شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
علي سلمان العقابي،
عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين اصدقاء وحلفاء الصين فرع العراق
ضور رسمي دولي وشعبي أحيت الصين الذكرى الثمانين للانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، بانطلاق احتفال ضخم في العاصمة بكين، جمع بين الاستعراض العسكري المهيب الذي حمل التطور العسكري في القوات الحربية بكل صنوفها والخطاب السياسي العميق الذي القاه الرئيس بالمناسبة، في رسالة أرادت بكين من خلالها التذكير بتاريخها وتثبيت حضورها كقوة عالمية لا يمكن تجاهلها في ظل الوضع العالمي الحالي.
الخلفية التاريخية للاحتفال:
الذاكرة الصينية مليئة بالأحداث السياسية والعسكرية فالتاريخ الطويل من النضال والكفاح يحمل في طياته ذكريات مرت بها الصين وتحتل الحرب العالمية الثانية مكانة خاصة في هذه الذاكرة، إذ تعرضت البلاد خلال تلك الفترة لغزو دموي من اليابان عُرف بـ “حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني”، والتي شكّلت أحد فصول الحرب العالمية الثانية في آسيا. ومع انتهاء الحرب عام 1945، كان للصين دور بارز ضمن دول الحلفاء التي ساهمت في هزيمة الفاشية. ومنذ ذلك الحين، دأبت بكين على إحياء المناسبة باعتبارها رمزًا للنصر والتضحيات التي قدمها الجيش والشعب الصيني,
الاستعراض العسكري: قوة تُترجم أرض الواقع
شهدت ساحة تيانانمن في قلب بكين أكبر عرض عسكري خلال السنوات الأخيرة، بمشاركة عشرات الآلاف من الجنود وأكثر من ألفي آلية عسكرية. اضافة الى الطيران الحربي. حيث استعرضت الصين لأول مرة أسلحة متطورة تشمل الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وأنظمة دفاع جوي متقدمة، وطائرات مقاتلة حديثة، ما اعتبره المراقبون رسالة واضحة بأن بكين باتت تمتلك “قدرات عسكرية تضاهي القوى الكبرى”.
كما شاركت في الاستعراض وحدات متعددة من قوات الجيش، البحرية، وسلاح الجو، إلى جانب وحدات خاصة تمثل “قوات حفظ السلام” الصينية، في إشارة إلى دور الصين المتنامي عالميًا. اللافت أن العرض لم يكن مجرد عرض للقوة العسكرية، بل تخلله مشاركة رمزية لقدامى المحاربين الذين حاربوا في صفوف المقاومة الصينية، الإشارة التي ربطت بين الماضي البطولي والحاضر الصاعد.
رسائل الداخل والخارج في خطاب الرئيس:
بالمناسبة وخلال الاحتفال ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابًا اعتبره كثيرون محور الاحتفال، حيث جمع بين الذاكرة التاريخية والرسائل السياسية المعاصرة.
أكد الرئيس في خطابه على أن “الشعب الصيني لن ينسى أبدًا التضحيات الجسام التي قدّمها ملايين الشهداء في سبيل الحرية والاستقلال”، مشددًا على أن الصين ستبقى حارسًا للسلام العالمي.”
ودعا بينغ المجتمع الدولي إلى “احترام النظام الدولي القائم على مبادئ الأمم المتحدة، ورفض منطق الهيمنة والتوسع.” في رسالة واضحة الى قوى الاستكبار العالمي التي تحاول زعزعة الامن والسلام في كوكب الأرض.
وكانت رسالة بينغ واضحة فقد أرسل تطمينات للعالم بأن “الصين مهما بلغت قوتها العسكرية والاقتصادية، فإنها لن تسعى إلى الهيمنة أو السيطرة”، في محاولة لتهدئة مخاوف القوى الغربية.
وفي ظل التوترات الإقليمية مع الولايات المتحدة وحلفائها في بحر الصين الجنوبي وتايوان فقد حمل خطاب الرئيس الصيني بينغ رسالة ردع واضحة والتي شدد فيها على ان “السيادة الوطنية للصين ووحدة أراضيها خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها”.
البعد السياسي والدبلوماسي:
الاحتفال لم يكن محليًا فقط، بل حضره ممثلون عن عشرات الدول، بينهم قادة ومسؤولون رفيعو المستوى من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو ما يعكس رغبة الصين في استثمار المناسبة لتعزيز تحالفاتها الدولية، خاصة في ظل التوترات مع الغرب.
كما أرادت بكين أن تذكّر العالم بأنها كانت إحدى القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وأن لها مقعدًا أصيلًا في صياغة النظام الدولي الجديد.
ردود الفعل الدولية: أثار العرض والخطاب مزيجًا من الانبهار والحذر.
قوبل العرض العسكري والانشطة المصاحبة له بمزيج من الترحيب والحذر. فبينما حذرت قوى غربية من أن الاستعراض يعكس طموحات بكين المتزايدة لإعادة تشكيل موازين القوى الدولية. ترى الدول الحليفة والصديقة ان الصين اثبتت عبر هذا الاحتفال أنها ليست فقط وريثة تاريخ طويل من المقاومة والنصر، بل أيضًا لاعب محوري في معادلة القوة الدولية الراهنة. فالذكرى الـ80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية لم تكن مجرد احتفال بذكرى تاريخية، بل منصة لإبراز الحاضر والتطلع إلى المستقبل، حيث تصر بكين على أن تكون قوة عسكرية واقتصادية وسياسية مؤثرة، مع وعدها الدائم بأن السلام سيبقى هدفها الأول.