شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم: جمال العبيريد، كاتب صحفي سعودي
جاءت زيارة فخامة الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية إلى المملكة العربية السعودية في فترة مهمة تاريخياً لكلا الشعبين أولاً لما تمثّله الصين من قوة عظمى سياسية واقتصادية واجتماعية تعبّر عن هوية الشرق الأصيلة، وأيضاً لما تمثّله الحضارة العربية من قيمة مهمة في العالم حيث كانت الحضارة التي ربطت الحضارات الأولى بالحضارات اللاحقة وأسست لمفهوم التعايش السلمي في الشرق الأوسط الذي كان قبل قيام الحضارة العربية ساحة للصراعات الحضارية.
بالرغم من تميّز العلاقات بين الصين من جهة والمملكة العربية السعودية والدول العربية من جهة أخرى، إلا أن زيارة الرئيس شي جين بينغ ستدفع بتحوّل هذه العلاقة إلى علاقة تحالف استراتيجي على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية. فقبل الزيارة هناك أكثر من 200 شركة صينية تعمل في السعودية وبلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والصين أكثر من 2.2 تريليون يوان صيني خلال الفترة من 2016-2021م وتعتبر السعودية هي الشريك التجاري الأول للصين في غرب آسيا وشمال أفريقيا كما تعتبر الصين هي الشريك التجاري الأول للسعودية على الإطلاق.
تتفق الحضارة العربية والحضارة الصينية أنهما حضارتنا تأسستا على أسس ثقافية وقيم عليا لا تؤمن بالتفوّق العرقي ولا التميّز الجنسي كما أن من أدبياتها احترام الثقافات المختلفة، ونبذ دعاوى الكراهية والتطرف وصراع الحضارات بين أتباع الأديان والثقافات، لهذا لم تكن أياً من الصين أو الدول العربية قوى استعمارية في يوم من الأيام ولم تحاول استغلال قوتها للسيطرة على موارد الدول وخيراتها.
رغم أن اجمالي التعاونات الاقتصادية التي تم توقيعها خلال زيارة فخامته قد تجاوزت 200 مليار يوان صيني، إلا أن التعاون الاقتصادي سيتمد إلى أبعد من هذه الاتفاقيات. حيث ستؤسس زيارة الرئيس شي جين بينغ لمرحلة أعمق من التعاون وصولاً إلى التحالف الاستراتيجي.
تؤمن السعودية والدول العربية بأهمية مبادرة الصين (الحزام والطريق) وتؤمن بمبدأ الصين الواحدة وأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين وكذلك هونغ ولذلك ترفض أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي الصيني أو المساس بما يتعلق بحقوق الشعب الصيني الصديق. كما تؤمن الصين بحق دولة فلسطين الأبدي على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقي وترفض الاحتلال الإسرائيلي المدعوم غربياً لأراضي عربية والسلوك العدواني لقوات الاحتلال الاسرائلي وقتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء. كما أن السعودية والصين تدعوان إلى معالجة مشكلة التغير المناخي بطريقة وأسلوب متزن يأخذ كل مصادر الطاقة في الاعتبار بما يسمى (خليط الطاقة) لضمان عدم تأثر سلاسل إمداد الطاقة بأي خلل يكون ضحيته جيب المواطن الصيني أو العربي.
وبصفتي مواطناً عربياً سعودياً، أؤمن بأن هذه القمة العربية الصينية الأولى ستتبعها قمم أخرى لأن ما يجمعنا مع الصين مشتركات كثيرة جداً وقيم سامية ستدفع العالم نحو المزيد من الأمن والرخاء خصوصاً في قارة آسيا وما يمثله مشروع الحزام والطريق من أهمية حضارية لشعوبنا سيعجّل بقطف ثمار تلك الشراكة الاستراتيجية. كما أتطلع لرؤية أصدقاءنا من السياح الصينيين يجوبون بلادنا العربية بسلام ويسعدون بالإطلاع على الحضارة العربية كما هي الحضارة الصينية العريقة محل اهتمامنا وشغفنا الدائم.