شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم الصحفية الصينية وانغ مو يي
تقام الدورة الـ133 للمعرض الصيني للاستيراد والتصدير، والمعروف أيضا باسم معرض كانتون في مدينة قوانغتشو جنوب الصين في الفترة من 15 أبريل/نيسان إلى 5 مايو/أيّار على 3 مراحل، وهي المرة الأولى التي يستأنف إقامة الأنشطة بالكامل على أرض الواقع (غير الإفتراضية) بعد توقف ثلاث سنوات بسبب انتشار كوفيد-19. وتسجل هذه الدورة مستوى قياسيا مع مشاركة نحو 35 ألف مؤسسة عارضة فيها..
يعد معرض كانتون مقياس ومؤشر للتجارة الخارجية الصينية، فهو أكبر وأقدم معرض تجاري في الصين، يُعقد المعرض في فصلي الربيع والخريف كل عام منذ ربيع عام 1957 في كانتون (قوانغتشو) بالصين، وقد مرّ على إطلاق الدورة الأولى للمعرض 67 عاما حتى الآن كان معرض كانتون في البداية يقام لكسر العزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية الغربية تجاه الصين. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1949، بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية للتو، تم إنشاء الولايات المتحدة وخلفاؤها الغربيون “لجنة التنسيقية للرقابة متعددة الأطراف على الصادرات” في بريس، الذي يستهدف إلى منع الدول الأعضاء من تصدير معدات وتقنيات ومواد استراتيجية إلى الصين والدول الاشتراكية الأخرى، وفرض حصار اقتصادي وحظر تجاري على هذه الدول. وفي عام 1951، دفعت الولايات المتحدة الأمم المتحدة لتمرير القرار لفرض حظر تجاري على جمهورية الصين الشعبية، على أمل هزيمتها من خلال الحروب الاقتصادية والتجارية.
لكسر الحصار وتطوير تجارة الصين على الخارج وكسب العملات الأجنبية لخدمة البناء في بداية تأسيس الدولة، أقام نظام التجارة الخارجية لمقاطعة قوانغدونغ الصينية ثلاثة دورات من معرض مواد التصدير في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول عام 1955 إلى مايو/أيّار عام 1956. وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 1956، تم إقامة معرض سلع الصادرات الصينية في قوانغتشو بنجاح، الذي يعد “بروفة” لمعرض كانتون اللاحق. وعلى هذا الأساس، افتتح معرض كانتون الأول في يوم 24 أبريل/نيسان عام 1957، الذي جذب أكثر من 1200 مشتري من 19 دولة والمنطقة للمشاركة فيه وكسب مبلغا من العملات الأجنبية للبلاد. ومنذ ربيع عام 2007، خصص المعرض منطقة الاستيراد وتم تحويل اسهه الرسمي إلى “معرض الاستيراد والتصدير الصيني”.
قوانغتشو هي عاصمة الألفية القديمة للأعمال التجارية في الصين، ومركز الصين الاقتصادي والتجاري المهم. تقترب قوانغتشو من هونغ كونغ وماكاو، حيث كانت غنية بالموارد التجارية الدولية والعملات الأجنبية، وإلى الجنوب تشع قوانغتشو سوق جنوب شرق آسيا الواسع، أما إلى الشمال فهناك المنطقة الحضرية المكتظة بالسكان في البر الرئيسي للصين. وعلاوة على ذلك، كانت قوانغتشو المحطة الرئيسية لطريق الحرير البحري في التاريخ، ولديها تاريخ عريق للتجارة الخارجية، وقد مر عليها العديد من التجار العرب والآخرين. وفي العصر الحديث هي أيضًا أكبر قاعدة بحث وتطوير للتصنيع الذكي والمواد الجديدة وميناء استيراد وتصدير المواد الجديدة في الصين، لذا تكون قوانغتشو مكانا مثاليا لإقامة المعرض سواء في الماضي أو الآن.
وفي السنة الأولى من معرض كانتون (نسخة الربيع ونسخة الخريف)، بلغ إجمالي حجم التداول في المعرض 86.86 مليون دولار أمريكي، ما يمثل 20% من إجمالي إيرادات العملات الأجنبية الوطنية في ذلك العام، وبعد عامين، تضاعف إجمالي حجم التداول أكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 279 مليون دولار أمريكي في عام 1958. وفي عام 1969، ارتفع الرقم إلى 764 مليون دولار أمريكي. سرعان ما أصبح معرض كانتون القناة الرئيسية لتصدير الصين وكسب العملات الأجنبية، وكسب قدرا كبيرا من العملات الأجنبية للصين لدفع تطوير التصنيع في بداية تأسيس البلاد. كما أظهر للعالم رغبة الصين في إقامة وتطوير العلاقات التجارية مع جميع البلدان على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة. وساعد معرض كانتون الصين في كسر العزلة السياسية والاقتصادية من الدول الغربية في ذلك الوقت، وإنشاء قنوات تجارية وقنوات بيع خاصة بها.
كان يمثل حجم صادرات معرض كانتون أكثر من 30% من إجمالي حجم الصادرات السنوية للتجارة الخارجية الصينية منذ عام 1965، وفي عامي 1972 و1973، تجاوزت النسب 50%. ومنذ إنشاء المعرض قبل 67 عاما، بلغ إجمالي حجم الصادرات لمعرض كانتون 1.5 تريليون دولار أمريكي، وما مجموعه حوالي 10 ملايين مشتري أجنبي قد شاركوا في معارض حاضريا أو عبر الإنترنت. دخل عدد لا يحصى من المنتجات الصينية إلى بلدان العالم من خلال معرض كانتون، وجعل العالم يعرف الصين كـ “مصنع العالم”، كما أتى تجار العالم إلى الصين عبر المعرض لمعرفة سوق الصين الواعدة. وحتى منذ عام 2020، بعد انتشار جائحة كوفيد-19، تم إقامة معرض كانتون عبر الإنترنت على مدى 6 دورات متتالية، وساهم في الحفاظ على سلاسل التصنيع والتوريد السلسة للتجارة الخارجية للصين.
في يوم 5 مايو/أيّار هذا العام، اختتمت الدورة الـ133 لمعرض كانتون، وهو أول معرض كانتون يقام على أرض الواقع (غير الإفتراضية) منذ انتشار الوباء، ويعد أكبر معرض في تاريخه من حيث الحجم. زادت مساحة المعرض من 1.18 مليون متر مربع إلى 1.5 مليون متر مربع، وارتفع عدد الأكشاك من 60 ألف منصة إلى 70 ألف منصة، وزاد عدد مؤسسة عارضة من 25 ألف إلى نحو 35 ألف، شكلت شركات ومؤسسات الإنتاج أكثر من 50%، والشركات والمؤسسات الخاصة 90.1%. ويظهر البيانات أنه في المرحلة الأولى (19-15 إبريل) من معرض كانتون (لها ثلاث مراحل لكل دورة) عام 2023، يأتي 6.6 ألف مشتري أجنبي إلى المعرض، وبلغ حجم مبيعات الصادرات إلى 12.8 مليار دولار أمريكي. تعكس البيانات المرونة القوية والقدرة التنافسية الجيدة للتجارة الخارجية الصينية.و وفقًا لإحصاءات الجمارك الصينية، في الربع الأول عام 2023، بلغ حجم صادرات الصين 5.65 تريليون يوان (حوالي 817.8 مليار دولار أمريكي)، بزيادة سنوية قدرها 8.4٪.
لا يزال الوضع الدولي غير مستقر، ويعد عدم اليقين بشأن الطلب الخارجي أكبر تحدي للتجارة الخارجية الصينية الآن، لكن مهما كان الوضع يتغير، كما يؤكد الرئيس الصيني شي جين بيغ: “باب الصين الانفتاح لن تغلق، بل سيفتح على نطاق أوسع وأوسع”، إن تاريخ تطوير معرض كانتون هو مصغر لتاريخ تطوير التجارة الخارجية الصينية، وسيستمر المعرض في لعب دوره الإيجابي في حقبة ما بعد الوباء ليعود الفوائد إلى دول العالم من خلال التجارة.