شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
الديمقراطية بين التحديات والواجبات من أجل حياة أفضل للبشرية
عبد القادر خليل
*مدير عام شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية، رئيس الفرع الجزائري للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين.
يواجه عالمنا اليوم تحديات كبيرة لبلوغ مستوى معيشي متكامل اجتماعيا، سياسيا، واقتصاديا… وترتكز تلك التحديات بتوفير المناخ المعيشي المناسب للشعب الذي هو الأساس، في ظل بيئة ديمقراطية متناغمة مع الاستقرار السياسي، والتنمية الشاملة ورفاهية الشعب، وتحقيق العدالة والمساواة والسلام.
العالم اليوم، لم يعد مثل السابق، فلا يمكن ان تعيش أي دولة مهما كانت بمفردها معزولةَ عن بقية الدول. فلا بد من تعزيز القيم المشتركة للبشرية، والتعايش مع الآخر، وتكثيف التبادلات المتنوعة، ودراسة تجارب الآخرين الإيجابية منها والسلبية، والتعلم من الحضارات والأنظمة السياسية المختلفة والاستفادة منها، والاقتداء بالأفضل بكل حكمة.
مؤخرا انعقدت الدورة الكاملة السادسة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني، حيث جاء في بيانها الختامي أن المهمة الرئيسية التي واجهها الحزب خلال فترة الثورة الديمقراطية الجديدة كانت النضال ضد الإمبريالية والإقطاعية والرأسمالية البيروقراطية لنيل الاستقلال الوطني والتحرر الشعبي، لتوفير ظروف مجتمعية أساسية ملائمة من أجل تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية.
فقد مرت الصين بمراحل صعبة وواجهت تحديات كُبرى انطلاقا من النضال الثوري التضحيات الجسام التي بذلها الشيوعيون الصينيين بقيادة الزعيم الرفيق ماو تسي تونغ، مكرسين ولاءهم للوطن ومتمسكين بالطريق الثوري الصحيح ومحققين انتصار الثورة الديمقراطية الجديدة وبناء جمهورية الصين الشعبية الحديثة.
فالصين اليوم وبالنظر إلى ما وصلت إليه من مكاسب ثمينة، بقيادة الحزب الشيوعي الصيني ونواته الرفيق شي جين بينغ، الذي أعطى الأهمية للشعب في المقام الأول، محققا مجتمعا رغيد الحياة على نحو شامل ومكرسا لمبادئ الديمقراطية الشفافة،
وها هو اليوم الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني يُعْلِن بمهابة أمام العالم أجمع أن الشعب الصيني قد نهض منذ ذلك الحين، وأن العهد الذي كانت فيه الأمة الصينية تحت رحمة الآخرين وعُرضة لشتى ضروب الإهانة والإذلال قد مضى بلا رجعة، وأن عهدا جديدا للتنمية الصينية قد اُستهل ولن يتراجع أبدا، بكل حكمة وديمقراطية و تفان.
الديمقراطية والتنمية الشاملة للشعب
على مدى السنوات الماضية عُقدت مؤتمرات عديدة في الأمم المتحد حول التنمية الشاملة والمستدامة، حيث كانت تدعو إلى رسم مخططات جديدة للتنمية الشاملة، وبمشاركة فاعلة من المؤسسات الحكومية ومن منظمات المجتمع المدني المختلفة ذات الصلة بالتنمية المستدامة. ودعت المجتمع الدولي إلى الانخراط الفاعل في تحقيق التنمية العالمية المستدامة، ودفع الدول إلى تبني أسلوب متوازن على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واحترام الخيارات المستقلة لشعوبها في مجال التنمية الملائمة لها، وبناء شراكة كونية عادلة، وإيلاء اهتمام خاص بتنشيط اقتصاد الدول النامية، لتحقيق الرفاهية لشعوبها.
فالتنمية المستدامة هي نتاج بيئة الديمقراطية والحرية ومجتمع المعرفة، والاستفادة القصوى من القوى البشرية والطاقات المادية، والتخطيط الدائم لمواجهة المشكلات في الداخل، والأزمات الوافدة من الخارج.
ومن هنا يتشكل النظام الديمقراطي، مرتكزا على تطبيق القوانين، وضمان الحريات، ومراقبة عمل المؤسسات لتنفيذ أحكام القانون، ويحترم مبادئ فصل السلطات، والتداول على السلطة. فالنظام الديمقراطي وحده يتيح للشعب أن ينتخب ممثليه بكل حرية ونزاهة، استنادا إلى قانون انتخاب عصري وعادل، ويفرض رقابة صارمة تمنع سلطة المال والزعامة الطائفية أو القبلية، من استغلال النفوذ للوصول إلى الحُكم.
ولا يمكن أن تتجسد الديمقراطية على أرض الواقع دون أن يكون الشعب المحرك الأساسي لها، ولا تنمية دون أن يكون للشعب دورا أساسيا فيها، ولا سلطة إلا للشعب وبالشعب، ذلك أن الحاكم أو السلطة هي جزء من الشعب، وبتزكية من الشعب. فإن تحققت الديمقراطية مهدت الطريق لبلوغ التنمية، بتظافر الجهود وتقاسم الفرص وتعزيز قيم التشاركية.
الديمقراطية والبناء الاجتماعي
ترمي الديمقراطية الحقيقية إلى تحسن معيشة الشعب، إلى تحقيق المساواة الاجتماعية بين الأفراد، والعمل على رفع مستواهم من الناحية المادية، وضمان الحق في التعليم والعلاج والسكن أي تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع، وبلوغ تأمين الحياة الرغيدة للمجتمع على نحو شامل.
يُوجد نماذج مختلفة للحكم الديمقراطي في جميع أنحاء العالم، منها ما هو غطاء فقط لأنظمة مشبعة بالغطرسة والدكتاتورية. لكن لا يمكن وصف الديمقراطية استبدادية أو دكتاتورية عندما يحكم شخص واحد أو حزب واحد؛ وليس حكم الأقلية، عندما يحكم جزء صغير من المجتمع، ذلك لأنها تولى الحكم بإرادة الشعب التي لا تُقهر. ولا ينبغي أن تكون الديمقراطية المفهومة بشكل صحيح “حكم الأغلبية” إذا كانت تعني أن مصالح الأقلية سيتم تجاهلها تمامًا. فالديمقراطية من الناحية النظرية على الأقل، هي سلطة باسم الشعب بأكمله، وهو ما يتوافق ويتناغم مع “إرادتهم”، وهي وضع الشعب في المقام الأول، كأولوية قصوى لتحسين معيشته وإعطائه الفرصة ليساهم المواطن في بناء الوطن، حسب ما لديه من قدرات أو مهارات مهما كان نوعها.
الديمقراطية في بلدي الجزائر
ترتكز عملية الممارسة السياسية في الجزائر على وجود نظام ديمقراطي يضمن حق وحرية المواطن في المشاركة في العملية السياسية وصنع السياسة العامة بما يُمَكِن من اتخاذ القرارات الصحيحة التي تحقق التنمية من خلال تفعيل نظام الحَوْكَمَة المحلية وتكريس الشراكة الحقيقية بين السلطة (أو الإدارة) من جهة والشعب (أو المواطنين والمجتمع المدني) من جهة أخرى. لكل فرد الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
ولذا عندما نحاول تقييم مدى ديمقراطية بلد ما، فمن المنطقي حقًا التفكير في فكرة إرادة الشعب أولا أكثر من التفكير في الهياكل المؤسسية أو الانتخابية أو غيرها.
لقد عرفت الجزائر تحولات سياسية وتغيرات متسارعة نحو تحقيق الديمقراطية التشاركية مع تفعيل الحوكمة المحلية.
وقد ساهم في بروز مفهوم الحوكمة المحلية العديد من الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليَعْرِفَ هذا المفهوم انتشارا واسعا على المستوى المحلي والدولي، فقد أثرت العولمة وما نتج عنها من سهولة الحركة والاتصال بين مختلف المجتمعات وتزايد دور المنظمات غير الحكومية التي أصبحت تدعو إلى ضرورة تفعيل دور المجتمع في المشاركة السياسية وإعطاء مجال أوسع لأفراد المجتمع في المساهمة في اتخاذ القرارات في ظل تراجع الموارد والامكانيات..
ورغم العَقَبَات والتحديات الصعبة التي واجهت الجزائر، إلا أننا يمكن القول أن بلدنا اليوم تشهد تطورا إيجابيا ملحوظا، فهي “الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية” بِكُل ما تحمله هذه التسمية من معاني.
فالجزائر اليوم يقودها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، المُنْتَخَب من غالبية الشعب، كما تم مؤخراً تشكيل المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) مُنْتَخَباً من الشعب، وفي 27 نوفمبر 2021 كان الشعب الجزائري على مع الانتخابات المحلية، التي انبثق عنها مجالسا شعبية للبلدية، والمجالس الشعبية الولائية عبر كامل ربوع الوطن. حيث سيكون لهم دور في صناعة القرارات ومواكبة وتجسيد التنمية الاجتماعية الشاملة في جميع المجالات في بيئة ديمقراطية شفافة.
وفي الأخير، إن العَالَم اليوم لم يعد مثل السابق، حيث أصبح يشكل حلقة كبيرة تكمل بعضها بعضا، يتطلب التعاون أو التكامل بين الدول في عصر العولمة والتكتلات العملاقة، كشرط أساسي لنجاح التنمية المستدامة في مناخ ديمقراطي يساعد على الاستقرار الاجتماعي، وبناء مجتمع المعرفة، يُسَاهِم في نمو الاقتصاد العالمي.
أشدد على ضرورة أخذ العبرة والاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في تحقيق الديمقراطية والتنمية الشاملة لمجتمعاتها، وفي مقدمتها جمهورية الصين الشعبية، بعد كفاح ونضال وتضحيات جِسَام. وأفتخر بالصداقة والعلاقة المتميزة التي تربط بلدي الجزائر بالصين، والتي بلغت مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وكُلِي أمل وتفاؤل بأن العلاقة بين بلدينا ستزداد تطورا وازدهارا يوما بعد يوم وفي جميع المجالات.