شبكة طريق الحرير الإخبارية/
*ما شان شان، باحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة صون يات صن.
هناك مثل صيني يقول: “لا تنس ما حدث من قبل، فهو دليل للمستقبل.” يعني أن الناس عليهم أن يحصلوا على التجارب من الأمر الماضي لتكون درسا للمستقبل. فنذكر التاريخ لخلق المستقبل، ونذكر الحرب لحفظ السلام. يصادف هذا العام الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة والذكرى السنوية الثمانين لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية. إذا أعدنا ننظر إلى الحرب العادلة التي اجتاحت العالم، نجد أن عملية الشعب الصيني وشعب الاتحاد السوفيتي وشعب الدول العربية وغيرها من الحلفاء الآخرين في مقاومة الغزو والسعي إلى الاستقلا قد أحدثت صدى بعيدا ساهم في إعادة بناء النظام الدولي الجديد بعد هذه الحرب، ووفر إلهاما مهما للتعاون الدولي المعاصر.
كانت حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني إحدى الجبهات الشرقية الرئيسية للحرب العالمية ضد الفاشية ومكونًا حاسمًا في الحرب العالمية الثانية. انفجرت حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني بهجوم اليابان في مدينة شنيانغ، منطقة شمال شرقي الصين في 18 سبتمبر 1931، واحتلها الجيش الياباني بسرعة. قد شهدت هذه الحرب مرحلتين: مرحلة محلية ومرحلة شاملة خلال السنوات الـ 14 التالية حتى انتصرت الصين على العدوان الياباني في عام 1945. فأخطرت اليابان في 15 أغسطس 1945 الدول الأربع من الصين والاتحاد السوفيتي وأمريك وبريطانيا في تعبير عن قبولها لإعلان بوتسدام الصادر بشكل مشترك من الدول الاربع في 26 يوليو 1945. وفي ظهر اليوم نفسه، أصدر إمبراطور اليابان هيروهيتو استسلامه ببث إذاعي بدون أي شرط. وانتهت حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني في 2 سبتمبر 1945 باستسلام اليابان رسميًا دون أي شرط. ويكون اليوم التالي أي ثالث سبتمبر يوم الانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني. هزم انتصار حرب المقاومة ضد العدوان الياباني الجيش الياباني تمامًا ودافع عن السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها، وفي الوقت نفسه، عزز أيضًا صحوة الأمة الصينية ووحدتها ودعا الروح الوطنية العظيمة المتحورة بحب الوطن، كما خلق معجزة وهي هزم البلد شبه المستعمرة وشبه الإقطاعي الضعيف قوة إمبريالية، وشجع شعوب الدول المستعمرة وشبه المستعمرة على نضال من أجل الاستقلال الوطني والتحرير.
كانت الحرب السوفيتية الألمانية من عام 1941-1945 جبهة شرقية رئيسية أخرى في الحرب العالمية ضد الفاشية. في عام 1941، واستعدت ألمانيا لغزو الاتحاد السوفيتي بعملية بارباروسا بعد احتلال دول بشمال أوروبا وغرب أوروبا. فشن هتلر حربًا خاطفة ضد الاتحاد السوفيتي في 22 يونيو، بينما دعا ستالين الشعب السوفيتي لخوض صراع يائس ضد الفاشية الألمانية في 3 يوليو، واندلعت الحرب السوفيتية الألمانية بكشل شامل. مرت الحرب السوفيتية الألمانية بثلاث مراحل، وهي قيام السوفيتي بهجوم مضاد، ثم تغيير الوضع وهجوم شامل أخيرا حتى نجح الجيش السوفيتية في هجوم العاصمة الألمانية برلين واستيلائها في 2 مايو 1945 واستسلمت ألمانيا دون أي الشرط بعد ستة أيام فانتهت الحرب السوفيتية الالمانية. لقد قدم نصر الحرب السوفيتية الألمانية دعماً قوياً لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية وساعد بشكل كبير الدول الغربية مثل بريطانيا وأمريك في حملاتها في شمال أفريقيا وإيطاليا، فضلاً عن فتح الجبهة الثانية في أوروبا.
كما لعبت الدول العربية دورا مهما لنصر الحرب العالمية ضد الفاشية. من المعروف أن الدول العربية تقع بين قارات آسيا وإفريقيا وأروبا لها دور مهم من حيث الجغرافيا والسياسة والوقود. فأصبحت مصر مركزا من مراكز قيادة رئيسية للحلفاء ومعقلًا استراتيجيًا نظرا لموقعها الاستراتيجي الحاسم خلال الحرب العالمية الثانية. فمعركة العلمين التي خاضت في شمال مصر هي نقطة تحول في انتصار ميدان المعركة في شمال إفريقيا لحرب العالمية ضد الفاشية. كان إيطاليا تغزو مصر ولكن هزمتها القوات البريطانية في عام 1940. ثم أرسلت ألمانيا فيلقها الأفريقي لمساعدة إيطاليا حتى تقدمت ألمانيا إلى منطقة العلمين في مصر مهددة مصر والشرق الأوسط بأكمله بالاحتلال من قبل قوى المحور في عام 1942. واخترق الجيش البريطاني الدفاعات الألمانية بعد قتال عنيف في 2 نوفمبر، وفاز في معركة العلمين مع انسحاب الجيش الألماني. في العام التالي بعد انتصار معركة العلمين، عقدت الصين وبريطانيا وأمريك مؤتمر القاهرة في مصر ووقعت على إعلان القاهرة الذي أدان وعارض عدوان اليابان ونص على استسلامها بدون أي الشروط. ولم يلعب هذا الإعلان دورا رئيسيا في انتصار الحرب العالمية ضد الفاشية فحسب، بل وضع أيضا الأساس لإقامة النظام الدولي الجديد.
إن ثمار السلام كان غالي ثمن. على رغم أن ثمانين عامًا لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية قد مضت، لا تزال بعض الدول في الشرق الأوسط تعاني من لهيب الحرب، ولا تزال عوامل تهديدات السلام كالهيمنة والأحادية قائمة. فقد شكّل الإرث الروحي الذي خلّفته الصين وروسيا والدول العربية أثناء الحرب ضد الفاشية مصدر إلهامٍ هامٍّ لحفظ السلام ومواجهة التحديات المعاصرة. لطالما التزمت الصين بسياستها الدبلوماسية المتمثلة في الحفاظ على السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة، والعمل على بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. أما الدول العربية فمن الممكن أن تختار مسارات التنمية وفقا لظروفها الوطنية، وتواصل تعميق التعاون مع الصين وروسيا والدول الأخرى في المجالات السياسية والاقتصادية، وتعمل مع الدول الأخرى للمساهمة في حفظ السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة بالستمرار.