شبكة طريق الحرير الإخبارية/
“نحن والجَزرة..!”
الإنسان وأفعال الخير والمحبة
“رحلة لاكتشاف الدوافع الحقيقية خلف أعمالنا الصالحة”
* يلينا نيدوغينا: أُردنية وروسية الجنسية.
** الأكاديمي والصحفي مروان سوداح أُردني وروسي الجنسية.
تعالوا نتخيل سوياً: في حال أننا وضعنا وعاء مَليئا باللحم أمَام عرين الأسد، وَوِعاء آخر مليئاً بالدقيق، فماذا برأيكم سيختار الأسد؟ بالتأكيد سيختار وعاء اللحم! لكن لماذا يختاره؟ ببساطة لأن الأسود تأكل اللحم ولا تأكل الدقيق، فهذه هي طبيعة الأسود منذ اليوم الأول لولادتها. على ذات المقياس نحن البشر، إذ دائماً طبيعتنا سوف تختار أن تفعل الشر وفي حروب ونزاعات وقتل بالجملة و..الخ، لذلك، فإنه لا يوجد أمام الأسد أي مَخرَج أو فرصة للتفكير ماذا يختار، إذاً هو يختار أن يعمل الشر، فلا فرصة لديه للتفكير ما بين الخير والشر. للأسف، نحن نختار الشر دائماً حتى مهماً كان صغيراً، فالتاريخ البشري يَعرض ويُثبت ويُؤكد ذلك، وكل تعاملات الشعوب تُبَيِّن هذا الأمر أيضاً وتعرض إليه، إذ إن تاريخ البشر مليىء بالحروب وليس بالمحبة والتعاون الإنساني الثابت.
وهنا لا بد أن نتساءل: وماذا بالنسبة لكل أفعال الخير والمحبة التي نراها في هذا العَالَم من حولنا، فَ مَهمَا بدت الأفعال جميلة أو مليئة وطافحة بالإنسانية، فَ بالتأكيد سيكون الدافع المَدفون وراء تلك الأفعال مختلف، حتى ولو لم نكن نعلم بذلك أو نشعر به، فَعلى سبيل المِثال لا الحصر، فإن الشخص الفقير، أو ذاك الذي يُسَاعِد الفُقَراء، إنما يشعر بالفرح والاغتباط، ولهذا نرى فيه إبتسامة الفقير وهو يتلقى المُسَاعدة! حسناً، إذَنْ هل هذا خطأ؟، حسناً، إذن ما هو المُحَّرك الرئيسي وراء الاستمرار في العطاء؟ أهو الشعور بالرضى عن الذات الإنسانية؟ أو إنه تنفيذ وصايا الله لكي يتم مايُرضي ذلك الشخص؟ ماذا إذن عن الأطباء الذين يسافرون إلى دول بعيدة عن أوطانهم.. مثلاً إلى أقطار إفريقيا الممتلئة بالأوبئة ليهبوا إلى مساعدة المَرضى والمُقعدين وغيرهم كذلك دون أن يتلقى هؤلاء الأطباء مقابل خدماتهم أي نقود؟!
لكن الأهم هو: إن هنالك دافع مَخفِي، إلا وهو فرح الشعور العارم بإنجاز شيء ما مهم للإنسانية، و/أو تحقيق الذات، أو إمتلاك هدف ما واضح في الحياة أو هذه كلها مجتمعة!.