Saturday 12th July 2025
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

من رماد الحرب إلى شراكة المستقبل: في ذكرى مقاومة الصين للعدوان الياباني

منذ يومين في 10/يوليو/2025

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

 

من رماد الحرب إلى شراكة المستقبل: في ذكرى مقاومة الصين للعدوان الياباني

 

وارف قميحة

رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث
رئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل

 

 

في السابع من تموز من كل عام، تحيي الصين ذكرى اندلاع حرب المقاومة ضد العدوان الياباني عام 1937، وهي مناسبة لا تقتصر على استحضار الألم، بل تعيد إلى الأذهان حجم التضحيات التي قدمها الشعب الصيني في سبيل الدفاع عن سيادته وكرامته الوطنية. فقد شكّلت هذه الحرب التي استمرت حتى عام 1945 محطة مفصلية في تاريخ الصين الحديث وكان لها أثر عميق في تشكيل وعيها الوطني والسياسي.

على مدى ثماني سنوات خاضت الصين حربا دامية ضد آلة عسكرية متوحشة، خلفت وراءها أكثر من 35 مليون ضحية بين شهيد وجريح ومجتمعات مدمرة ومدنا محروقة وشعبا صامدا في وجه واحدة من أبشع صور الغزو في القرن العشرين.ارتُكبت خلال تلك الحرب مجازر مرعبة، أبرزها مجزرة نانجينغ التي قُتل فيها مئات الآلاف من المدنيين العزل بوحشية لا تزال تهزّ الضمير الإنساني حتى اليوم.

لكن الصين رغم هذا الخراب لم تنهزم. بل استطاع شعبها أن يخرج من تلك الحرب أكثر تماسكا وعزما أعاد بناء دولته ومجتمعه على أساس من الإرادة الجماعية والتضحية المشتركة. شكلت المقاومة الصينية آنذاك، لحظة وحدة وطنية شاملة تجلّت فيها الروح الشعبية الرافضة للعدوان والمؤمنة بأن لا مستقبل لأمة تُستباح سيادتها أو يُهدر كرامة شعبها.
إحياء هذه الذكرى لا يأتي من باب اجترار الماضي أو تأجيج مشاعر الكراهية، بل من باب التذكير بقيمة السلام وضرورة الدفاع عنه. فالتاريخ ليس فقط مرآة لما مضى، بل أداة لفهم الحاضر وصياغة مستقبل أكثر توازنا وإنصافا. من هنا فإن تذكّر حرب المقاومة الصينية هو أيضا تذكير بواجب الشعوب في صون ذاكرتها وعدم التفريط بالتضحيات التي مهّدت دروب الاستقلال والنهوض.

الرئيس الصيني شي جين بينغ عبّر عن هذا المعنى بدقة ووضوح، حين قال “الحرب هي مرآة تسمح للناس بفهم مدى قيمة السلام… ولأجل السلام، يجب أن نتمسك بالتنمية السلمية. لا نطلب الهيمنة ولا نريد التوسع ولن نفرض معاناتنا الماضية على أي أمة.” هذه العبارة تختصر ببلاغة الموقف الصيني: لا مكان للهيمنة ولا رغبة في الانتقام، بل رغبة صادقة في تحويل دروس الماضي إلى طاقة بنّاءة من أجل عالم يسوده الاحترام المتبادل والتعاون.

في العقود الأخيرة ورغم الخلفية المؤلمة سعت الصين واليابان إلى بناء علاقات جديدة قائمة على المصالح المشتركة والحوار السياسي. فرغم استمرار بعض الملفات العالقة مثل قضية الجزر المتنازع عليها وملف الاعتراف التاريخي بالفظائع المرتكبة خلال الحرب، فإن الطرفين يدركان أن تجاوز الماضي لا يعني نسيانه، بل مواجهته بشجاعة ووضعه في سياقه الأخلاقي والتاريخي والانطلاق منه لبناء علاقات مستقرة تحقق المنفعة المتبادلة لشعبيهما وللمنطقة.

من هنا تكتسب العلاقات الصينية اليابانية أهمية استراتيجية تتجاوز البعد الثنائي لتشكل نموذجا في كيفية بناء الشراكات رغم الذاكرة الجريحة. فالشعوب التي عانت من الحروب أكثر من غيرها هي الأقدر على إدراك معنى السلام الحقيقي. وإذا كانت الصين قد خرجت من الحرب أكثر قوة فإنها اليوم تترجم تلك القوة في مشاريع تنمية وتعاون إقليمي وعالمي ضمن رؤية لا تنكر الماضي لكنها ترفض أن تبقى رهينة له.
في السياق العالمي الحالي الذي يشهد تصاعدا في النزاعات والانقسامات تبرز التجربة الصينية في مقاومة العدوان ثم تجاوز جراحه كمثال يمكن أن تستلهمه العديد من الدول ومنها الدول العربية التي لا تزال تعاني من تداعيات التدخلات الخارجية والانقسامات الداخلية. التجربة الصينية تؤكد أن الحفاظ على السيادة لا يتحقق فقط برفع الشعارات، بل ببناء مشروع وطني متكامل يستند إلى التنمية وتكريس ثقافة السلام وتثبيت الذاكرة الحية كعنصر من عناصر الهوية الوطنية.

من المهم التذكير بأن بناء السلام لا يكون بتناسي الألم، بل بالاعتراف به وتوجيهه نحو ما يخدم الإنسانية جمعاء. والصين في تمسكها بإحياء ذكرى هذه الحرب لا تسعى إلى فتح جراح الماضي بل إلى ضمان ألا تتكرر مثل تلك الكوارث مجددا. وهذا ما يجعل الذاكرة التاريخية للصين جزءا من رسالتها الدبلوماسية في العالم، خاصة في محيطها الآسيوي حيث يتطلب الاستقرار التفاهم الصريح مع الجيران وعدم تجاهل الظلال الثقيلة للتاريخ.
إن حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني ليست مجرد فصل من الماضي، بل شهادة على ما يمكن أن تفعله الإرادة الشعبية حين تتحد وعلى الثمن الباهظ الذي تدفعه الشعوب حين تُترك فريسة لأطماع الآخرين. هي أيضا دعوة دائمة لكل أمة أن تبني ذاكرتها الجماعية لا لتنتقم، بل لتتعافى وتشارك في بناء نظام عالمي أكثر عدلا وتوازنا.

حتى لا ننسى، يجب أن نروي القصة. لا لنستحضر الكراهية، بل لنؤكد أن التضحيات لا تُمحى وأن السلام لا يُفرض بل يُصنع ويُصان ويُحمى بالوعي والمسؤولية والذاكرة.

 

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *