*شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
الدكتور حمزة رافع الفضلي*
المنهاج الصيني الحالي لمكافحة وباء (كورونا)، هو تجسيد حقيقي لمفهوم إدارة الأزمات بخصائص الإشتراكية الصينية التي أدهشت العالم، وبهذا المنهاج برزت مدرسة جديدة، المعادلات والفرضيات، جاذبة لكل دول العالم لدراستها وتوظيفها، وعلى وجه التحديد تلك الإجراءات العشرة الأهم في سياقها، والتي أقرّتها الصين وفعّلتها لقهر الوباء.
أولاً، القيادة الصينية: بعد اندلاع الوباء، أجتمعت القيادة الصينية الرشيدة فوراً، وأمرالأمين العام شي جين بينغ شخصيًا، بالتأهب لخوض المعركة الوطنية الأكبر والتي شملت الحزب بأكمله، لمكافحة المرض، ولتنفيذ خطة شاملة لحماية حياة المواطنين الصينيين والأجانب على أرض الصين الشريفة، ولضمان صحتهم وسلامتهم كأولوية أولى للدولة الصينية، ولجعلها كذلك أولوية أولى لجميع مستويات أعضاء ومنظمات وكوادر الحزب والحكومة وقياداتها، فبات القتال الضاري ضد الوباء في طليعة الأجندة الوطنية. قاد الأمين العام شي جين بينغ والحزب الشيوعي الصيني شعب البلاد بأسره إلى توحيد الصفوف، وبذلك تم احتواء الوباء ومحاصرته، وتحقّق تحجيمه ومنع تمدّده إلى رقاع العالم.
ثانياً، مستشفيات متخصصة لمعالجة المرض: بنت الصين مستشفيين متخصصين لهذا الوباء مع توفير ما مجموعه2600 سرير، في مدينة ووهان، خلال10 أيام فقط، وكذلك شيدت15 مستشفى على شكل (شلاتر) مع ما مجموعه 10000سرير في مقاطعة خوبى.
ثالثًاً، التعبئة الوطنية الشاملة للصين والصينيين و (الحجر الصحي): التزم جميع المواطنين البالغ عددهم1.4 مليار صيني بتعليمات الحزب والحكومة، والتزموا منازلهم طواعيةً، لمدة أسبوعين أو أكثر، حيث أغلقت الجامعات والأسواق الضخمة أبوابها، وأُوقفت حركة المطارات والسيارات أيضاً في جميع مدن الصين، عِلماً بأن التعداد السكاني الأقل في مدينة ما بالصين يصل إلى عشرات الملايين من الساكنين الدائميين!
رابعاً، حكمة الصينيين: الشعب الصيني شعب عقلاني ومتّزن ويواجه المشاكل بالحلول الهادئة، والأبحاث العلمية، وليس بالمظاهرات والمقالات والبرامج الإعلامية، التي تملأ العالم صخباً وفزعاً دون فائدة. واستنادا إلى فترة حضانة الفايروس، البالغة 14 يوماً، قامت الصين بتحديد فترة الحجر الصحي اللازم.
خامساً، التعبئة اللوجستية: حشدت الصين بشكل عاجل أكثر من عشرات الآف (33 ألف إلى هذه اللحظة) من الكوادر الطبية في مقاطعات ومدن مختلفة في جميع أنحاء البلاد، وقدمت مساعدات بملايين الأطنان لإمدادات طبية ومعيشة رئيسية، لشد أزر (ووهان) و (خوبى).
سادساً، سبل البحث العلمي والتجارب في المختبرات: على الفور قامت بالتجارب العملية المبنية على إسس الخبرة التكنولوجية الحديثة لإيجاد مطعوم للتعامل مع المرض، دون مساعدة من أي جهات أجنيبة. وما أدهش العالم هو أن الصين عملت ليلاً ونهاراً للوصول الناجح خلال فترة قصيرة، لإعداد مطعوم قوي ونافذ، لكنه ما زال للآن في مرحلة التجارب المختبرية، وينتظر العالم البدء بتصنيعه قريباً، ليُصار إلى توزيعه في الصين وفي بلدان أخرى بحسب الطلب.
سابعاً، تقنية بنك المعلومات: وظّفّت الصين (نظام بنك المعلومات الخاص بالمدن الذكية)، بغية السيطرة و/أو الحد من إنتشار الوباء، وذلك من خلال إنشاء تطبيقات مُبتكرة للهواتف المَحمولة، حيث يتم تحميل جميع معلومات الشخص، وتحديد موقعه في حال طلبه العون والمساعدة، ويكون ذلك بسهولة من خلال ضغطه على رز “تحديد الموقع”.
ثامناً، التقسيم الإداري: تقسيم المدن إلى أنظمة صغيرة لتسهيل عَملية السيطرة ومراقبة إنتشار المرض، بحيث تكون الأجهزة الأمنية والجهات الطبية عَملاء نشطون في فريق واحد، سوياً مع مدراء الأحياء السكنية، لضمان نقل تعليمات الأمين العام/ الرئيس شي جين بينغ واللجنة المركزية للحزب، وتسهيل نشرها على الفور للالتزام بها، ليتم التعامل بشكل مباشر وفوري مع الحدث وأي ظاهرة، بحيث تكون كل جهة على معرفة بمواقع وأسماء الأشخاص المشتبه بهم ومراقبتهم بإستمرار.
تاسعاً، تجسيد مفهوم الاشتراكية: خصائص الإشتراكية الصينية تضمن المصالح المشتركة لجميع الناس، بحيث يتم توزيع الغذاء على جميع المواطنين دون استثناء، عن طريق لجان إدارة الأحياء السكنية، وتوزيع وجبات الطعام على مواقع مخصصة (صناديق لها ارقام الكترونية خاصة بكل فرد)، برغم ضخم عدد السكان، وذلك بهدف منع الإختلاط، وخاصة في مدينة (ووهان)، خشية انتشار المرض.
عاشراً، الولاء والإنتماء: بادرت جميع الشركات الصينية الخاصة والمواطنين الصينيين بجمع التبرعات العينية والمادية، حيث بلغت عدة مليارات من (اليوانات)، دون انتظار أي مواطن صيني الثناء أو المديح من قِبل الحكومة أو من غيرها، فالصينيون يتميزون بأنهم (وحدة واحدة في واحد) و (يد واحدة على قلب واحد) في مكافحة الوباء.
وفي الخاتمة، أود التأكيد أن الزمن قد تغيّر..! العالم قد تغيّر..! والصين تغيّرت أيضاً فغدت ثالوث العالم الموحِّدة والموحِدة.. فهل نتغيّر نحن إلى الأفضل، لنكون واحداً في لغتنا وعقولنا ورؤآنا المجتمعية والفكرية، وفي نظرتنا العالمية لخير مجتمعنا والعالم..؟! فنحن جزء من هذا الكون الواسع، الذي ينتظر منّا أن نشد رِباطه، لنحيا بسلام ووئام، متضامنين بإنسانيتنا وألواننا المختلفة – قوس قزحنا الأرضي، التي لا تقبل بعد اليوم استمرار تباعُد بني الإنسان عن جوهر الأنسان الإنساني.. فسلامٌ على الصين.. صِيننا الصديقة والحليفة فنبضها نبضنا.. واستمرارها وبأسها هو استمرارنا وبأسنا.. فكيف لا نستمر نحن وهي سوياً في مركبٍ واحد يتّسع لجميعنا.. فهل عرفتم مَن أنا.. أنا الصيني والعربي..!
ـ نبذة عن الكاتب: #حمزة_رافع_الفضلي: عضو في #الاتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين، ومُتخصّص في الشؤون الصينية، ومُقيم في جمهورية الصين الشعبية.
*التدقيق اللغوي والتـحـريــر الصحفي/ أ. مــروان ســوداح.
*المراجعة والنشر/ عبد القادر خليل.
مقال متكامل وملم و إجراءات في غاية الحكامة للسيطرة على الوضع
مقال ممتاز جدا.. وسهل وسلس ويقدم معلومات لا يعرفها العامة والخاصة عن الصين وقدراتها العلمية والتنظيمية..