شبكة طريق الحرير الإخبارية/
الزيارة الأولى للرئيس شي جين بينغ خارج الصين تضيف طاقة إيجابية في العالم
— بقلم: السيد تشيان جين القائم بأعمال سفارة جمهورية الصين الشعبية بالجزائر
خلال الفترة ما بين 14 إلى يوم 19 نوفمبر 2022، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ الدورة الـ17 لقمة قادة مجموعة العشرين بجزيرة بالي، إندونيسيا، والدورة الـ29 للاجتماع غير الرسمي لقادة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ ببانكوك، تايلاند، وتعد زيارة الرئيس شي الأولى خارج الصين بعد انعقاد المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني. كانت هذه الزيارة نتائجها مثمرة وتأثيراتها بعيدة المدى، حيث أضافت طاقة إيجابية في هذا العالم غير المستقر.
تحقيق التنمية والكسب المشترك من خلال التحديث الصيني النمط
رسم المؤتمر الوطني الـ20 الحزب الشيوعي الصيني اتجاه تنمية الصين في السنوات الخمس المقبلة وعلى المدى البعيد ، وأثناء هذه الزيارات، تحدث الرئيس شي في اجتماعاته الثنائية ومتعددة الأطراف عن مجريات المؤتمر الوطني الـ20 الحزب الشيوعي الصيني بشكل منهجي ومعمق وجيد، حيث وضع العالم في الصورة بخصوص اتجاه التنمية المستقبلية للصين، التي ترتكز على تحقيق تنمية البلاد ونهضة الأمة من خلال التحديث الصيني النمط.
وسلط الرئيس شي الضوء على الأهداف العالمية لتنمية الصين مع إبراز الخصائص الخمسة للتحديث الصيني النمط، وأكد في كلماته على أن تحقيق الصين والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.4 مليار لتحديث هذا النموذج من شأنه ان يقدم سوق هائلة.
إن تمسك الصين بالتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة سيشجع التحول نحو الاقتصاد الأخضر ومنه خفض نسبة الكربون في العالم. وإن الصين التي تتجه نحو التحديث، ستوفر فرصا أكثر للعالم وستعطي قوة دافعة أكبر للتعاون الدولي، ما يسهم بصورة أكبر في تقدم البشرية جمعاء.
إن تحديث الصيني النمط ليس نسخة من تجربة صعود القوى العظمى التقليدية، كما إنه ليس إعادة نموذج الدول الكبرى التي تسعى للهيمنة، بل هو اعتماد نهج قويم تستفيد منه الصين وكل دول العالم بما يسمح للمجتمع الدولي تحقيق السلام والتعاون والكسب المشترك.
في المقابل أكد العديد من القادة المشاركين أن الصين ستواصل الحفاظ على الازدهار والاستقرار مستقبلا، وستقدم مساهمات أكبر للعالم، وعبروا عن استعدادهم لتعزيز تبادل الخبرات حول الحكم والإدارة، وتعميق التعاون في سبيل تحقيق المنفعة المتبادلة مع الجانب الصيني، ودفع السلام والتنمية والازدهار الاقتصادي المشترك.
تعزيز الحوكمة العالمية بالتضامن والشمولية
في الوقت الراهن، يعرف العالم تغيرات متسارعة لم يشهدها منذ مائة سنة، بسبب استمرار تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وتوتر الأوضاع الجيوسياسية، في ظل مواجهة العالم أزمات متعددة الأوجه كنقص التمويل والاقتصاد والطاقة والغذاء، حقيقة يقف العالم من جديد أمام مفترق طرق.
في قمة مجموعة العشرين، دعا الرئيس شي جين بينغ كافة دول العالم إلى أن تكرس مفهوم المستقبل المشترك للبشرية، وأن تدعو إلى السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، والسعي إلى استبدال الانقسام والمواجهة والإقصاء بالتضامن والتعاون والشمولية لدفع تنمية عالمية أكثر شمولا ونفعا ومرونة للجميع، كما أنه دعا الدول الأكثر تقدما أن تساعد الدول الأخرى بنية صادقة.
وفي قمة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، دعا الرئيس شي جينبينغ إلى السير على طريق التنمية السلمية وطريق الانفتاح والشمولية وطريق التعاضد والتساند، وتعميق الشراكة المتميزة التي ترتكز على الثقة المتبادلة والتعاون والكسب المشترك التي تربط دول آسيا والمحيط الهادئ، بهدف بناء مجتمع المستقبل المشترك لآسيا والمحيط الهادئ يسوده السلام والاستقرار، والرخاء المشترك.
وخلال الاجتماعات لعب الجانب الصيني دورا رياديا، حيث طرح مقترحا لبناء الشراكة العالمية من أجل الانتعاش الاقتصادي ومبادرة التعاون الدولي في الأمن الغذائي، ودعم انضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين، وطرح فكرة إقامة الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي العام المقبل.
إن الجانب الصيني خلال حضوره القمتين دعا إلى تعددية الأطراف الحقة والتمسك بالإقليمية المنفتحة، ما يضفي ثقة ثمينة للمجتمع الدولي ويقدم قوة دافعة للحوكمة العالمية، وهي الدعوات التي عرفت استجابة ودعما ايجابيين من مختلف الأطراف.
إدارة العلاقات الصينية الأمريكية بالمسؤولية التي يجب أن تتحملها الدول الكبرى.
تعتبر العلاقات الصينية الأمريكية من أهم العلاقات الثنائية في العالم، حيث تأثر على السلام والاستقرار والتنمية والازدهار عالميا وهو ما جعلها تحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي.
وعقد الرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعا وجها لوجه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في بالي، وكان هذا أول اجتماع مباشر بين رئيسي البلدين على مدى السنوات الثلاث الماضية، لا سيما منذ تفشي جائحة كوفيد-19، حيث تبادل الرئيسان وجهات النظر بشكل صريح ومعمق حول القضايا المهمة في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة و تلك التي تعني التنمية والسلام العالميين.
وشدد الرئيس شي على ضرورة النظر إلى العلاقات بين الصين والولايات المتحدة والتعامل معها من منظور فهم الاتجاه العام للعالم، والتخلي عن عقلية اللعبة الصفرية المتمثلة في “أنت تخسر، أنا أفوز” و”أنت تنهض، أنا أسقط”، وعلى أهمية إقامة علاقات تتسم بالحوار بدلا من المواجهة، والربح للجميع بدلا من المحصلة الصفرية، وتمسك الجانبين بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح، من أجل ضمان بقاء العلاقات الثنائية على المسار الصحيح دون انحراف أو توقف، ناهيك عن التصادم.
أكد الرئيس شي أن مسألة تايوان هي في صميم المصالح الجوهرية للصين وهي حجر الأساس للجانب السياسي من العلاقات الصينية الأمريكية، فضلا عن كونها أول خط أحمر لا يمكن تجاوزه في العلاقات بين البلدين، وفي هذا السياق حث الجانب الأمريكي على مطابقة أقواله بأفعاله، والتمسك بالتزامه بـ”اللاءات الخمس” والمتمثلة في (عدم السعي إلى حرب باردة جديدة، وعدم السعي إلى تغيير نظام الصين، وألا يكون تنشيط تحالفاتها موجها ضد الصين، وعدم دعم ما يسمى “استقلال تايوان”، وعدم السعي إلى صراع مع الصين).
من جانبه قال بايدن إن الصين المستقرة والمزدهرة أمر جيد للولايات المتحدة والعالم، و إن الولايات المتحدة والصين تتحملان مسؤولية مشتركة للإظهار للعالم أنهما قادرتان على إدارة خلافاتهما وتجنب تحول المفاهيم الخاطئة أو المنافسة الشرسة إلى مواجهة أو صراع.
وكرر الجانب الأمريكي التزامه بـ”اللاءات الخمس”، موضحا أن الولايات المتحدة لا تدعم “صينين” أو “صين واحدة وتايوان واحدة” ولا تسعى إلى استخدام مسألة تايوان كأداة لاحتواء الصين وليس لديها نية للسعي إلى “فك الارتباط” مع الصين أو لتعطيل التنمية الاقتصادية للصين أو لاحتواء الصين.
لعبت هذه القمة الثنائية دورًا استراتيجيًا لا يمكن الاستغناء عنه في إدارة العلاقات الصينية الأمريكية واستقرارها، وستؤثر بشكل عميق على اتجاه تطور العلاقات الصينية الأمريكية وتغير النظام الدولي.
في الوقت الرهن، تطرأ تغيرات على العالم والعصر والتاريخ بشكل غير مسبوق. تضع الصين مستقبل البشرية في المقام الأول، وتحافظ بحزم على سلام وتنمية العالم بينما تسعى إلى تنميتها، وتغتنم تنميتها للحفاظ على السلام في العالم و المساهمة في التنمية، حيث ستوفر فرصا أكثر للعالم بما فيه الجزائر.
تولي الصين اهتماما بالغا للعلاقات الودية المتميزة مع الجزائر، وتستعد لتعزيز التضامن والتعاون، والعمل يدا بيد لتحسين الحوكمة العالمية، وتقديم مساهمات أكبر لتحقيق التنمية الذاتية، وحماية المصالح المشتركة للدول النامية، ودفع قضية السلام والتنمية للبشرية.