شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: وارف قميحة*
من خلال رسالته لمناسبة العام الجديد، قدّم الرئيس شي جين بينغ رؤية واضحة لما حققته الصين من إنجازات بارزة في 2024، حيث أشار إلى النمو الاقتصادي الملحوظ، مع تخطّي الناتج المحلي الإجمالي حاجز الـ 130 تريليون يوان. كذلك لفت إلى تقدّم البلاد في مجالات الابتكار التكنولوجي، مثل تصنيع أكثر من 10 ملايين سيّارة طاقة جديدة، وتطوير كبير في مجالات الذكاء الصناعي والاتصالات الكموميّة. هذه الإنجازات تمثل مرونة الصين وقدرتها على التصدّي للتحديات العالمية والإقليمية وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في ظل بيئة متغيرة.
ما يلفت الانتباه بشكل خاص في رسالته هو تركيزه على رفاهية الشعب الصيني، إذ عبّر عن اهتمام بالغ بتلبية تطلّعات المواطنين نحو حياة أفضل، من خلال زيادة المعاشات التقاعدية، توسيع التغطية الصحية، وخفض معدلات الفوائد على القروض. هذه السياسات تعكس التزام القيادة الصينية بتحقيق رفاهية الشعب، مما يعزز الشعور بالاستقرار والتقدم الاجتماعي، كما أن مساعي الحكومة لتحسين مستوى المعيشة وتوسيع فرص العمل في مختلف المناطق تعكس نهجاً تنموياً متكاملاً يعزّز العدالة الاجتماعية ويقوّي تلاحم المجتمع.
الجانب الدولي في خطاب الرئيس يظهر بوضوح دور الصين كقوة مسؤولة تسعى لتعزيز التعاون بين دول الجنوب العالمي. من خلال مبادراتها مثل “الحزام والطريق” وقمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي، تؤكّد الصين التزامها بتعزيز الأمن والتنمية المستدامة على المستوى العالمي. وقد استعرض الرئيس النجاحات التي حققتها الصين في توثيق علاقاتها الدولية، وهو ما يعكس عزم الصين على المشاركة الفاعلة في تشكيل نظام عالمي عادل ومتوازن.
تجسد دعوة الرئيس إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات والعمل الجماعي لمواجهة التحديات العالمية الكبرى رؤية مستقبلية تؤمن بأن التعاون الدوليّ هو السبيل الوحيد لمواجهة الأزمات العالمية. ففي ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، تدرك الصين أن الوحدة والتضامن بين الأمم يساهمان في بناء مستقبل مشترك يسوده السلم والتنمية المستدامة.
كذلك أشار الرئيس إلى الوحدة الوطنية، التي تعتبر حجر الزاوية في مسار الصين نحو التحديث. إن تأكيده تعزيز الاستقرار في هونغ كونغ وماكاو وتعزيز الروابط مع تايوان يبرز أن الصين، رغم تحدياتها الداخلية والخارجية، ماضية في تعزيز قوة انتمائها الوطني ووحدة أراضيها. في هذا السياق، يجسد الخطاب التزاماً راسخاً بتحقيق التقدم الوطني الشامل، ويعكس تصميم القيادة الصينية على المضي قدماً نحو المستقبل باعتزاز وثقة.
من جانب آخر، تطرقت الرسالة إلى التحديات التي قد تواجهها الصين في المستقبل، لا سيما في ما يتعلق بتحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي. ورغم الظروف العالمية الصعبة، أكد الرئيس ضرورة الاستمرار في العمل الجاد من أجل تعزيز القدرة التنافسية الصينية على المستوى العالمي. هذه الرسالة مليئة بالأمل والطموح، وتدعو إلى الوحدة الوطنية والعمل المشترك من أجل بناء مستقبل أفضل للجميع.
وتناولت الرسالة الابتكارات التقنية والبحث العلمي، التي تمثل قوة دافعة رئيسية لتحقيق الأهداف المستقبلية. يعتبر قطاع التكنولوجيا محرّكاً رئيسياً في تعزيز الاقتصاد الصيني، حيث يمثل الوصول إلى إنجازات مثل استكشاف القمر والابتكارات في الذكاء الاصطناعي نقطة تحول رئيسيّة في مكانة الصين العالمية. بالإضافة إلى ذلك، كان للانفتاح على الاقتصاد العالمي، والاستمرار في تطوير البنية التحتية، دور أساسي في تحقيق هذا التقدّم.
إجمالاً، تعكس هذه الرسالة ليس الإنجازات العظيمة التي حققتها الصين وحسب، بل أيضاً التحديات التي ستواجهها في السنوات المقبلة. خطاب الرئيس شي جين بينغ يعكس قوة القيادة الصينية، ورؤيتها الاستراتيجية، التي تستهدف تحقيق تطلّعات الشعب الصيني نحو التقدم المستدام والرفاهية. وعلاوة على ذلك، فإن الرسالة تحفّز على التعاون الدولي والتفاهم بين الشعوب، ممّا يجعل الصين مثالاً يحتذى به في تعزيز التنمية الشاملة والعلاقات المتوازنة بين الأمم.
من الواضح أن الصين ماضية في تحقيق تقدّم كبير على مختلف الأصعدة، سواء على المستوى المحلي من خلال تعزيز رفاهية الشعب، أم على المستوى الدولي من خلال تعزيز التعاون مع الدول الأخرى. رسائل الرئيس شي جين بينغ تعدّ بمثابة خريطة طريق للسنوات المقبلة، تحمل في طياتها الأمل والطموح لبناء دولة قادرة على مواكبة التطورات العالمية، ومستمرة في إلهام العالم بمسارها التنمويّ المستدام.
*رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث ورئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل