Thursday 16th May 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الجزائر والرؤية الإستراتيجية الثنائية مع روسيا

منذ 5 سنوات في 05/أكتوبر/2019

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

 

بقلم: عبد القادر خليل 

*كاتب ومترجم اللغة الروسية خريج الاتحاد السوفياتي

 

 

 

 

 

 

   منذ عشرات السنين، ومروراً بدراستي الأكاديمية في الاتحاد السوفييتي، حاولت وجَهدّتُ إلى أن أكون مُنغمساً في قضايا وشؤون وشجون شعوبه، ذلك أن هذه الدولة الصديقة والكُبرى مساحةً وسكاناً وأهميةً وموقعاً إستراتيجياً دولياً وقارّياً، وليس أخيراً الغنية بمواردها وشعبها وتاريخها وعلاقاتها مع الأُمة العربية منذ فجر التاريخ، مؤهلة تماماً للعودة من جديد إلى مسرح السياسة العربية، والعمل معنا وإلى جانبنا لصياغة رؤية جديدة لعالم اليوم والغد، تكون في صالح جميعنا: العرب والمسلمين وروسيا.

وها قد مرّت السنين، وانبثقت فجأة بمبادرة مهمة من جانب الرئيس فلاديمير بوتين، (مجموعة الرؤية الإستراتيجية “روسيا – العالم الإسلامي”)، والتي تشمل باهتماماتها عالمين كبيرين، العربي والإسلامي، يعيشان في قارتين هما آسيا وأفريقيا، وتمتد المجموعات اللغوية والعرقية لدول هذين العالمين الى كل دول وقارات العالم تقريباً، بضمنهم المُستقرون فيها منذ قديم الأزمان، واللاجئون والدارسون، ولكن في مقدمتهم العُلماء والبحّاثة والمُكتشفون الذين غادروا أوطانهم للبحث عن أرضية مناسبة لجعل علومهم وابتكاراتهم، محط اهتمام دولي وإفادة للبشرية جمعاء، دون تمييز عنصر على آخر وقومية على أخرى.

لكن والحق يُقال، أن روسيا، ومنذ الحقبة القيصرية والى السوفييتية وروسيا الحالية، كانت السبّاقة الى دعم ومساندة الرؤى العربية، من خلال الجمعية الامبرطورية الأًورثوذكسية الفلسطينية الروسية، التي أقامت المدارس في بلاد الشام، وأوفدت أفضل المتعلمين العرب فيها الى جامعات روسيا للدراسة العليا مجاناً، ومنحتهم محبتها ورعايتها وعلومها، فكان أن نسج هؤلاء العديد من رواياتهم ومخطوطاتهم ورؤيتهم الجمعية لمستقبل العرب والروس، وليس في أول هؤلاء ولا في آخرهم العالِمة الفلسطينية الناشطة (من مدينة الناصرة)، المرحومة كلثوم عودة فاسيليفا، التي كانت أول إمرأة تشغل مركز “عضو في جمعية العلاقات الثقافية السوفييتية مع البلدان العربية”.

ونقرأ في المراجع، أن الأُستاذة كلثوم آمنت بأن الأدب هو الطريق إلى القلوب الإنسانية، وابتدأت بتعريب الأدب السوفييتي إلى لغة الضاد، قبل نهاية (الحرب الوطنية العظمى للشعب السوفييتي) – الحرب العالمية الثانية، ثم أخذت بتعريب الأدب العربي إلى الروسية، وساهمت بالتالي مساهمة كبرى لا تثمّن في التجسير الحضاري بين روسيا والعالم العربي، وتعريف الروس بالعرب.
مُنحت الرائدة كلثوم وسام الشرف السوفييتي في عيدها السبعين. وتقلّدت وسام “الصداقة بين الشعوب”، وهو أرفع وسام تمنحه السلطات السوفييتية أنذاك لشخصيات تكرّس علاقات الصداقة الجادة ما بين الشعب السوفييتي والشعوب الأخرى، ومنحتها منظمة التحرير الفلسطينية، بعد وفاتها، “وسام القدس للثقافة والفنون والآداب”، في يناير سنة 1990، تقديراً لدورها الثقافي والسياسي في روسيا الصديقة. وتوفيت العالِمة كلثوم في 24 أبريل 1965، وحضرت جنازتها أعداد كبيرة من الأساتذة والعلماء والطلاب والفلاحين أيضاً، إذ كان الشعب السوفييتي بقومياته كلها يحبّها ويجلّها، كما حضرها وزراء ومسئولون سوفييت كبار كانوا مِن طلاّبها، ودُفنت          في مقبرة خاصة بالأدباء والعُلماء بالقرب من العاصمة الروسية موسكو، ويَبقى قبرها للآن مَحجّاً لعظماء اللغة والأُدباء والترجمة والتحضّر والثقافة العرب والروس، وقوميات روسيا المختلفة، اعترافاً بأعمالها وإنجازاتها الجليلة لخدمة الإنسانية برمتها.


      واليوم، وبعد سنوات طويلة من وفاة عالِمتنا العربية الفلسطينية الروسية التي جمعت عالمين في ذاتها وعقلها، وبمبادرة رئاسية بوتينية روسية جليلة، تشكّلت مجموعة الرؤية الإستراتيجية “روسيا – العالم الإسلامي”، في العام 2006، بإشراف يفغيني .م. بريماكوف، و مينتيمير شايمييف، بعدما انضم الاتحاد الروسي إلى “منظمة التعاون الإسلامي” كعضو مراقب. وشرعت المجموعة ومنذ ذلك التاريخ إلى وضع برامج وتفعيل أنشطتها في موسكو، قازان، إسطنبول، جدّة والكويت وغيرها من مدن روسيا والعالم العربي، وفي كل نشاط كان الرئيس الروسي فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين يرسل تحياته إلى لقاءات المجموعة، ويَشد من أزرها في سبيل تميّزها في علاقات روسيا العربية والإسلامية، إذ ولتواصل دعم الرئيس بوتين للمجموعة، فقد أضحت المجموعة بارزة في عالم اليوم، ويُشارك في لقاءاتها شخصيات حكومية واجتماعية كثيرة، من عشرات بلدان العالم، يبحثون في لقاءاتهم خلالها، القضايا الحادة والملحة في العلاقات الدولية، والوضع في “الشرق الأوسط”، وقضايا اخرى كثيرة ومتشعبة العناوين.

وقد خاضت المجموعة في نقلات عديدة، كان آخرها في العام 2014، حين اتخذ الرئيس بوتين قراراً بتجديد نشاط المجموعة، ووضع مهام هذه الجمعية ومسؤولية إدارة أعمالها على عاتق رئيس جمهورية تاتارستان “ر. مينيخانوف”، الذي أصبح أميناً للمجموعة، أما رئيسها الفخري يَفغيني بريماكوف فبقي في منصبه حتى وفاته، وغدا منسّق أعمال المجموعة – وكان منذ تأسيسها – السفير ف. بوبوف، الذي يشغل منصب مدير “مركز تحالف الحضارات – ميغيمو” لدى وزارة الخارجية الروسية.

ومن المفيد التنويه، الى أن في المرحلة الحالية يتم التركيز في عمل المجموعة على وضع دراسة تامة لمتابعة العمل بحيوية وفعالية لتدعيم وتقوية التعاون طويل الأمد مابين روسيا الاتحادية والدول الإسلامية وبضمنها العربية، وتنسيق المشاريع المشتركة في النضال ضد الإرهاب الدولي، على أسس واقعية وذات أبعاد إستراتيجية للشراكة الفعّالة بين الاتحاد الروسي والعالم الإسلامي. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف تمت دراسة الخطوات العملية لترجمة المخطوطات والكتب بصورة سريعة من اللغة الروسية إلى اللغة العربية، الفارسية، التركية وغيرها. كذلك العمل على ترجمة الكتب العربية، والمخطوطات القيّمة والمهمة من الدول الإسلامية إلى اللغة الروسية.

يَحدونا الأمل والعَمل الآن وكل آوان، لتجسيد أفكار هذه المجموعة لِما لها من أهمية قصوى في عالم اليوم والغد، ومن أجل التقارب العربي الروسي، عودةً إلى تنشيط الأعمال بين العالمين في التعليم والثقافة، الفنون واللغة، والتبادلات المادية والروحية على اختلافها، ويقينا بأن هذه المجموعة تؤكد بوجودها وعملها على مبادئ التعايش السلمي بين الشعوب، وبخاصة مابين روسيا ووطني الجزائر والبلدان العربية الشقيقة عموماً، وتطوير الأعمال والأفعال الإيجابية والأنفع وضمن المعادلة الأمثل “رابح – رابح”، حيث نعمل ونطمح لمزيد من التعاون المشترك وتفعيل التبادلات العلمية والثقافية والفنية بين الجزائر ومجموعة الرؤية الإستراتيجية “روسيا – العالم الإسلامي”، ونحن على يقين أن المستقبل القريب ستثمر أشجاره وتزهر وروده وتسمو آفاقه إلى ما فيه الخير للجميع. 


** عبد القادر خليل – كاتب ومترجم اللغة الروسية خريج الاتحاد السوفياتي 

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


التعليقات:
  • مقالة مهمة جدا جدا.. ومن المهم متابعة المواضيع التي تتطرق إليها.. إلى الامام استاذ خليل

  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *