شبكة طريق الحرير الاخبارية/
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوي
قامت الثورة البوليفارية من أجل الاستقلال عن الاستعمار الأسبانى ومن أجل إرساء مبادىء العدالة والإنصاف والحرية والديمقراطية. ويعتبر سيمون بوليفار الذى ولد فى مدينة كاراكاس بفنزويلا فى 24 يوليو 1783 وتوفى عام 1830 عن 47 عاما هو الأب الروحى والفاعل الأساسى فى معارك تحرر دول أمريكا اللا تينية ضد الإمبراطورية الأسبانية (بوليفيا، وكولومبيا، والإكوادور، وبنما، وبيرو، وفنزويلا) كما كان له الأثر الأكبر فى تحرر الأرجنتين وشيلى.
إن معركة الاستقلال بدأت فى 19 إبريل 1810 حين أسس مجلس كاراكاس لحركة ناجحة من أجل خلع الحاكم الأسبانى وسرعان ماحذت حذوه مقاطعات فنزويلية، وبدأت حركة الاستقلال فى كل أنحاء فنزويلا، وحينها اندلعت حرب أهلية بين من يؤيدون الاستقلال، ومن يعتبرون أنفسهم مازالوا جزءً من الملكية الأسبانية، ولكن قاد سيمون بوليفار معركة الاستقلال التام متأثرا بأفكار عصر التنوير وقدوة الثورة الفرنسية، وتم إعلان استقلال فنزويلا فى 5 يوليو 1811 وتأسست بذلك جمهورية فنزويلا الأولى، وسقطت هذه الجمهورية فى 1812.
بعد ذلك قاد سيمون بوليفار حملة كبيرة بهدف استعادة فنزويلا، مؤسسا جمهورية فنزويلا الثانية عام 1813، ولم تصمد أيضا هذه الجمهورية وسقطت جراء مجموعة من الانتفاضات المحلية وإعادة الغزو الملكى الأسبانى.
ولم تحقق فنزويلا استقلالا مستمرا عن الاستعمار الأسبانى باعتبارها جزء من كولومبيا الكبرى إلا حين اندرجت ضمن أهداف حملة بوليفار للتحرير، ففى 17 ديسمبر 1819 أعلن “مؤتمر انجوستورا” كولومبيا الكبرى” دولة مستقلة، وبعد عامين من الحروب نالت الدولة استقلالها عام 1821 تحت قيادة المحرر سيمون بوليفار وشكَّلت فنزويلا مع كولومبيا، وبنما، والإكوادور وبيرو دولة (كولومبيا الكبرى) حتى عام 1830 وهو العام الذى انفصلت فيه فنزويلا عن كولومبيا الكبرى وأصبحت دولة مستقلة ذات سيادة.
وفى أواخر القرن العشرين عندما وصل القائد هوجو تشافيز إلى السلطة، عمل بلا كلل على تعزيز حوار اقليمي بين أمريكا الجنوبية والدول العربية، من أجل إقامة مسارات جديدة للربط بين المنطقتين، وتطوير مشاريع ذات فائدة للطرفين، لربط حضارتينا المترابطتين تاريخياً، والاستفادة من جذورنا، وأوجه التشابه المشتركة، بيننا، والعمل معا في مواجهة التحديات العالمية الملحة، في سياق لا يمكن فيه الاستغناء عن الحوار والتكامل والتضامن، الذي ينادي به التعاون فيما بين بلدان الجنوب- الجنوب.
ويقول السيد ويلمر أومار بارينتوس سفيرجمهورية فنزويلا البوليفارية بالقاهرة “من الواضح أن الدفاع عن القضية الفلسطينية، في تلك العلاقة المميزة مع الأشقاء في العالم العربي، احتل مكانة بارزة، في الأعمال التي قام بها هوجو تشافيز، إذ كان يدعم دائما، بكل حزم وإصرار، حق فلسطين في إقامة دولة حرة، وقابلة للحياة، وذات سيادة، لأن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال، الاحترام الكامل للقانون الدولي، ومن خلال تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، التي انتهكتها قوات الاحتلال الإسرائيلية مرارا وتكرارا”.
لقد قام تشافيز بتحويل فنزويلا إلى دولة تدافع عن القضايا العادلة لشعوب العالم، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني النبيل. وتحت قيادة القائد تشافيز، بدأت فنزويلا تمثيلها الدبلوماسي في فلسطين بافتتاح قنصلية عامة لها في رام الله عام 2005 وعينت أول ممثل قنصلي لها في عام 2006. ومنذ ذلك الحين، تم الحفاظ على هذا التمثيل دون انقطاع في فلسطين ، وتم توقيع اتفاقيات تعاون في مجالات التعليم والاقتصاد والتجارة والطاقة والزراعة والثقافة والسياحة والاتصالات والرياضة والدفاع والأمن والصحة.
وأيضا دعمت الحكومة البوليفارية بقوة في مختلف المحافل الدوليةحقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، والهجمات المتواصلة في قطاع غزة والضفة الغربية، ففي 6 يناير 2009، قام القائد تشافيز بطرد السفير الإسرائيلي من كاراكاس، وفي 14 يناير 2009، قرر تشافيز قطع جميع أنواع العلاقات مع إسرائيل “نظرًا لخطورة الأعمال الوحشية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، وبعد ذلك بدأت فنزويلا وفلسطين علاقاتهما الدبلوماسية رسميًا في 27 أبريل 2009.
في 27 نوفمبر 2009، شدد الزعيم هوجو تشافيز على أن “الثورة البوليفارية وقفت منذ اليوم الأول إلى جانب الشعب الفلسطيني في كفاحه الذي لا يُنسى ضد الإمبراطورية اليانكية وأتباعها، دولة إسرائيل التي تمارس الإبادة الجماعية، والتي تضرب وتقتل، مؤكدا على التزام فنزويلا “بالنضال الفلسطيني، من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومن أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها تلك المدينة المقدسة القدس .
في 16 مايو 2014، أكد الرئيس نيكولاس مادورو مجددًا على دعم فنزويلا لـ “أن تكون فلسطين دولة مستقلة، معترف بها في الأمم المتحدة وفي جميع المنظمات الدولية”، كما أكد على دعم كل شعب فنزويلا من أجل قضية حياة الشعب الفلسطيني، ومن أجل قضية الحق في الأرض والاستقلال والرخاء. ونظراً لهذا العمق في العلاقات التاريخية، قررت فنزويلا في 21 مايو 2015 رفع تمثيلها الدبلوماسي في فلسطين من قنصلية إلى سفارة.
وفي 17 مايو 2016، افتتحت فلسطين رسميًا سفارتها في كاراكاس، وهو الحدث الذي ترأسه وزير الخارجية الفلسطيني آنذاك رياض المالكي.
وانعكاسا لمستوى الالتزام الفنزويلي بالقضية الفلسطينية، احتفلت فنزويلا مؤخرا، في 10 مايو 2024، بالنصر الدبلوماسي للشعب الفلسطيني الشجاع، داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن صوتت شعوب وحكومات العالم بأغلبية ساحقة، مؤكدين أنه يجب قبول فلسطين عضوا في هذه المنظمة، مما يمنحها زيادة في الحقوق كدولة حرة ذات سيادة ومستقلة.
وفي هذا الصدد، ذكّرت فنزويلا بأن الموقف المعزول والتعسفي وغير العادل الذي اتخذته الولايات المتحدة، باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن، والذي أساءت به استخدام حق الفيتو ومركزها في السلطة، وهو ما حال دون دخول فلسطين كعضو كامل العضوية في ذلك الوقت، وهو ما دعا فنزويلا الى حث هذا البلد على الاعتراف بولاية الجمعية العامة، والامتثال لها على الفور.
وكما هو مسجل، انضمت الحكومة البوليفارية مرة أخرى إلى المطالبة بوقف إطلاق النار ووقف الإبادة الجماعية فوراً ودون قيد أو شرط، وحثت العدالة الدولية على تحديد المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت منذ قيام دولة إسرائيل، والتي تسببت في مقتل أكثر من 35,000 شخص في الأشهر الأخيرة، معظمهم من النساء والأطفال.
ومن المهم الإشارة إلى أن فنزويلا، خلال التصويت التاريخي في الجمعية العامة، نددت، نيابة عن مجموعة أصدقاء ميثاق الأمم المتحدة، بالقوى التي تحرم فلسطين من حقها في إقامة دولة حرة ذات سيادة.
وفي إطار الوفاء بالتزاماتها، تواصل فنزويلا، على هدى دبلوماسية السلام البوليفارية، دعوتها لوقف حملة الإبادة الجماعية في فلسطين، وتواصل المطالبة، في جميع المحافل الدولية، باحترام حقوق الشعب الفلسطيني النبيل والشقيق.
كل التحية لجمهورية فنزويلا البوليفارية لدعمها للشعب الفلسطينى فى مواجهة الاحتلال العنصرى الصهيونى.