شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: عبد القادر خليل*
في خضم الحرب المتصاعدة بين إيران والكيان الصهيوني منذ أكثر من أسبوع، يتساءل كثيرون عمّا إذا كانت الولايات المتحدة بصدد التدخل عسكريًا ضد طهران، خاصة في ظل التوتر الإقليمي المتزايد والتهديدات المتبادلة. هذا التساؤل لا يمكن الإجابة عنه دون فهم أعمق للنهج الأمريكي تجاه الشرق الأوسط، الذي اتسم تاريخياً بتدخلات استراتيجية وانسحابات مدروسة تحكمها حسابات دقيقة لمصالحها الوطنية.
منذ منتصف القرن العشرين، لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في صياغة خريطة الصراعات والتحالفات في الشرق الأوسط. ومع أن دوافع تدخلاتها قد تتغير من مرحلة إلى أخرى، فإنها غالباً ما تُبنى على أربعة اعتبارات رئيسية:
هذا السلوك البراغماتي يوضح أن الولايات المتحدة لا تلتزم بمنطق “التدخل الدائم”، بل تزن كل قرار بناء على كلفته وفائدته، ووفقاً لمصالحها الشخصية، وخاصة في عهدة الرئيس ترامب.
في ظل الاشتباك العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران، تبرز ثلاثة سيناريوهات رئيسية تُحدد مدى احتمال تدخل أمريكي مباشر:
** عوامل قد تدفع إلى التدخل العسكري الأمريكي ضد إيران:
– تهديد وجودي لإسرائيل في حال تعرضها لهجوم واسع من إيران.
– استهداف مباشر للقوات الأمريكية في المنطقة.
– تهديد الملاحة الدولية أو إمدادات الطاقة، وخاصة عند غلق مضيق هرمز.
** عوامل تُقلل من احتمال التدخل الأمريكي:
– الرغبة في تجنب حرب شاملة في المنطقة.
– تركيز السياسة الخارجية الأمريكية على آسيا والصين.
– الاكتفاء بالردع غير المباشر والدعم الاستخباراتي للكيان الصهيوني.
استناداً إلى المؤشرات الراهنة، لا يُتوقع تدخل أمريكي مباشر ضد إيران في الوقت الحالي، ما لم تتعرض المصالح الأمريكية لهجوم مباشر، أو تتطور الحرب لتشكّل تهديداً وجودياً لإسرائيل. وبدلاً من ذلك، قد تكتفي واشنطن بخيارات “الردع المرن” مثل:
– الرفع من حدة التهديد والوعيد – تعزيز العقوبات – إرسال رسائل تحذيرية عبر الحلفاء أو التحركات البحرية، احتمالية توجيه ضربات محدودة.
تعكس السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط حرصها على حماية مصالحها الشخصية بخطط استراتيجية وحسابات دقيقة. وبينما تواصل إيرن وإسرائيل تبادل الضربات، ستبقى واشنطن في موقع المراقب، ومع تصرفات الرئيس الأمريكي دولاند ترامب المُفاجئة والغير متوقعة دائماً، قد تتدخل أمريكا عسكرياً، مع أنني أستبعد هدا الخيار، لأن تداعياته ستكون سلبية أكثر منها إيجابية على أمريكا بالدرجة الأولى، وربما تجر المنطقة إلى حرب مفتوحة لا يُحمد عُقباها، قد تجبر دولاً أخرى على التدخل حمايةً لمصالحها وفي مقدمتها روسيا.
*رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الإخبارية، عضو مجلس الإدارة في كل من الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين أصدقاء الصين، والرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل.