحالية. لذلك فإن الصين تركز على التنمية عالية الجودة لأن هذا هو المصدر الأساسي لتكوين الثروة في المستقبل، وهذا لن يُفيد الصين لوحدها فحسب بل سيفيد بقية دول العالم أيضا.
إن بناء نمط جديد من التنمية للاقتصاد الصيني سيستمر في خلق فرص جديدة للتنمية المشتركة في العالم. لا تزال الروابط والتبادلات الاقتصادية الدولية هي المتطلبات الموضوعية للتنمية الاقتصادية العالمية. لا يزال الانفتاح على العالم الخارجي يمثل السياسة الوطنية الأساسية للصين. إن نمط التنمية الجديد ليس بأي حال من الأحوال دورة محلية مغلقة بل هو دورة مزدوجة محلية ودولية مفتوحة. حتى في مواجهة تأثير الوباء، لا تزال الصين تتمسك بتعزيز المنفعة المتبادلة والفوز المشترك باعتبارها دولة عظمى تتحمل مسؤولياتها في مجال توسيع الانفتاح. لقد تم تقليص القائمة السلبية المتعلقة بدخول الاستثمارات الأجنبية إلى الصين بشكل أكبر. واجتذبت الحملة الترويجية السحابية لمعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات آلاف الشركات من جميع أنحاء العالم. كما أنه بات من الصعب العثور على جناح واحد فارغ ضمن منطقة العرض في معرض الصين الدولي الثالث للاستيراد. ومثلما قال الباحث الأرجنتيني سانتياغو بوسترو: تُظهر العديد من الأفكار والمبادرات البراغماتية للصين تصميمها على الانفتاح على العالم وقد كانت لهذه الإجراءات مساهمة كبيرة في تعافي الاقتصاد العالمي.
إن نمط التنمية الجديد في الصين ينبض بالحيوية والإمكانيّات. لقد ظلت الصين على الدوام مصممة على “تركيز جهودها على حسن تدبير شؤونها”، وهي على وشك بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، وستستفيد من هذا الوضع لبدء رحلة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة بشكل شامل. وهذا فصل رائع من التنمية المشتركة بين الصين والعالم والذي يُظهر الرؤية الحكيمة للصين والشركاء العالميين للعمل معا لتحقيق تعاون مربح للجانبين.