شبكة طريق الحرير الإخبارية/
إعداد: الأكاديمي مروان سوداح.
في الواقع اليومي المُعَاش يَعلم كل أُردني أكانَ صغير السِن أم كبيراً أو طاعناً في العُمر، أن العلاقات التاريخية الأُردنية البريطانية قوية وصَلدة صَلادة الصَخر، إذ تتكسر عليها كل المؤامرات التي تنصب على الأُردن بين حين وآخر من جهات مَكشوفَة ومفضوحة.
وفي مسيرة التاريخ وعلى صفحاته نقرأ، أن العلاقة بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المتحدة لبريطانيا العُظمى وأيرلندا الشمالية تتميز بالتعاضد والتفاهم التام والمتبادل، إذ تشترك عَمَّان ولندن في علاقة وثيقة بخاصةٍ منذ مساندة بريطانيا للأُردن في عملانية الإطاحة بالحكم العثماني أثناء في الحرب العالمية الأولى، وقد تمكنت الدولتان من تأمين التفاهم بينهما في علاقات متماسكة، ولهذا، ما نَزَال نرى أن للأردن سفارة نشطة في لندن، وكذلك سفارة للمملكة المتحدة في العاصمة عَمّان.
هذه العلاقات الأُردنية البريطانية عريقة في التاريخ على كل المستويات، سوءاً القيادية منها والشعبية والتجارية، وصولاً لثبات الصداقة بين البلدين، والتي كانت تأسست منذ عهد بعيد، إذ نَمَت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية بتسارع وأُقيمت وتم تدشينها في عام 1946 على مستوى المُعتمَدين والمُقِيمِين للدولتين، إذ بدأت هذه الصِلات بتناول وتأكيد إيجابي لكل التفاهمات والإيجابيات المشتركة لتفعيلها في شتى الحقول. وبالتالي، نلاحظ أن التعاون السياسي بين الأُردن والمملكة المتحدة يستمر وقد غدا يَتّسِم بتعاون تاريخي عميق ومتأصل في العديد من الفعاليات والتفاهمات، وما زال وسيبقى مُستمراً على أعلى المستويات.
في الفضاء الاقتصادي، وهو لعمري هام للغاية بين الأردن والمملكة المتحدة، يَبرز مِثالاً مُهِمَاً يُحتَذى دولياً للتعاون المتبادل بين بلدين صديقين يقعان جغرافياً في قارتين مختلفتين (ُأوروبا و آسيا)، لذا جاء الإعلان عن هذا الحوار فور لقاء جرى بين جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين ورئيس الوزراء البريطاني في العام 2011.
وفي صفحات التاريخ الحديث نقرأ عن فضاءٍ موازٍ ونشطٍ وهام للغاية باستضافة العاصمة البريطانية لندن مؤتمر المانحين السوريين في العام 2016. وفي هذا الصدد، وفي غيره من الفعاليات، لا تتوقف المملكة المتحدة عن دعم صَلدٍ للأُردن على شكل حُزمٍ اقتصادية وتجارية، كذلك وسياحية، بهدف تأكيد تواصُل التعامل مع الأثر الاقتصادي والاجتماعي لأزمة اللاجئين من الأشقاء الفلسطينيين والسوريين والعراقيين، ومن غيرهم مِمَن وجدوا في المملكة الأُردنية الهاشمية وطناً ثانياً حانياً عليهم ومُهتماً بهم، يَقبلهم ويُرَحِّب بهم على أرضه بكل احترام وتقدير ومحبة واهتمام، وبخدمات شتى تُقَدّم لهم أُردنياً بأُخوَّةٍ واحترامٍ، إذ يُلاحظ للمُتابع صَلادة العلاقات بين عَمَّان ولندن على مستوى الحكومتين الأُردنية والبريطانية، لاسِيَّما من خلال وزارة التنمية الدولية مع الحكومة الأُردنية، و وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بُغية تحقيق ما تم ويتم من الاتفاقيات بين عاصمتي الدولتين. وفي هذا المنحى الهام واللافت جداً، نقرأ بشغفٍ عن تقديم الحكومة البريطانية المساعدات المتواصلة للأردن (بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي)، لمراجعة قواعد أصول المُنتَجَات المُصنَّعة في الأردن لأسواق الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أكد ويؤكد على الدوام علو درجة الاستقرار الاقتصادي في الأردن الذي يتطور بانتظام.
وفي مجال متصل، وقّع البلدان على عددٍ من الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية، التي من أهمها على سبيل المِثال لا الحصر: “معاهدة المساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية (2013)”؛ “اتفاقية التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية” – (2009)؛ “اتفاقية تجنّب الازدواج الضريبي ومَنع التهرّب المالي من الضرائب على الدخل وعلى المكاسب الرأسمالية” – 2001 .
في التاريخ الأردني، نقرأ بأنه وحتى عام 1956، لم يكن للإمارة الهاشمية الأردنية الفتية إدارة مستقلة كاملة، فقد استمرت الحكومة البريطانية بممارسة نفوذها في جميع أنحاء الإمارة، إذ كان “جون باجوت غلوب”، المعروف في الأوساط والجماهير الشعبية الأُردنية باسم غلوب باشا، الذي كان الحاكم الفعلي المسؤول عن البلاد، وأرسى أساس “الفيلق العربي”، والذي عُرف “في المستقبل”، آنذاك، باسم “القوات المسلحة الأردنية”، وفي تلكم السنين المَطوية، لَعِب غلوب باشا دوراً مُثيراً للجدل، لا يزال للآن محل نقاش وتداول في الأُردن.
*يتبع (2).