*المقال خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية في الجزائر/
بقلم هبة علوي*
بعد دراستي سنتين ونصف لغة و أدب وحضارة صينية بجامعة اللغات بتونس، بدأت رحلتي إلى الصين بتاريخ 01/09/2013 وكانت البداية من العاصمة بكين، درست بجامعة اللغات ببكين 6 أشهر لغة صينية كتدريب وحصلت على الإجازة الأساسية في اللغة والأدب و الحضارة الصينية. آنذاك تعرفت عن قرب على الحضارة الصينية وعلى الصين أكثر، ولكن لم يكن الوقت كافي بالنسبة لي لأن الصين حضارة عريقة وهنالك الكثير الذي أريد معرفته حول الصين وتاريخها وحضارته، فقررت العودة مرة أخرى ومواصلة مشواري العلمي في الصين وكان ذلك بتاريخ 01/09/2014 بمقاطعة خنان – مدينةZhengzhou وبدأت في دراسة الماجستير ومن ثم الدكتوراة حتى هذه الأيام.
يمر علينا في هذه الأيام مهرجان الفوانيس وهو عيد شعبي في الصين ويعود إلى فترة أسرة هان الغربية (206 ق.م)، أبان إنتشار البوذية بالصين، فالرهبان البوذيين يشعلون الفوانيس إحتراما لبوذا، وعليه أمر الإمبراطور بإشعال الفوانيس في القصر الإمبراطوري والمعابد تكريما ً وإحتراما ً لبوذا، وعليه تحولت هذه الطقوس لعيد شعبي وأصبح عيدا ً رسميا ً للصينيين. هذا كل ما أعرفه حول عيد الفوانيس الصيني.
وقبل تفشي فيروس كورونا وفي الأوقات العادية كنت أستقبل الأعياد الصينية مع أصدقائي وزملائي الصينيين و عائلاتهم، و من خلال هذه الأعياد و المناسبات الرسمية الصينية أتعرف أكثر على العادات والتقاليد الصينية. وكلها ذكريات جميلة راسخة في ذهي إلى اليوم، لكن هذه المرة وإبتداء من عيد الربيع الصيني الى عيد الفوانيس كان هنالك اختلافا كبيرا لما اعتدنا عليه، نظرا للوضع الحساس الذي تمر به البلاد و بسبب انتشار هذا الفيروس، إلتزمنا جميعا بالحجر الصحي وإلتزمنا بكل القوانين التي وضعتها الحكومة الصينية بهدف حماية الجميع. وكانت طريقتنا في استقبال الأعياد مختلفة أيضا فقد كنا نتبادل المعايدات عبر تطبيق الوتشات وبقية مختلف أنواع التواصل الاجتماعي. ومع هذه المعايدات تواجدت جمل جديدة مثل “لا تنسى إرتداء الكمامة عند الخروج، كن حذرا وحافظ على صحتك.”
وعند إنتشار الفيروس قررت البقاء بالصين وبكل تأكيد قلق الأهل على صحتي، فأنا لا أنكر مدى قلقهم وخاصة في بداية الأحداث وكان ذلك بتاريخ 24 يناير 2020 عندما أعلنت الصين حالة الطوارئ بكامل البلاد و الإعلان عن العزل الصحي وعزل مدينة ووهان حيث أنها مركز تفشي فيروس كورونا الجديد وذلك من أجل احتواء هذا الفيروس، كانت عائلتي وكل أصدقائي التونسيين و كل من يعرفني في قلق شديد و إتصالات يومية تصلني منهم للإطمئنان على صحتي ، كما دعوني إلى المغادرة و العودة إلى تونس، لكن عندما شرحت لهم إن الصين حكومة وشعب قادرة على تجاوز المصاعب و الاعتناء بالمقيمين من الأجانب بعدالة ومساواة مطلقة في العناية والاهتمام، ووفاءا لجهودهم ودعمهم المتواصل قررت البقاء في الصين، فنحن أصدقاء ليس فقط في الرخاء إنما الصديق الحقيقي يكون موجود في أصعب الظروف .
فأنا مصرة على البقاء في خنان جنجو حتى أعيش هذه المحنة مع الصين حكومة و شعبا ونتجاوزها معا إن شاء الله، وبالتالي أطمأنت قلوبهم ودعوني لتوخي الحذر والانتباه و الالتزام بكل تعليمات الحكومة لضمان حمايتي.
بالنسبة لي من أهم أسباب عدم رجوعي الى بلدي في مثل هذا الوقت و الإصرار على البقاء داخل الصين هو إحساسي بالانتماء إلى هذا البلد الذي استقبلني أجمل استقبال، بالتالي لا يمكن تركه بسبب هذا الفيروس، فضلت البقاء مع أصدقائي وأن أعيش ما يعشونه يوم بيوم ونكون شاهدين على إنتصار الصين.
فأنا على قناعة تامة أن الحكومة الصينية وما تمتلكه من قدرات وإرادة جبارة تستطيع بإذن الله التغلب على أصعب الأزمات. كما أعلن عن تضامني الكامل مع الحكومة الصينية و شعبها، وكل الاحترام والتقدير للشعب الصيني لما أظهره من انضباط و تفاني في خدمة الوطن وشعبه والمقيمين.
أما فيما يتعلق بالتدابير الوقائية التي قمت بها للوقاية من الوباء وما قدمته الدولة الصينية لمواطنيها وكل من يقيم على أراضيها ،، ف الإهتمام بالنظافة سواء الشخصية اوالمنزلية ،، وكذلك متابعة تعليمات الحكومة وتعليمات الحكم المحلي بالمقاطعة والإلتزام بها ،، والإبقاء على تواصل مع خدمة الطوارئ لأي مستجدات، أيضا عند الخروج من المنزل ارتداء الكمامة، والخروج فقط لضرورة القصوى. والالتزام بكل التدابير الوقائية لحفظ سلامتنا و سلامة الاخر.
وهنا أريد أن أتوجه بالشكر إلى كل المسؤولين بجامعتي لحرصهم على سلامتنا نحن الطلاب الأجانب.
إن الاتصال والتواصل من قبل جامعتي بكل الطلاب الأجانب هو دائم وفي غاية الجدية، وهذا يدل على الإهتمام بالرعايا إلى جانب سبل تقديم الراحة والاطمئنان علينا وعلى صحتنا بإستمرار، كما أتوجه بالشكر لهذا البلد الصديق لما قام به من مجهودات جبارة و كنت شاهدة عليها.
ومن أهم ما قامت به الحكومة الصينية من أجل إحتواء هذا الفيروس وبعث الطمأنينة في قلوب الناس فقد عملت على الثقة والشفافية العالية وذلك من خلال عرض المعلومات الحية عن الإصابات وأماكن وقوعها، ويمكن لأي شخص الاطلاع عليها على مدار الساعة، فبواسطة هاتفك يمكن معرفة عدد الإصابات وأماكنها، وإضافة إلى ذلك يمكنك معرفة الأماكن المكتظة بالناس في الوقت الحقيقي، وأقرب إصابة إلى المكان المتواجد فيه لتوخي الحذر وتجنب منع العدوى. وكلها تطبيقات موجودة على هاتفك.
شاهدت كذلك مقاطع فيديو لطائرات مسيرة تطوف في الشوارع والأماكن المختلفة لإعطاء التحذيرات للمواطنين المخالفين وارشادهم للبقاء في بيوتهم وارتداء الكمامات الطبية. ولتجنب العدوى أكثر والسيطرة على المرض و حفظ سلامة المواطنين، فقد وفرت الحكومة الصينية أيضا بما يعرف بالتعاملات المالية والتسوق عبر الإنترنت فقد وصل مستوى من التطور غير مسبوق في الصين. وعليه بواسطة هاتفك يمكنك شراء المواد الغذائية وكل ما تحتاجه ليصلك الى بيتك مباشرة دون عناء ، ودون الخروج من بيتك.
كما تعمل الصين على زيادة الاعتماد على تطبيقات التعلم عبر الإنترنت على نطاق واسع بعد تأجيل بداية الفصل الدراسي بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث بدأ 600 ألف مُعلم تدريس المناهج عبر الإنترنت لحوالي 50 مليون طالب في جميع أنحاء الصين. وهنالك مشاهد كثيرة تثير الإعجاب والطمأنينة في كل الجوانب الصحية والتكنولوجية والعلمية والأمن الغذائي، كل ذلك يخبرنا أن الصين قادرة على احتواء هذا الوباء والقضاء عليه، وأنها خط الدفاع الأول عن العالم أجمع.
وتجدر الإشارة وخلال فترة الحجر الصحي وجلوسي بالبيت لساعات طويلة فأنا أتابع القراءة والبحث العملي لتعزيز دراستي في ظل هذه الظروف. فأني أتابع دراستي عن كثب بالقراءة والبحث، والعمل على مواصلة إنجاز مشروع تخرجي، وكذلك متابعة الأخبار والتعليمات الصادرة عن المجتمع المحلي، والاتصال والتواصل مع الاهل والاصدقاء بالصين، للرفع المعنويات والصمود في وجه الظروف المحيطة.
إن ثقتي بالصين حكومة وشعب عالية جدا في أنهم قادرين على تخطي هذه المحنة والقضاء على هذا الوباء، فالحكومة الصينية طموحة بتطلعاتها وواقعية بتحقيق أهدافها وعليه فإنني أعتقد وبشكل جازم أن الصين تعمل ليل نهار من أجل السيطرة على هذا الوباء والقضاء عليه ،،فالصين قادرة على إختراع اللقاح للقضاء على هذا الوباء في الوقت القريب،، فالبحث العلمي والدراسات الطبية اليومية قادرة على تحقيق النتائج وخاصة أن الطواقم تعمل ليل نهار من أجل الصين وشعبها والمقيمين على أرضها، وأكبر دليل على ذلك إنشاء مستشفى متخصص بمدينة وهان بزمن قياسي من أجل تقديم الخدمة للمصابين وانجاز الدراسات والفحوصات المخبرية من خلال طواقم طبية متخصصة، تبذل كل جهدها للقضاء على هذا الوباء.
فالصين ترفع شعار التعايش والمصير المشترك مع جيرانها والعالم ككل، لذلك ستسعى جاهدة من أجل القضاء على هذا الوباء عاجلا من أجل حماية البشرية جمعاء، لأن الثقافة الوطنية لدى الصين حكومة وشعبا هي تحقيق التنمية والإزدهار والعيش المشترك المبني على الإحترام وتحقيق السعادة والتقدم المنشود للبشرية جمعاء.
وأخيرا أقول للشعب الصيني بكل أطيافه: إرفعوا رؤوسكم عاليا أنكم صينيين ،،إعملوا ليلاً ونهاراً من أجل بلدكم وقيمكم فالعالم ينظر إليكم في هذه الظروف فعليكم أن تكونوا على قدر عالي من المسؤولية وأنتم كذلك،، إجتهدوا كما يعرفكم العالم وأعملوا بجد وإخلاص كما نعرفكم فأنتم من ىسيصنع التاريخ وسيسجل التاريخ أنكم قادرين على تحمل الصعاب من أجل أطفالكم وبلدكم وشعبكم ،،حافظوا على الجهد المتواصل،، إصبروا وأعملوا فالفجر قادم بعد هذا الليل،، ستبقى الصين مناره للتقدم والإزدهار وتحقيق السلام والتنمية ولن تتخلى عن هذا المبدأ،، مهما كبرت التضحيات فهي التي ستنير درب الأجيال القادمة في تحقيق الأهداف،، فالرحمة لمن فقدتم والشفاء للمصابين وتعازينا الحارة لأهالي الضحايا والذين نعتبرهم شهداء معركة تحقيق التنمية والعيش المشترك في سبيل المصير المشترك. عاشت الصين حكومة وشعبا وستبقى الصين الدولة العظمى التي ستدافع عن الإنسانية وقيمها في تحقيق السعادة والرخاء للعالم أجمع كما عرفناها.
#هبةعلوي، باحثة من #تونس، من جامعة جنجو – خنان – جمهورية #الصين الشعبية، صديقة لِ #لاتحادالدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب #العرب أصدقاء وحلفاء #الصين.
*التدقيق اللغوي والتـحـريــر الصحفي/ أ. مــروان ســوداح.
*المراجعة والنشر/ عبد القادر خليل