شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: باي يوي إعلامي صيني
ابتداء من 18 سبتمبر الحالي، عُرض الفيلم “731” في دور السينما حول العالم. يروي هذا الفيلم حقيقة القوات اليابانية الغازية التي حاولت عشية انتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد اليابان، قلب موازين المعركة عبر إجراء أبحاث حول الحرب الجرثومية في منطقة بينفانغ بمدينة هاربين بمقاطعة هيلونغجيانغ، وقامت بارتكاب مذابح ضد المدنيين وإجراء تجارب بشرية عليهم. ورغم محاولات الغزاة طمس الحقيقة، فإن إصرار الشعب الصيني على كشف التاريخ لم ولن يزول.
تكمن الأهمية الواقعية لهذا الفيلم في وجوب استيعاب دروس التاريخ، وتعزيز العزم المشترك على صون النظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، والتكاتف لمواجهة التحديات العالمية، والعمل معا من أجل مستقبل أفضل للبشرية.
أولا، إن استذكار هذا الانتصار يفرض عدم إغفال المكانة الاستراتيجية لجبهة القتال الصينية. آنذاك، اتحد الشعب الصيني بقلوب متماسكة ونهض لمقاومة العدوان، فقاتل من أجل بقاء الوطن، ومن أجل نهضة الأمة، ومن أجل العدالة الإنسانية. لقد كانت حرب المقاومة الصينية جزءا مهما من الحرب العالمية ضد الفاشية، بدأت في وقت أبكر من غيرها واستمرت لأطول مدة، وقدّم فيها 35 مليونا من العسكريين والمدنيين تضحيات جسيمة، مما شكّل الركيزة الأساسية للجبهة الشرقية في الحرب العالمية ضد الفاشية، وأسهم في دعم ومساندة عمليات الحلفاء، وقدم مساهمة عظيمة في إنقاذ الحضارة الإنسانية والدفاع عن السلام العالمي.
لقد شكّل انتصار الصين في حرب المقاومة نقطة تحول تاريخية، نقلت الأمة الصينية من أزمتها العميقة منذ العصر الحديث إلى طريق النهضة العظيمة. كما ألهمت هذه الانتصارات الدول والمناطق التي عانت من الغزو والاضطهاد بثقة وشجاعة في السعي نحو الاستقلال والتحرر الوطني، ومهدت الطريق لانطلاقة حركات التحرر الوطني في العالم بعد الحرب، وزرعت بذور الصداقة التي جمعت الصين بمصر والصين بالجزائر في كفاحهما المشترك ضد الإمبريالية والاستعمار وصون استقلال السيادة الوطنية.
ثانيا، إن استذكار هذا الانتصار يفرض بالضرورة صون النظام الدولي بعد الحرب الذي تحقق بجهود كبيرة. قبل ثمانين عامًا، وباعتبارها من الدول الرئيسية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، أسست الصين مع سائر الدول نظامًا دوليًا محوره الأمم المتحدة، ونظاما دوليا يقوم على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ليفتتح فصلا جديدا من التعاون بين الدول من أجل السلام والتنمية المشتركة.
لقد شهدت مصر التوقيع على إعلان القاهرة، وهذه الوثيقة التاريخية، إلى جانب إعلان بوتسدام وسلسلة من الوثائق الأخرى ذات الصلاحية القانونية الدولية، أكدت جميعها سيادة الصين على تايوان. وفي عام 1971، اعتمدت الدورة السادسة والعشرون للجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، القرار رقم 2758، الذي قضى باستعادة جمهورية الصين الشعبية جميع حقوقها المشروعة في الأمم المتحدة، وطرد ممثلي سلطات تايوان على الفور من الأمم المتحدة وجميع مؤسساتها. وقد قضى هذا القرار بشكل قاطع على أي احتمال لخلق ما يسمى بـ “صينين”. إن السلطة القانونية لقرار الجمعية العامة رقم 2758 أمر لا يقبل أي التشكيك.
أخيرا، إن استذكار هذا الانتصار يهدف إلى بناء مستقبل مشرق يسوده السلام والازدهار. يشهد العالم اليوم تسارعًا في التغيرات الكبرى غير المسبوقة منذ قرن، فرغم أن تيار العصر المتمثل في السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك لم يتغير، إلا أن عقلية الحرب الباردة والهيمنة والحمائية ما تزال تخيم، فيما تتزايد التهديدات والتحديات الجديدة بلا توقف، ليدخل العالم مرحلة جديدة من الاضطراب والتحولات. ويحذرنا التاريخ من أن مصير البشرية مترابط، وأن الدول والأمم لا يمكنها الحفاظ على أمنها المشترك والقضاء على جذور الحروب ومنع تكرار المآسي التاريخية إلا عبر المعاملة على قدم المساواة، والتعايش السلمي، ومساعدة بعضهم البعض . وقد دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وطرح مبادرات كبرى مثل مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، ومبادرة الحوكمة العالمية، لتكون في المنعطف التاريخي الراهن منارات تهدي طريق السلام والتنمية، وتجمع توافقًا واسعًا من أجل التقدم المشترك للبشرية.
إن العلاقات الصينية-العربية تُعد نموذجًا لبناء نمط جديد من العلاقات الدولية. ونحن على استعداد للعمل مع الجانب العربي لتحمل الرسالة التاريخية والمسؤولية الكبرى كونهما عضوين مهمين في الجنوب العالمي، والدفاع عن مكاسب الانتصار في الحرب العالمية الثانية، والتصدي المشترك للأحادية وأعمال التنمر، وإضفاء زخم جديد على العلاقات الصينية-العربية والصينية-الأفريقية، والإسهام بمزيد من الجهود في صون السلام والاستقرار في العالم، وتعزيز التنمية والازدهار العالميين.