CGTN العربية/

في الخامس من الشهر الخامس بالتقويم القمري الصيني، يحتفل الصينيون في أرجاء البلاد بعيد دوان وو المعروف أيضا باسم عيد قوارب التنين. يحيي هذا العيد ذكرى شخصية تاريخية قديمة تركت أثرا في قلوب الأمة الصينية وبقيت حية إلى يومنا هذا.

قبل أكثر من 2000 عام، في عهد الممالك المتحاربة، عاش الشاعر الوطني تشوي يوان في دويلة تشو. عرف تشوي يوان بذكائه الوقاد الذي قاده إلى تولي منصب وزاري في بلاده. لكن وطنيته الشديدة ومواجهته للارستقراطيين بدعوته إلى مقاومة المعتدين دفعت الملك إلى عزله ونفيه. فبكى في منفاه موطنه وسجل حسرته في قصائد عدة كالشكوى وسؤال السماء. وفي الخامس من الشهر الخامس لعام 278 ق.م وصل إلى مسمع تشوي يوان خبر استيلاء الأعداء على دويلة تشو، فألمت به الحسرة ورمى بنفسه في نهر لو واضعا حدا لحياته. فسارع المحليون إلى النهر يرمون فيه حبات تسونغ تسي علها تلهي الأسماك المفترسة عن التهامه وسكبوا فيه أيضا الخمر الأصفر المعتق كي يسكر السمك فلا تقوى على إيذائه، في الأثناء. ركب آخرون قوارب التنين الطويلة وجدفوا مسرعين بحثا عليه في كافة أرجاء النهرن لكن دون جدوى. وهكذا أصبح يوم الخامس من الشهر الخامس القمري الصيني عيدا يحيي فيه الصينيون ذكرى هذا الشاعر الوطني وصار اسم هذا العيد دوان وو.

ومنذ ذلك الحين ارتبط عيد دوان وو بعادات كثيرة مثل سوار الحرير خماسي الألوان: الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر والأبيض، وهي ألوان الآلهة في القديم. لذا فقد اختاره القدامى تبركا واتخذوها تميمة تبعد المرض وتجلب الحظ، لكن ذلك لا يتحقق إلا إذا رماها لابسها في أول مطر بعد العيد. فعندما تحملها المياه تحمل معها المرض والأذى وكل الشرور وتجلب الخير والحظ والبركة.

إلى جانب خيط الحرير، يعد إعداد تسونغ تسي من بين العادات التي تجمع كل الصينيين، ولا يختلف عليها اثنان. إذ لا يخلو بيت صيني يوم الخامس من الشهر الخامس القمري من مثلثات الأرز اللزج المحشوة بعجين العناب أو اللحم أو صفار البيض وغيرها، والملفوفة بورق البامبو على شكل مثلثات ومربوطة بخيوط ملونة، ولا تزال الكثير من العائلات الصينية إلى الآن تفضل إعداد تسونغ تسي في المنزل بدل اقتنائه من السوق، رغبة منها في اغتنام العيد كفرصة للم شمل العائلة وتقاسم بهجة العيد ودلب البركة إلى البيت وأهله.

في العيد أيضا لا تنسى العائلات صنع بعض الأكياس الفواحة لصغار العائلة. هذه الأكياس هي عبارة عن أكياس صغيرة من القماش الملون توضع فيها بعض الأعشاب الطبية الصينية، كل حسب رغبته، ثم تعلق بخيط من حرير على صدور الأطفال الصغار لإبعاد الشرور والأمراض.

ولنفس الغاية أيضا ولحفظ العائلة بأكملها من كل أذى، يعلق الصينيون على أبواب منازلهم عشبة أي وعشبة بو، وهما عشبتان طبيتان، اعتاد القدامى على استعمالها لعلاج الأمراض وطرد السموم، لكنها في العيد تتخذ تميمة لتحمي كامل العائلة فتوضع على أبواب المنازل لتدفع الشر مرضا كان أو حشرة أو حتى شؤما عن المنزل بمن فيه.

لا يمر عيد من دون تنظيم سباقات قوارب التنين. سواء في شمال الصين أو جنوبها، غربها أو شرقها، لا تكتمل بهجة عيد دوان وو إلا بتجديف قوارب التنين، حتى أن البعض يطلق على العيد أيضا اسم عيد قوارب التنين. وقد باتت سباقات قوارب التنين أحد أهم أنشطة العيد التي يقبل عليها عشاق التجديف لإبراز قوتهم الفردية والجماعية. وصارت هذه السباقات، إلى جانب إحيائها لذكرى تشوي يوان، رمزا إلى التعاضد والتضامن وتذكيرا سنويا بقيمة قوة الجماعة.

يبلغ طول القارب بين 20 و30 مترا حسب المناطق، ويتسع لـ50 إلى 80 مجدفا وقارعا واحدا لطبل التجشيع. ويسمى بقارب التنين لوجود رأس تنين في مقدمته وذيل تنين في مؤخرته. ويقول المؤرخون إن سباقات التجديف هذه تعود إلى ما قبل تشوي يوان وإنها كانت نشاطا مألوفا في المناطق الجنوبية للصين.

إلى جانب عيد الربيع وعيد منتصف الخريف وعيد كنس المقابر، يأتي عيد دوان وو كواحد من أهم أربعة أعياد تقليدية صينية. وقد أدرجته منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي في 3 أكتوبر عام 2009.