جريدة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
لم أتصوّر يوماً أن أرى في وضح النهار عمليات استباحة لبيوتاتنا. هنالك لصوص يتجوّلون باستعلائية واضحة وثقة بأنفسهم لإفراغ داراتنا مما يَحلو لهم من متاع. للأسف، لقد غدونا في عهد الموت الكوروني البغيض غير آمنين حتى على أملاكنا الشخصية. وغدت أرواحنا، لا سمح المولى، أهدافاً لزوار من جهنم كورونا!
كنت أعتقد أن همجية هذا الفيروس المندفع بسرعات فضائية عبر المَعمورة، باحثاً عن بني آدميين يخلع أرواح صغيرهم وكبيرهم عن أجسادهم، سيدفع الجميع صوب جادة الصواب، وضمنهم زعران الشوارع ليجفّفوا شرور تقبع في دواخلهم، وليتحوّلوا عن الموبقات والتسكّع الفالت من عقاله إلى إعمال الخير ومساعدة الملهوفين والأُسر ذات الاحتياجات الخاصة. إلا أن العكس يَحدث.
فقبل مَغيب شمس نهاراتنا الحارة، وليلاً، رأيت عدة مرات كيف يتمختر لصوص في الحارات، مخترقين بنظراتهم الفاحصة نوافذ دارات أصدقائي التي تبدو للمُشاة فارغة من ساكنيها، ليحلوا لهؤلاء الانقضاض عليها شرهين وجائعين لارتكاب فواحش بحقّها وبحَق المُثل العليا والأخلاق الحميدة التي لطالما بشّرنا بها كعرب ودعونا إليها دولة وشعباً ومناهج تعليم مدرسي وجامعي، شيوخ مساجد وآباء كنائس.. ودعاةٌ إنسانيون.
قبل أيام، وبرغم معاناتي من إعاقة فيزيائية تاريخية، حاولت اللحاق «على نمرة 11» بشابٍ اقتحم فناء منزل جاري وغدا يتفحصه بدقة، حين لم يكن فيه أحداً! بدا الشاب عن بُعدٍ وسيم الطلعة و.. «سيمباتيك»، وحين اقتربت منه، تبيّن لي أنه «على الأغلب» زعيم لصوص كورونا! مظهره كان غريباً بعض الشيء، و.. «طلعته» لصوصية واضحة، وككل الحرامية، يتمتع هذا السَرّاق الظريف بقدرة فائقة على الهرب، فربما كان يوماً ما عدّاءً شهيراً لا يَغلبه بشر في الماراثونات!
وفي مصيبة أخرى، راقبت مواطناً جَارَ عليه الدهر، رث الثياب وهيئته مُتّسخة. يَحمل مِكنسةً، ويرتدي زيّ «عامل وطن»! استغربت جلوسه صامتاً لوقت طويل على حافة جدار منزلٍ ما. لاحظت أن صاحب العمارة الفاخرة الفارغة يزورها «الآن»، لكنه لا يُخالط عامل الوطن هذا ويَشيح بوجهه عنه! بعد مغادرة مالك البناية بسيارته الفخمة، قفز «العامل» قفزتيِ طيران سريعتين بعشرين متراً! اقتحم الحديقة بسرعة البَرق، جرّد أشجارها من ثِمارها! لم أتدخل في هذه «المَعمَعةِ»، فقد رقَ قلبي. كنت أعتقد أن هذا «العامل» البائس والمُدْقَع الحال سهل المَنال إذا ارتكب خطيئة أبشع، وربما يجوز له ما لا يجوز لغيره!
مرة أخرى خاب ظني. عَلمت من آخرين همُ على عِلمٍ يقين، أن «عامل الوطن» هذا ليس إلا «متجوّل» مألوف لا علاقة له بهذه المهنة الخطرة ألتي يَخدم صاحبها المجتمع على حساب سلامته الصحية براتب متواضع. (المُتجوّل) يتخفّى «عادة» وراء زيٍّ لامع ومهنة لا يشتغل بها، لكنه يُحقّق مكاسب مالية من خلال تليين قلوب المواطنين الشرفاء، يَصرفها على زجاجات مُشبّعة بالكحول الذي يُدير رأس صاحبه.. والله أعلم.
وللحديث بقايا!
*كاتب وصحفي أردني.
شكرا جزيلا للطفك رفيقي استاذ عبد القادر خليل مدير عام التحرير وإدارة شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية بالجزائر لنشرك مقالتي هذه والاهتمام بمتابعة مقالاتي في جريدة الدستور اليومية الاردنية التي هي الأولى عربيا من حيث المتابعة.. كما هو موقع شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية بالجزائر الأولى عربيا في التخصص بالشأن الصيني ومتابعة الأخبار الخاصة بالصين عربيا ودوليا..
إلى الامام استاذ خليل المكرم وكل عام وانت والأخوة جميعا في الشبكة والاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين والأصدقاء وعائلاتهم بخير وسلام وتقدم وإبداع متواصل وهدوء وراحة بال وأعمال..