شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: ليو تشاو صحفية صينية متخصصة في الشؤون الاقتصادية
أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ، 5 يونيو الجاري، محادثات هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بناء على طلب الأخير. حيث قال الرئيس شي إن الحوار والتعاون هما الخيار الصحيح الوحيد أمام الصين والولايات المتحدة. وإنه من أجل تصحيح مسار السفينة الضخمة للعلاقات الصينية – الأمريكية، من الضروري أن يسيطر الجانبان على دفة القيادة ويحددا المسار الصحيح، ويتجنبا كل صنوف الاضطرابات والمعوقات. وأضاف أنه يتعين على الجانب الأمريكي الاعتراف بالتقدم المحرز للتشاور التجاري بين الطرفين، وإزالة الإجراءات السلبية المتخذة ضد الصين.
ومن جانبه، أعرب الرئيس ترامب عن احترامه الكبير للرئيس شي، مؤكدا على أهمية العلاقات الأمريكية-الصينية. وأكد ترامب أن الولايات المتحدة ستلتزم بسياسة صين واحدة.
وأشار إلى أن اجتماع جنيف الاقتصادي كان ناجحا للغاية، وستعمل الولايات المتحدة مع الصين لتنفيذه. كما قال ترامب إن الولايات المتحدة ترحب بالطلاب الصينيين للدراسة فيها.
ورحب شي بأن يزور ترامب الصين مجددا، وقد أعرب ترامب عن تقديره العميق لذلك. واتفق الرئيسان على أن يواصل فريقا البلدين تنفيذ اتفاق جنيف وعقد جولة أخرى من اجتماع جنيف في أقرب وقت ممكن.
وفي اعتقادي الشخصية، العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة ليست لعبة محصلتها صفر، بل هي علاقات متكاملة من الناحية الهيكلية. تتمتع الصين بنظام تصنيع كامل وموارد بشرية عالية الجودة والمعادن النادرة الوفيرة، بينما تمتلك الولايات المتحدة بمستوى عال من تجارة الخدمات وسوق استهلاكية ضخمة. الجدير بالذكري أن التأثير التكميلي بين هذين الاقتصادين أهم وأكبر بكثير من التوتر التنافسي. وهذا الأثر التكميلي هو القوة الدافعة الأساسية لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، فمن المنسوجات والملابس إلى المنتجات الإلكترونية، ومن الآلات والمعدات إلى السلع الاستهلاكية، حازت السلع الصينية على إقبال المستهلكين في جميع أنحاء العالم بأدائها المتميز والتكلفة المعقولة، كما قدمت مساهمات إيجابية في تسهيل حياة المستهلكين الأمريكيين وتحسين مستوى حياتهم. أما تدمير هذه العلاقات ذات المنفعة المتبادلة لن يفشل في حل المشاكل الهيكلية للاقتصاد الأمريكي فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى رفع تكاليف الشركات الأمريكية وجلب التأثيرات السلبية لرفاهية الأمريكيين.
وهناك نقطة مهمة أريد أن أشير إليها أن الاعتماد المتبادل بين الاقتصاد الصيني والاقتصاد الأمريكي يضرب جذوره عميقا، بأخذ المعادن النادرة كمثال، يظهر تقرير 2024 الصادر عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن 80 في المائة من المعادن النادرة في الولايات المتحدة يتم استيرادها من الصين، وتعتمد الولايات المتحدة على الصين لتكرير ومعالجة المعادن النادرة. على سبيل المثال، مقاتلة بطراز F-35، التي يفخر بها الأمريكيون، تحتاج إلى كمية كبير من المعادن النادرة خلال عملية صنعها، وصنع مقاتلة واحدة يحتاج إلى استخدام 417 كيلوغراما من المعادن النادرة، علاوة على ذلك، صنع المكونات الأساسية مثل المحركات وأنظمة الرادار لا ينفصل عن المعادن النادرة. وهناك أيضا تسلا، نجم مركبات الطاقة الجديدة الأمريكية، يحتاج إنتاج محركها إلى المعادن النادرة كإحدى المقومات الأساسية. ولا نبالغ بالقول إن المعادن النادرة أصبحت “شريان الحياة” لصناعة التكنولوجيا الفائقة وصناعة الدفاع في الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، لا تزال الصين بحاجة إلى السوق الاستهلاكية الكبيرة للولايات المتحدة، وإذا توقفت التبادلات التجارية بين الصين والولايات المتحدة على الإطلاق، فستواجه الصين خطر إغلاق شركات التجارة الخارجية وخطر ارتفاع البطالة المحلية. وعلى الرغم من أن الحكومة الصينية قد اتخذت سلسلة من الإجراءات لتعزيز وتحفيز الاستهلاك، إلا أن الأمر سيستغرق وقتا حتى يزداد الطلب المحلي، ولا تزال السوق الأمريكية وجهة مهمة لتصدير السلع الصينية.
لقد أثبت التاريخ مرارا أنه لا يمكن انتهاك القوانين الاقتصادية، ولا يمكن معارضة منطق السوق. ويتعين على الصين والولايات المتحدة، بوصفهما أكبر اقتصادين في العالم، أن تعملا بما يتماشى مع اتجاه العصر وأن تفعلا أشياء تصب في مصلحة الجانبين على أساس الثقة المتبادلة. وبالنسبة للجانب الأمريكي، الحفاظ على التعاون الاقتصادي والتجاري مع الصين يتناسب مع المصالح الأمريكية الحقيقية، فبدلا من محاولة “تقليل الاعتماد الخارجي”، من الأفضل وضع التحيز والمواجهة جانبا، والعودة إلى العقلانية، والعمل مع الصين في نفس الاتجاه، وزيادة الاستفادة من تكامل الاقتصادين، وتوسيع وتحسين نطاق وهيكل التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي، وبناء آلية تعاون اقتصادي وتجاري مستقرة ومفتوحة وشفافة، وضخ المزيد من اليقين والطاقة الإيجابية بشكل مشترك في الانتعاش الاقتصادي العالمي.