CGTN العربية/
ملاحظة المحرر: ماتيو جيوفانيني هو خبير مالي في البنك الصناعي والتجاري الصيني في بكين وعضو في فريق العمل الصيني في وزارة التنمية الاقتصادية الإيطالية. يعكس المقال آراء المؤلف وليس بالضرورة آراء شبكة سي جي تي إن العربية.
تجاوز الاضطراب التكنولوجي الذي يشهده القطاع المالي هذا العام نتيجة لتفشي فيروس كورونا الجديد حدود الخيال، محدثا ثورة في صناعة ظلت على حالها لعقود من الزمن ومؤثرا على طريقة تفاعل الناس مع الخدمات المالية من المدفوعات والمعاملات إلى الإقراض.
أحد الجوانب الأكثر روعة للابتكار تتمثل في القرارات المحيطة بإدخال العملات الرقمية السيادية للدول التي من المتوقع أن تحل في المستقبل القريب محل النقود الورقية التي ظلت الوسيلة الرئيسية للتبادل بين الحضارات المختلفة لقرون، مع البكسل على شاشة الهاتف الذكي التي بدورها تغير إلى الأبد صناعة التمويل العالمية بأكملها.
ذكرت شبكة أخبار “سينا فاينانس” أن مدينة شنتشن بجنوب شرق الصين تتعاون مع بنك الشعب الصيني وتخطط الآن لإطلاق برنامج تجريبي لترويج الرنمينبي الرقمي من خلال تقديم الهبة العامة – توزيع 50000 مغلف أحمر رقمي بقيمة 200 يوان، بإجمالي 10 ملايين يوان (1.5 مليون دولار).
سيتمكن الفائزون بالمغلف الأحمر من استخدام الأموال في أكثر من 3000 متجر مخصص لمدة سبعة أيام، وسيساعد ذلك على تعزيز نمو الطلب على الرنمينبي الرقمي وتسريع الانتقال إلى مجتمع غير نقدي بحلول نهاية هذا العام.
تمثل الهبة العامة للمغلف الأحمر الرقمي خطوة إلى الأمام في محاولة لتعزيز استخدام الرنمينبي الافتراضي، حيث تهدف إلى تزويد المواطنين بفرصة التعود على الثورة الرقمية القادمة من خلال فتح محفظة إلكترونية للحصول على المغلف الأحمر. بهذه الطريقة يصبح الناس مؤهلين لدور الريادة في استخدام ما سيصبح وسيط التبادل المستقبلي.
تُظهر هذه الخطوة قدرة الصين على تطوير خطط إستراتيجية على المدى الطويل، مع الأخذ في الاعتبار أن الدولة تعمل على إطلاق عملة افتراضية منذ عام 2014، وكدليل على الالتزام بضمان أن يتسم التنفيذ بالأمان والكفاءة التشغيلية في المعاملات ومن خلال إنشاء أداة قوية للشمول المالي.
في هذه الحالة المحددة، تمتزج سمعة الصين في التخطيط بعيد المدى مع ضرورة تقديم عملة مبتكرة على المدى القريب، ما يمكن أن يساعد البلاد في الانتقال المستمر من عالم يهيمن عليه الدولار الأمريكي في الغالب إلى ظهور عملة متعددة العملات من شأنها أن تؤثر على الأسواق وكل فئات الأصول تقريبا.
من منظور جغرافي، فإن قرار الصين بإجراء اختبار تجريبي في مدينة شنتشن، جعل هذه المدينة التي تعد المركز التقني المزدهر وبيئة سوق تلعب دورا رئيسيا كقائد للتغيير في البلاد، كما وضعها في مكانة رائدة في تعزيز تكامل مالي أقوى داخل منطقة الخليج الكبرى.
في الوقت الذي لا تزال فيه البنوك المركزية للاقتصادات المتقدمة مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا في مرحلة مناقشة مبكرة حول كيفية تطوير أموالهم الافتراضية الخاصة، وعندما أعلن بنك اليابان عن خطته لبدء تجارب على الين الرقمي في موعد لا يتجاوز العام المقبل، تُظهر الصين أنها في مكانة رائدة في سباق الابتكار وأن طرح عملتها الرقمية السيادية على نطاق واسع والذي طال انتظاره بات أقرب.