CGTN العربية/
تتنافس الولايات المتحدة والصين على التفوق التكنولوجي في كل مجال ابتكار تقريبا، من الذكاء الاصطناعي إلى شبكات الجيل الخامس(5G)، ومن البيانات الضخمة إلى إنترنت الأشياء ومن الحوسبة السحابية إلى تقنية سلسلة الكتل.
ولم تصبح الصين مركزا ابتكاريا بين عشية وضحاها، ويمكن تفسير ذلك على أنه نتيجة لمجموعة عظيمة من السياسات لتجميع المواهب الماهرة، وتمويل رأس المال الكبير والدعم الحكومي من أجل إنشاء نظام بيئي صالحا للشركات الناشئة. كل ذلك يساهم في تحقيق هدف البلاد وأملها في أن تصبح قوة تكنولوجية في المستقبل.
كان إنشاء مجموعات مؤسسات الابتكار، مع وجود الحاضنات والمسرعات التكنولوجية، سياسة ناجحة للغاية بالنسبة لتطور التكنولوجيا في الصين. ونراجع تاريخ التطور إلى ثلاثة عقود حيث إنشاء حديقة العلم والتكنولوجي بتشونغ قوانتسيون في بكين، وهي مركز الابتكار، حيث تم إنشاء شركات مثل “بايدو”(Baidu) و “سي نا”(Sina). واستمرت هذه المرحلة من خلال توسيع أسلوب الأعمال نفسه ليشمل أماكن أخرى داخل البلاد. وفي بعض الحالات، قد حولت القرى الصغيرة إلى مدن كبرى مزدهرة.
وقد أظهرت هذه الحالة في هانغتشو، كمدينة مشهورة باعتبارها المقر الرئيسي لشركة عملاق التجارة الإلكترونية علي بابا (Alibaba). والآن، تعد المدينة مركزا على مستوى عالمي في تقديم الخدمات السحابية. وهناك أيضا مدينة شنتشن، التي تحتضن شركة “هواوي” الرائدة في إنتاج الهواتف الذكية، وأيضا البيت لمنصة “Tencent” الإنترنت والمكان الذي يتم فيه إنتاج معظم الأجهزة الإلكترونية في العالم.
ومن أجل تعظيم الكفاءة وتقليل الوقت المستغرق في نقل السلع إلى السوق، بذلت الصين جهودا كبيرة لجمع كل العناصر المفيدة للإنتاج في نفس المنطقة الجغرافية، بما في ذلك الجامعات الكبرى القريبة التي تتوافر فيها المواهب الطلابية، وسهولة الوصول إلى الصندوق المالي بفضل الموقف القريب من العديد من أصحاب الأعمال الكبار ورأس المال الاستثماري، ومرافق التصنيع المجاورة التي تعد جزءا أساسيا من سلسلة القيمة.
بالإضافة إلى ذلك، تم نشر وتطبيق العديد من السياسات المخصصة من قبل الحكومة المركزية. بما في هذه السياسات إنشاء قنوات “البطاقة الخضراء” (greencard) للحصول على الإقامة الدائمة لجذب المواهب الأجانب والسياسات التفضيلية مثل الإعفاءات الضريبية والتمويل المناسب لأفكار الأعمال المؤهلة.
أخيرا ، يتعلق النجاح الصيني بالبيئة وثقافة العمل. وسوق الصين شاسعة للغاية، بحيث لا تضيع الفرصة، وينمو الاقتصاد التكنولوجي بسرعة كبيرة ونشاط حثيث. ولذلك، فإن وتيرة الابتكار في الصين هي نتيجة مثابرة ومهارة الصينيين المصممين على النجاح.
وفي كلمة واحدة، النجاح الملموس هو أيضا نتيجة لخطة طويلة الأجل محددة جيدا مع تطور الابتكار التكنولوجي السريع، وسوق محلية شديدة التنافس، ومجموعة كبيرة من المواهب الماهرة، ومجموعة من سياسات الهجرة والسياسات المالية الداعمة التي جعلت من إمكانيات الصين فرصة لتحقيق المزيد من الاختراقات التكنولوجية.
(ملاحظة المحرر: ماتيو جيوفانيني، خبير مالي في البنك الصناعي والتجاري الصيني ببكين، وعضو بفريق العمل الصيني في وزارة التنمية الاقتصادية الإيطالية. هذا المقال يعكس فقط رأي كاتبه ولا يعكس بالضرورة رأي CGTN العربية.)