Sunday 9th February 2025
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

وجهة نظر: الصين والعرب .. شراكة المستقبل في عالم متعدد الأقطاب

منذ ساعتين في 09/فبراير/2025

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

المصدر: شينخو

وجهة نظر: الصين والعرب .. شراكة المستقبل في عالم متعدد الأقطاب

بقلم: الدكتور محمد العرب

 

تشهد العلاقات الصينية العربية تحولات استراتيجية كبرى في ظل التغيرات الجيوسياسية العالمية، حيث باتت بكين لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط، في وقت تتراجع فيه الهيمنة الغربية التقليدية.

هذه الديناميكية لم تأتِ من فراغ، بل تعكس مصالح متبادلة قائمة على التعاون الاقتصادي، والاستثمار في البنية التحتية، والبحث عن بدائل للتحالفات القديمة التي باتت تعاني من أزمات الثقة.

— نمو قياسي في التبادلات التجارية

تعكس الأرقام حجم التحولات ففي العام 2022، بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية 431 مليار دولار، مسجلاً نمواً قياسياً مقارنة بالسنوات السابقة وسجل  تصاعد مستمر في 2023 و 2024، الصين هي الشريك التجاري الأكبر لمعظم الدول العربية، إذ تعتمد على المنطقة كمصدر رئيس للطاقة، حيث تستورد أكثر من 50 % من نفطها من الشرق الأوسط، بينما توفر دول الخليج للصين استثمارات ضخمة في مجالات البتروكيماويات واللوجستيات والتكنولوجيا، وفقا لمركز العرب للرصد والتحليل، وهو مركز غير حكومي متخصص بالرصد والتحليل الإقتصادي.

العلاقة لم تعد تقتصر على الطاقة، بل توسعت إلى مشاريع بنى تحتية ضخمة ضمن مبادرة (الحزام والطريق) حيث استثمرت الصين في أكثر من 200 مشروع في العالم العربي، تجاوزت قيمتها 200 مليار دولار.

السعودية والخليج ومصر تأتي في مقدمة الدول المستفيدة، حيث عززت بكين شراكتها مع الرياض عبر استثمارات تتجاوز 30 مليار دولار في قطاع الطاقة والموانئ، بينما أصبحت الإمارات مركزاً إقليمياً للشركات الصينية، إذ تحتضن 6000 شركة صينية وتدير تجارة ثنائية تفوق 80 مليار دولار سنوياً، أما مصر فقد جذبت استثمارات صينية ضخمة، بما في ذلك المنطقة الصناعية في قناة السويس، والتي تُعد أحد أبرز المشاريع الصناعية في إطار التعاون الاستراتيجي بين الطرفين.

في الصورة الملتقطة يوم 6 يونيو 2023، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصلية والبرلمانية وشؤون الإيرانيين في الخارج علي رضا بيكدلي (مقدمة الصورة) ووكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون القنصلية علي اليوسف (الوسط)، أثناء قص الشريط في حفل افتتاح السفارة الإيرانية في الرياض، بالمملكة العربية السعودية. (شينخوا)

— شريك فاعل في هندسة التوازنات الإقليمية

على الصعيد السياسي، تقدم الصين نفسها كبديل للنهج الغربي، حيث تبنت مقاربة تقوم على (عدم التدخل) واحترام سيادة الدول، وهو ما أكسبها ثقة الحكومات العربية التي تبحث عن شريك واضح ومباشر لا يفرض أجندة سياسية أو شروطاً حقوقية كما تفعل القوى الغربية.

بكين لعبت دور الوسيط في المصالحة السعودية الإيرانية، وهو تحول مهم يعكس ثقلها الدبلوماسي المتنامي في المنطقة، هذه الوساطة لم تكن مجرد خطوة تكتيكية، بل مؤشراً على أن الصين تسعى لترسيخ وجودها كلاعب محوري في هندسة التوازنات الإقليمية.

في الصورة الملتقطة يوم 6 فبراير 2023، جناح شركة ((هواوي)) في معرض “ليب 2023″، المعرض السعودي الأكبر والأكثر شمولا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العاصمة السعودية، الرياض. (شينخوا)

— تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني

على المستوى الأمني، هناك تزايد في التعاون العسكري بين الصين والدول العربية، حيث أجرت الصين تدريبات بحرية مشتركة مع كل من السعودية والإمارات والجزائر، ووقعت اتفاقيات دفاعية متقدمة.

كما أن صادرات الأسلحة الصينية إلى العالم العربي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، إذ أصبحت الصين من بين أكبر خمس مزودين للأسلحة لدول الخليج، مستفيدة من القيود الغربية على بيع بعض التقنيات العسكرية المتقدمة للمنطقة.

في المقابل، تستثمر الصين في تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بالشراكة مع الدول العربية، وهو قطاع يتوقع أن يشهد نمواً متسارعاً خلال العقد القادم.

التحديات التي تواجه هذه الشراكة لا يمكن تجاهلها، فرغم النمو المتسارع في العلاقات الاقتصادية والسياسية، ما تزال هناك ملفات معقدة تحتاج إلى معالجة،     فالمنافسة الأمريكية الصينية تلقي بظلالها على المنطقة، حيث تمارس واشنطن ضغوطاً على بعض الدول العربية للحد من نفوذ الصين، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا والاتصالات.

مثال ذلك، الأزمة المتعلقة بشركة هواوي، حيث تعرضت بعض الدول العربية لضغوط أمريكية لمنع استخدام بنيتها التحتية في شبكات الجيل الخامس، ومع ذلك، فإن العديد من الدول العربية تواصل تعزيز شراكتها مع بكين، مدركة أن التعددية في التحالفات هي السبيل الأمثل لضمان مصالحها في عالم متغير.

في الصورة الملتقطة جوا بطائرة بدون طيار يوم 5 سبتمبر 2024، مشهد لمحطة “أبيدوس” لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في محافظة أسوان في مصر. (شينخوا)

— شراكة مثالية

الاقتصادات العربية نفسها تمر بتحولات كبرى تدفعها نحو تعزيز العلاقات مع الصين.

دول الخليج تسعى لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن النفط عبر (رؤية 2030) في السعودية، و (رؤية 2035) في الكويت، وخطط التنمية الطموحة في الإمارات،    فالصين من جهتها، تقدم نفسها كشريك مثالي لهذه الرؤى، حيث توفر استثمارات ضخمة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والبنية التحتية.

في السعودية، استثمرت الصين أكثر من 10 مليارات دولار في قطاع الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، وهو قطاع يتوقع أن يكون من ركائز الاقتصاد السعودي المستقبلي.

في المقابل، الدول غير النفطية مثل مصر والمغرب تستفيد من الشراكة مع الصين في تطوير قطاع التصنيع والبنية التحتية، حيث أصبحت الصين المستثمر الأكبر في المناطق الصناعية المصرية، كما تنفذ مشاريع سكك حديدية وموانئ ضخمة في المغرب لتعزيز دوره كمركز تجاري في إفريقيا.

في الصورة الملتقطة يوم 22 يناير 2024، أناس يستمتعون برقصة الأسد خلال حدث ثقافي في الرباط، المغرب. انطلق حدث ثقافي هنا يوم الاثنين للاحتفال بالعام القمري الصيني الجديد المقبل (عام التنين). (شينخوا)

— تنامي الفعل الثقافي

العنصر الثقافي أيضاً بدأ يأخذ حيزاً في هذه العلاقة المتنامية، حيث تم افتتاح أكثر من 20 معهد كونفوشيوس في العالم العربي لتعزيز تعليم اللغة الصينية، كما ارتفع عدد الطلاب العرب الذين يدرسون في الصين بنسبة 30 % خلال السنوات الأخيرة.

في المقابل، أصبح الشرق الأوسط وجهة مهمة للسياح الصينيين، حيث استقبلت الإمارات وحدها أكثر من 1.5 مليون سائح صيني في 2019 قبل جائحة كورونا، وهو رقم في ارتفاع مستمر.

في الصورة الملتقطة يوم 29 نوفمبر 2024، زاوية من متحف القصر الإمبراطوري ببكين تحت الشفق الصباحي. (شينخوا)

— استشراف المستقبل

استشرافاً للمستقبل، هناك مؤشرات على أن الصين ستعزز حضورها في العالم العربي عبر مزيد من الاستثمارات في التكنولوجيا والطاقة المتجددة، مع احتمال توقيع اتفاقيات تجارة حرة بين بعض الدول العربية والصين، مما سيسهم في مضاعفة التبادل التجاري.

كما أن الدور السياسي لبكين في المنطقة قد يزداد قوة، خاصة مع تراجع التزام الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط وتركيزها على آسيا وأوروبا.

في عالم يتجه نحو تعددية قطبية، تمثل الشراكة العربية الصينية نموذجاً للعلاقات الدولية القائمة على المصالح المتبادلة وليس الهيمنة، المستقبل يحمل فرصاً ضخمة لهذه الشراكة، مدفوعة بالتحولات الاقتصادية والتكنولوجية التي تجعل من الصين شريكاً لا يمكن تجاوزه، ومن العالم العربي ساحة محورية لإعادة تشكيل التوازنات العالمية، الأرقام تؤكد أن هذه العلاقة ليست مؤقتة أو سطحية، بل مسار استراتيجي تتعزز ركائزه يوماً بعد يوم.

 

ملحوظة المحرر: الدكتور محمد العرب، هو خبير ومحلل بحريني، ورئيس مركز العرب للرصد والتحليل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة أنباء ((شينخوا))

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *