شبكة طريق الحرير الإخبارية/

الصين تقود ثورة تكنولوجية عالمية: DeepSeek يعيد رسم خريطة الابتكار

بقلم: الكاتب احمد محمد، عضو مجلس الادارة الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل

أثبت التطبيق الصيني DeepSeek، المدعوم بالذكاء الاصطناعي، تفوقه التكنولوجي بعد تصدُّره قائمة التطبيقات الأكثر تحميلًا على متجري “أبل” و”غوغل بلاي” في الولايات المتحدة خلال أيامٍ من إطلاقه، مُنافسًا بقوة نماذج غربية مثل “ChatGPT”، ومُحدثًا اضطرابًا في الأسواق التقنية الأمريكية، ما أدى إلى تراجُع حاد في أسهم شركات كبرى مثل “إنفيديا” التي خسرت 600 مليار دولار خلال يوم واحد.

صدمة الأسواق الأمريكية: تراجُع تاريخي ومخاوف من تحوُّل الثقل التكنولوجي

شهدت البورصات الأمريكية هزة عنيفة مع تراجُع أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، حيث فقدت “إنفيديا” وحدها 17% من قيمتها السوقية في يوم واحد، وهو أكبر انهيار يومي في تاريخ السوق الأمريكية، وفقًا لتحليلات اقتصادية (1).

كما واصلت أسهم الشركات اليابانية المرتبطة بصناعة الرقائق الإلكترونية خسائرها ،اذ تراجعت أسهم شركة “أدفانتست” الموردة لمعدات  أشباه الموصلات بأكثر من 10%، بينما انخفضت أسهم “طوكيو إلكترون” بنسبة 3.6%، وتراجعت أسهم “رينساس إلكترونيكس” بنسبة 2.29% اليوم الثلاثاء.

يُعزى هذا التراجُع إلى تصاعد المخاوف من قدرة الصين على اقتحام أسواق الذكاء الاصطناعي العالمية بمنتجات تنافسية، مدعومة بكفاءة هندسية وتكاليف تطوير منخفضة، ما يُهدد هيمنة الشركات الأمريكية على القطاع.

استراتيجية صينية متفوقة: ابتكار رغم العقوبات

رغم العقوبات الأمريكية التي حظرت تصدير تقنيات متطورة مثل شرائح “GPU” إلى الصين، نجح المهندسون الصينيون في تطوير DeepSeek عبر تحسين كفاءة استخدام الموارد المحدودة، وفقًا لتصريحات “ليانج وينفنج” مؤسس التطبيق، الذي أكد أن الشركات الصينية تعوّض فجوات الكفاءة التقنية بالعمل المكثف وابتكار حلول بديلة (2).

يُبرز نجاح التطبيق فشل العقوبات الأمريكية في كبح الابتكار الصيني، حيث تمكّنت الشركات من شق طريقها عبر التركيز على نماذج ذكاء اصطناعي فعّالة بتكلفة أقل، مستفيدةً من الدعم الحكومي والاستثمار الضخم في البحث والتطوير.

تحوُّل جيوسياسي: الشرق يصنع المستقبل الرقمي

يُعد التطبيق الصيني نقلةً استثنائية في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ يجمع بين الأداء العالي وسرعة الاستجابة، مدعومًا ببنية تقنية متطورة تتفوق على نظيراتها في جوانب مثل معالجة البيانات وتخصيص الخدمات للمستخدمين.

كما حظي التطبيق بإقبال كبير من المستخدمين الأمريكيين، مما يعكس ثقة متنامية في المنتجات التكنولوجية الصينية، ويُعيد تشكيل الصورة النمطية عن التفوق الغربي في هذا القطاع الحيوي.

وايضا يشير صعود DeepSeek إلى تحوُّل جذري في خريطة الابتكار العالمية، حيث تصبح الصين محركًا رئيسيًا للتطور التكنولوجي، بينما تبدو الولايات المتحدة عاجزة عن مواكبة الإنجازات الصينية المتسارعة.

يؤكد الخبراء أن هذا النجاح ليس تقنيًا فحسب، بل هو نتاج استراتيجية طويلة الأمد تعتمد على دمج الأبحاث الأكاديمية مع التطبيقات الصناعية، وتوجيه الموارد نحو قطاعات استراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.

خاتمة:

يشكل نجاح تطبيق DeepSeek الصيني علامة فارقة في مشهد التكنولوجيا العالمي، حيث يعكس قدرة الصين على تجاوز العقوبات ومنافسة كبرى الشركات الأمريكية بفضل الابتكار والتخطيط الاستراتيجي. هذا التحوّل لا يعيد رسم خريطة التكنولوجيا فحسب، بل يؤكد أن المنافسة على الريادة التكنولوجية قد دخلت مرحلة جديدة عنوانها التفوق الشرقي والمنافسة المستمرة.

وان هذا التفوق التكنولوجي يعكس قدرة الصين على تطوير تقنيات مبتكرة بكفاءة عالية، مما يسهم في دفع عجلة التقدم دون السعي لاحتكار السوق، بل بالمساهمة في إثراء قطاع التكنولوجيا بشكل عام.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية تعزيز العلاقات العربية الصينية بشكل أكبر. فالعالم العربي يمتلك فرصًا واسعة للاستفادة من هذه الثورة التكنولوجية ، وبناء شراكات استراتيجية تعزز من قدرات المنطقة وتفتح أمامها آفاقًا جديدة في عالم الابتكار والتكنولوجيا.