شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
يلينا نيدوغينا*
يشتهر في الصين الحِكمة التالية: “أقوى قوّة مائية في العالم هي دموع النساء”.
بغض النظر عن مكانة الرجل العالمية، وفي الصين كذلك، إلا أن المرأة الصينية هي صاحبة القرار، وهي كذلك الفصل والفيصل في كل ما يتصل بالعائلة والجماعة الصينية إجتماعياً، وواقعاً مُعاشاً يومياً و.. مستقبلاً. أن تقود المرأة المجتمع هو أمر “غير واقعي!” في مفهوم وممارسات الكثير من الدول والشعوب والقوميات، كبيرها وصغيرها، والتي تهب القيادة للرجل حصراً، بغض النظر عن قُدرات بعض الرجال إجتماعياً، وعِلمياً، وعَائلياً، وليس أخيراً في الحياة اليومية لهم ولعائلاتهم.
في الصين القديمة بقيت فكرة “تفوق الرجل على المرأة” راسخة وسائدة. ومنذ أن أعلن الرئيس المؤسس للدولة الشعبية، الرفيق ماو تسي تونغ، أن “النساء يحملن على أكتافهن نصف السماء”، ارتقت أوضاع النساء أكثر في الصين الجديدة، وشكّل ذلك دافعاً لمزيدٍ من مقررَّات وأنشطة حماية حقوق النساء وزيادة منسوبها، وتحقيق تقدم كبير في هذا المجال. ومروراً بيوميات (سياسة الإصلاح والانفتاح)، غدت مشاركة المرأة الصينية في تطوير مجتمعها مطلباً يومياً ويستحيل تجاوزه، وصار قيمة كبرى، وحصلت المرأة بموجبه على فرص غير مسبوقة لتحقيق أحلامها (1).
قدرات وواقع النساء الصينيات في العائلة والأسرة، واستقلاليتهن التامة، هو أمر مختلف عما هو واقعهن في عشرات بلدان المعمورة، سماءاتها وقيعانها. أوضاع نساء الصين شهدت تغيّرات كُبرى منذ تأسيس جمهورية جمهورية الصين الشعبية، إذ تم بإسناد من قيادة الحزب الشيوعي الصينية إنهاض المرأة ووضعها الإجتماعي وتم ضمان استقلاليتها الوطنية والاجتماعية بكونها أحد روافع التقدم الوطني الذي لا غنى عنه. المرأة تحولت في الصين الاشتراكية، الجديدة، إلى كائنٍ بشري لديه حقوق إنسانية كاملة، متساوٍ مع الرجل، مُنتج ومُبدع، وصار مُكوّناً رئيسياً للأُسرة، وقاعدةً للمجتمع الانتاجي، وضماناً لحياة اجتماعية عامرة واستمراراً للسلالة البشرية الصينية، وإشغالهن نسبة كبيرة وملحوظة للعيان، في قطاعات الانتاج، والصناعة، والزراعة، والتربية التعليم، والتقنيات الأرقى، وفي علوم الفضاء والسياحة، والخدمات الاجتماعية، بحيث لا يمكن للصين السير إلى الأمام وتحقيق نجاحات بدون “الجنس اللطيف”، الذي يَلعب دوراً قائداً في يوميات عملية الإحساس بالجَمال والكيانية الصينية، وتميّزها عن غيرها من الدول والامم الأُوروبية والأمريكية، حيث يتم الانتقاص في الغرب من قيمة ووضع النساء، وحقوقهن، وينظر إليهن – في نسبة كبيرة من المجتمعات الأجنبية “الراقية” أيضاً – على أنهن مجرد “مُلحقات للمجتمع!”.
تعترف مراجع إعلامية وسياسية غربية، مرغمةً، أن الحكومات الصينية المتعاقبة، ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، أعلنت وأكدت التزامها بالمساواة بين الجنسين – المرأة والرجل.
المرأة ودورها في المجتمع
تأكيداً على مكانة المرأة الصينية في مجتمعها، باتت تلعب الدور الرئيسي في الدولة. فالسيدة ماو شان يوي مثلاً، هي فنانة أوبرا شانغهاي، عضو المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، نائبة رئيس اتحاد المسرحيين في شانغهاي ومديرة مسرح أوبرا شانغهاي، وارثة التراث الثقافي غير المادي على مستوى الدولة وحائزة على جائزة زهرة البرقوق للأوبرا في الصين. تعمل السيدة ماو على تطوير أوبرا شانغهاي التي يمتد تاريخها إلى مئات السنين ونشر القصص الصينية إلى العالم.
حدّد ((برنامج تنمية المرأة الصينية بين عام 2011 وعام 2020)) زيادة نسبة النساء المشاركات في الشؤون الحكومية وصنع القرار وإدارة الشركات.
ينص البرنامج على وجوب حصول الفتيات في السن المناسب على التعليم الإلزامي على قدم المساواة والقضاء على ظاهرة تسرب الفتيات من المدارس. في هذا السياق، يمكن للنساء أن يحصلن على التعليم العالي بصورة متساوية، فتكون نسبة عدد الذكور والإناث في الجامعات متوازنة، وترتفع نسبة قبول وتلقي الصينيات التعليم العالي بشكل كبير. بفضل التعليم الجيد، يمكن للنساء أن يشاركن في الشؤون الإدارية. أشارت ونغ ون لي إلى أن النساء يلعبن دورا كبيرا في تنمية اقتصاد وتطوير مجتمع شانغهاي. في عام 2017، بلغت نسبة النساء بين الأكفاء ذوي المؤهلات العالية في شانغهاي 9ر24%.
في عام 1980، كانت نسبة النساء من بين الذين سجلوا وأسسوا شركات خاصة في الصين 10%. هذه النسبة وصلت حالياً إلى أكثر من 30%. هذا يعني أنه إذا كان في الصين ثلاثون مليون شركة خاصة، فإن النساء أسسن وأطلقن عشرة ملايين منها. هذا يدل على ارتفاع قدرة النساء في المشاركة في شؤون الإدارة واتخاذ القرارات بشكل عام.
السيدة لوه شاو ينغ، تخصصت في مجال المال والاقتصاد في الجامعة وكانت مسؤولة عن إدارة الاستثمار في شركة أسرتها. بفضل حزمها وجديتها في تمويل الإسكان والعقارات، نجحت في بدء مشروعها الأول في عام 2004 وأسست شركة دونغيان، التي سرعان ما احتلت المرتبة الخمسين في قائمة أكبر خمسمائة شركة عقارية في الصين، ويتجاوز حجم مبيعاتها سنويا خمسين مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات).
قالت لوه شاو ينغ: “خلال أربع وعشرين ساعة كل يوم وسبعة أيام كل أسبوع، أفكر في العمل في كل وقت، حتى في منامي وأحلامي. هكذا، تمكنت من تطوير الشركة إلى هذا الحجم والمستوى وجعلتها تنال إعجاب وتقدير العملاء. فضلا عن العقارات، نمارس أعمالا ونشاطات أخرى ذات فائدة. على سبيل المثال، بدأنا قبل عشر سنوات تقديم الرعاية للأطفال في التجمعات السكنية. تم إطلاق مشروع “فصول الساعة الرابعة والنصف مساء” لاستقبال الأطفال من رياض الأطفال قبل انتهاء فترة عمل أولياء أمورهم. بالإضافة إلى ذلك، نقدم خدمات خاصة للأطفال.” كما أوضحت أنها تقوم بهذه الأعمال ليس من أجل كسب الأرباح وإنما من أجل بناء علاقة ودية متميزة بالمنفعة المتبادلة بين الشركة وعملائها. قالت: “يمكن الاستفادة من مستوى الرضا العالي الذي يبديه العملاء في زيادة عدد الزبائن وحجم المبيعات بصورة سريعة.” ومن المتوقع أن تقدم الشركة خدمات للفئات الضعيفة مثل تعليم المسنين استخدام الأجهزة الذكية وبناء النظام الاجتماعي لربّات البيوت. للحديث بقية.
….
مصادر:
1/مجلة “الصين اليوم”. مقالة ينغ تشن – صحفي في مجلة ((شينمين الأسبوعية)) الصينية (27-02-2019).
http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/2018/sh/201902/t20190227_800157905.html
2/المصدر السابق ذاته.
*التدقيق اللغوي والتحرير الصحفي: الأكاديمي مروان سوداح.
*المراجعة والنشر: أ. عبد القادر خليل.