شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم وانغ مو يي
صحفية صينية
يقام معرض الصين الدولي السادس للاستيراد في شانغهاي الصينية في الفترة من 5 حتى 10 نوفمبر الجاري، رغم أن الصراعات والأزمات الجيوسياسية تمتد في أجزاء العالم حاليا، إلا أن العديد من الدول أرسلت وفدها الأكبر أو الأعلى مستوى لحضور المعرض، ومن الجدير بالملاحظة بشكل خاص، لأول مرة بعثت الولايات المتحدة وفدا بقيادة كبار المسؤولين الزراعيين للمشاركة في المعرض، وحضر رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز حفل افتتاح المعرض وألقى الكلمة فيه، وهذه تعتبر أول زيارة إلى الصين يقوم بها رئيس وزراء أسترالي منذ أكثر من سبع سنوات. وكما يشهد المعرض حضور العديد من القادة الأجانب مثل رئيس الوزراء الكوبي ورئيس الوزراء الكازاخي ورئيسة وزراء صربيا..
منذ انعقاد نسخته الأولى في عام 2018، ظل معرض الصين الدولي للاستيراد رمزا لانفتاح الصين عالي المستوى على العالم ورمزا لمساعيها لبناء اقتصاد عالمي مفتوح. وخاصة في الوقت الذي لا يزال فيه العالم يتعافى من الجائحة ويعاني من تراجع نمو الاقتصاد، يوفر معرض الصين الدولي للاستيراد فرصا مربحة للمصدرين من جميع أنحاء العالم للوصول إلى السوق الصينية. وقال لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة الصيني، في كلمته خلال مراسم افتتاح المعرض إن الصين ستواصل تعزيز انفتاح أكبر لفرص السوق في المستقبل.. وأنه من المتوقع أن تصل واردات الصين من السلع والخدمات إلى 17 تريليون دولار أمريكي من حيث القيمة التراكمية في غضون الخمس سنوات القادمة. وذلك يعني أن الصين ستخلق المزيد من الفرص التجارية للشركات الأجنبية من خلال تقاسم فرص السوق الصينية مع العالم، وأدركت المزيد من بلدان العالم أهمية السوق الصينية خاصة بعد سلسلة من الصدمات الاقتصادية استمرت ثلاث سنوات.
في هذه الدورة من المعرض، جذب وصول الوفد الأمريكي الرسمي اهتمام الناس بشكل خاص. ترأست وزارة الزراعة الأمريكية وفدا للمشاركة في معرض الصين الدولي للاستيراد لأول مرة هذا العام، الذي يتكون من مسؤولي الوزارة وأعضاء جمعيات الأعمال الزراعية الأمريكية. وهذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها مسؤولون رفيعو المستوى من الحكومة الفيدرالية الأمريكية في معرض الصين الدولي للاستيراد، وهو أيضا أكبر وفد يرسله قطاع الزراعة الأمريكية إلى الصين منذ عام 2016.
كما أقامت الولايات المتحدة “جناح الأغذية والزراعة الأمريكية” في معرض الصين الدولي السادس للاستيراد، الذي يضم 17 عارضا يركز على المنتجات الزراعية مثل اللحوم ومنتجات الألبان والنبيذ والمكسرات وأيضا التكنولوجيا الزراعية.. هذه هي المرة الأولى التي تقيم فيها الولايات المتحدة جناحا في المعرض منذ دورته الأولى في عام 2018، الأمر الذي يعكس رغبة الحكومة الأمريكية القوية في توسيع السوق الصينية للمنتجات الزراعية الأمريكية.
وقال نيكولاس بيرنز، سفير الولايات المتحدة لدى الصين، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني: “إن علاقاتنا (البلدين) معقدة للغاية، لكن الزراعة هي حجر الثقل في العلاقة بين البلدين.” تعد الصين أكبر مقصد للمنتجات الزراعية الأمريكية في عام 2022، حيث وصل حجم الصادرات إلى الصين إلى 38.16 مليار دولار أمريكي، ما يمثل 19.5% من إجمالي الصادرات الزراعية الأمريكية. إن إرسال الولايات المتحدة وفدا رسميا إلى المعرض للمرة الأولى يعكس التغيرات في العلاقات الاقتصادية والتجارية للولايات المتحدة مع الصين، ويدل على أن مزايا سوق الصين الضخمة وتصميمها على الانفتاح قد أصبحت عوامل مهمة تجتذب الولايات المتحدة.
إضافة إلى ذلك، وصل رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز إلى شانغهاي يوم السبت في زيارة تستغرق أربعة أيام، هي الأولى له كرئيس للوزراء، وأول زيارة إلى الصين يقوم بها رئيس وزراء أسترالي منذ سبع سنوات. وكانت محطته الأولى في الصين هي معرض الصين الدولي للاستيراد، الذي افتتح يوم الأحد الماضي، حيث حضر ألبانيز حفل افتتاح المعرض والفعاليات ذات الصلة، وتعهد ألبانيز “بالعمل بشكل بناء” مع الصين، وقال أن العلاقات الصينية الأسترالية ناضجة وذات طبيعة تكاملية.. وإقامة العلاقات من خلال الحوار والتعاون في مصلحة كل من أستراليا والصين.. بعد شنغهاي، سافر ألبانيز إلى بكين، حيث التقى بالرئيس الصيني شي جين بينغ.
يعتقد مجتمع الأعمال الأسترالي أن خطوة ألبانيز تظهر أن التجارة أصبحت ركيزة لاستقرار العلاقات بين البلدين وتساهم في إذابة الجليد في علاقاتهما الثنائية، الذي سببته الخلافات الاقتصادية والسياسية في السنوات الماضية. وعندما تحدث عن هذه الزيارة، أكد ألبانيز أن ربع عائدات التصدير الأسترالية تأتي من الصين، أي أكثر من الشركاء التجاريين الثلاثة التاليين، الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان مجتمعين.. كما قال ديفيد أولسون، رئيس مجلس الأعمال الأسترالي الصيني، إن “التجارة كمرساة توفر الاستقرار واليقين للسماح بمشاركة أكبر بينما نواجه تيارات وعقبات غير مؤكدة تكمن تحتها”.
وفي معرض الصين الدولي للاستيراد لهذا العام، ومن بين 72 جناحا للدولة والمنظمة الدولية 64 منهم من الدول المشاركة في بناء “الحزام والطريق”، وتشارك أكثر من 1500 شركة من دول “الحزام والطريق ” في المعرض. في الأيام القليلة الماضية، انطلق قطار الصين- وأوروبا مسلما باستمرار البضائع من دول “الحزام والطريق” إلى موقع المعرض عابرا القارة الأوراسية. أجرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية حسابا مفصلا لبيانات التجارة الصينية في الثالث من الشهر الجاري وأشارت إلى أن الصين حققت معلما هاما: لأول مرة منذ أكثر من 40 عاما، تجاوز حجم تجارة الصين مع الدول النامية حجم تجارة الصين مع الولايات المتحدة وأوروبا واليابان مجتمعة. ومن الواضح أن التجارة والاستثمارات الصينية مع العالم تشكل نمطا جديدا.
جذب معرض الصين الدولي للاستيراد هذا العام ممثلين من 154 دولة ومنطقة ومنظمة دولية حول العالم للمشاركة فيه، فيما سجل أكثر من 3400 عارض و394 ألف زائر حضورهم للحدث، وتم عرض أكثر من 400 منتج وتقنيات وخدمات جديدة لأول مرة خلال فترة المعرض. “دع السوق الصينية تصبح سوق مشتركة للعالم وللجميع”! ظلت الصين تلتزم بوعودها، ويظهر السوق الصينية الضخمة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، وفئة المجتمع متوسطة الدخل تزيد عن 400 مليون نسمة جاذبيتها بشكل متزايد، وخاصة في ظل الانكماش الاقتصادي العالمي الحالي.
بقلم وانغ مو يي
صحفية صينية