وتميز اليوم الثاني من زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس تبون إلى هذا البلد الصديق, بنشاط مكثف له, حيث أشرف في مستهله على افتتاح أشغال المنتدى الاقتصادي الجزائري-الروسي الذي شارك فيه 70 متعاملا اقتصاديا جزائريا و 200 رجل أعمال روسي.
واستعرض رئيس الجمهورية بهذه المناسبة أهم محاور برنامج الإنعاش الاقتصادي متعدد الابعاد الذي أطلقته الجزائر التي قال أنها “تشهد اليوم نهضة اقتصادية تسير بوتيرة سريعة جدا, بغية تدارك ما فاتها من وقت ومن فرص استثمار وتبادل استثماري مع أصدقائنا, ومع إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط”, مبرزا أنه يوجد حاليا “ما يقارب 1450 مشروع صناعي قيد الإنجاز”.
ولدى تطرقه إلى مجال التعاون الجزائري-الروسي, أكد رئيس الجمهورية أن الأصدقاء في روسيا “يدركون أن ثمة إمكانيات هائلة للتعاون في مجالات التحويل التكنولوجي والسياحة والفلاحة والعلوم الدقيقة”.
كما أبرز أهمية فتح بنوك خاصة بالجزائر, قائلا: “أتمنى أن يبادر القطاع الخاص الوطني والأجنبي والروسي الصديق, عن قريب بفتح بنوك خاصة من أجل أن تكون هناك معاملات مقبولة بين الخواص بعيدا عن الانحرافات”.
ودعا رئيس الجمهورية المشاركين في المنتدى إلى استكشاف إمكانيات التكامل الاقتصادي في العديد من المجالات خاصة وأن الجزائر مقدمة –مثلما قال—على تنفيذ “خطة استثمارية في السنوات المقبلة في مجالات الطاقة والبنى التحتية والفلاحة والمنتجات الصيدلانية والصناعة الغذائية والتحويلية”.
وإثر ذلك, وتوطيدا لعلاقات الصداقة التي تجمع البلدين بما تحمله من بعد تاريخي وإنساني, أشرف رئيس الجمهورية على تدشين نصب تذكاري لمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة, الأمير عبد القادر بالعاصمة الروسية, وهو أول معلم تذكاري لقائد مسلم وعربي في تاريخ مدينة موسكو.
اقرأ أيضا : رئيس الجمهورية يتحادث بموسكو مع رئيسة مجلس الفيدرالية الروسي
وبهذه المناسبة, أكد الرئيس تبون, أن هذا التكريم “دليل على وجود صداقة عريقة بين الشعبين الجزائري والروسي”, موضحا ان العلاقات الجزائرية الروسية “عريقة في التاريخ”.
وقد أجرى رئيس الجمهورية خلال هذا اليوم, عدة لقاءات مع كبار المسؤولين في روسيا, حيث تحادث مع الوزير الأول الروسي, السيد ميخائيل ميشوستين, وأكد بالمناسبة أن الجزائر “استرجعت اليوم قوتها السياسية والاقتصادية وهي تطمح لأن تكون من بين القوى الاقتصادية والصناعية بإفريقيا”.
كما أبرز أن هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها إلى روسيا, تأتي “في ظروف سياسية خاصة, لكن تؤكد على الصداقة الخالصة بين البلدين”.
ومن جانبه, أشاد الوزير الأول الروسي بالعلاقات الثنائية القائمة بين بلاده والجزائر على أسس “الصداقة والاحترام المتبادل”, مشيرا إلى وجود مجالات كثيرة للتعاون على غرار الطاقة, الزراعة, النقل والتكنولوجيات مبرزا بالمناسبة سعي بلاده “لرفع حجم التبادل التجاري مع الجزائر”.
كما أجرى رئيس الجمهورية, محادثات مع كل من رئيس مجلس الدوما الروسي السيد فياتشيسلاف فولودين ورئيسة مجلس الفيدرالية الروسي السيدة فالنتينا ماتفيينكو.
ومن شأن زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس تبون إلى روسيا أن تساهم في تطوير العلاقات “الودية” بين البلدين مثلما أكده في تصريح لوأج الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا, نائب وزير الخارجية الروسي, السيد ميخائيل بوغدانوف, الذي وصف هذه الزيارة ب”الحدث التاريخي”, مؤكدا أنها ستكون “ناجحة”.
ومن جهته, أكد وزير التنمية الاقتصادية الروسي, ماكسيم ريشيتنيكوف, أن الجزائر تمثل شريكا رئيسيا واستراتيجيا لبلاده في القارة الافريقية, داعيا رجال الأعمال في البلدين إلى تكثيف جهودهم لتعميق التعاون الاقتصادي الثنائي.
اقرأ أيضا : رئيس الجمهورية يتحادث بموسكو مع رئيس مجلس الدوما
واعتبر الوزير الروسي أن “الرؤى متطابقة بين البلدين بالنسبة للكثير من الاحداث الجارية في مجالات السياسة والاقتصاد”.
كما أكد على اهمية مواصلة المشاورات لتعزيز التعاون الاقتصادي من خلال مختلف المنتديات الاقتصادية المقبلة, وعلى رأسها القمة الروسية الافريقية المزمع تنظيمها خلال الصيف المقبل.
وبدوره, أشار رئيس جمعية الأعمال الروسية “ديلوفايا روسيا”, أليكسي ريبيك, إلى أهمية تعميق التعاون الاقتصادي مع الجزائر التي تعتبر إحدى الدول التي تحظى بمكانة “أولوية” بالنسبة لرجال الأعمال الروس, “خاصة في ظل الاضطرابات التي يعرفها العالم حاليا”.
وحول مناخ الاعمال في الجزائر, أكد رئيس “ديلوفايا روسيا”, أنه بفضل دعم السلطات في الجزائر, “يشعر رجال الاعمال أنهم أكثر حماية وأنهم يتحركون بثقة أكبر”.
ومن جهة اخرى و”تجسيدا للسنة التي دأب عليها, في كل خرجاته وزياراته الدولية”, التقى رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, بممثلي الجالية الوطنية المقيمة بروسيا, حيث استمع إلى انشغالاتهم وتطلعاتهم.
ويأتي هذا اللقاء “تجسيدا للسنة التي دأب عليها رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, في كل خرجاته وزياراته الدولية”.
وفي ذات السياق, كلف رئيس الجمهورية وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بفتح مركز ثقافي جزائري بروسيا, “استجابة لتطلعات الجالية الجزائرية بهذا البلد”.
وقبل انطلاق لقائه مع ممثلين عن الجالية, وشح الرئيس تبون العقيد المتقاعد اندري بافلينكو الذي يبلغ من العمر 95 سنة بوسام الاستحقاق الوطني , تقديرا لمساهمته في نزع آلاف الألغام التي زرعها المحتل الفرنسي, إبان الثورة التحريرية المجيدة, عبر حدود الجزائر.
وبهذه المناسبة ,تقدم رئيس الجمهورية بشكره للسيد بافلينكو نظير جهوده النبيلة التي قام بها لنزع الألغام الاستعمارية التي زرعت على الحدود الشرقية والغربية للجزائر بهدف “عزل الثورة التحريرية” المباركة, مبرزا ان هذه المناسبة هي بمثابة “رد الجميل لأصدقائنا من روسيا”.
كما أشاد رئيس الجمهورية بدور الاتحاد السوفياتي سابقا في “إنقاذ أرواح الجزائريين”، مذكرا أن الالغام الاستعمارية “خلفت المئات من الضحايا”، وموضحا انه مع “استقلال الجزائر رفض الاستعمار تسليم خرائط الألغام الى غاية 1967 ” .
بدوره شكر السيد بافلينكو رئيس الجمهورية نظير اسداءه لهذا الوسام , كما توجه بشكره أيضا للجزائر شعبا وحكومة.
ويعكف بافلينكو حاليا على كتابة مذكراته بالجزائر تحت عنوان “قلوبنا بقيت هناك في الجزائر”.