شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
مقالة مختارة عن الأنباط الأردنية:
جولة جلالة الملك الأوروبية
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح
تُعد الجولة الأوروبية التي قام بها جلالة الملك عبد الله الثاني وشملت النمسا وبولندا وألمانيا والمملكة المتحدة، واحدة من المهام المُنَاطة بجلالته كقائد للوطن، لتوضيح سياسات الأُردن الدولية من خلال اللقاءات الوجاهية المباشرة لجلالته مع قادة الدول، وللتباحث وجهًا لوجه في القضايا الثنائية الكثيرة بين الأُردن وهذه البلدان، ولإرساء روافع متجددة لتعظيمها، ما يعكس حيوية وقوة السياسة الأردنية دوليًا، والعدد الكبير من العواصم التي تصادق المملكة وتلتف من حولها داعمة لها ولسياساتها وتصوراتها بشأن الإقليم العربي الذي يتخذ الأُردن مكانة القلب النابض فيه مانحًا الجميع التفاؤل بغدٍ أفضل في خضم التحولات العديدة التي غيّرت الكثير في ملامح المنطقة.
زيارات جلالة الملك الخارجية إنما تؤكد للدنيا على حقيقة أننا في الإقليم العربي نحتاج إلى وقف الصراعات في ديارنا الحبيبة، وإلى مزيدٍ من الهدوء والاستقرار فيها، ولتجذير الثبات في الوطن العربي بجهود الجميع ومَن تعز عليهم قضايا السلام والعدالة، ولأجل إجهاض الأسباب المؤدية إلى انهيار الأوضاع من جديد، فهنالك وللأسف مؤشرات قد تكون مفزعة لجهة عودة الاحترار لمنطقتنا. لقد تعبت بقاعُنا وشعوبُنا من النقلات الحادة التي شهدناها خلال فترة زمنية ما تزال ذيولها المأساوية ماثلة أمامنا، ما أفقد الأُمة في بعض الأحيان القدرة على استيعاب ما يجري بسرعة. ولهذا، ولغيره العديد من الأسباب، يعمل الدور الأُردني على التعاون مع أصدقاء الأُردن لحل الصراعات في إقليمنا العربي وتبريد مسبباتها، وبالأخص ما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي طال انتظارنا لتطبيق القانون الدولي عليها بنشر السلام والعدالة.
جلالة الملك بحث خلال جولته مع قادة وكبار مسؤولي هذه الدول، العلاقات الثنائية، وسُبل توسيع التعاون، فضلًا عن تناول آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، إذ أن مختلف الميادين مرتبطة ببعضها البعض بغض النظر عن سياساتها وألوانها العقائدية ومساحاتها الجغرافية.
استهل جلالة الملك حفظه الله وسسد خُطاه، جولته من العاصمة النمساوية فيينا، حيث التقى الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين، والمستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، وتابع تمريناً تعبوياً في مقر شرطة المهام الخاصة النمساوية. وفي بولندا، المحطة الثانية لجلالة الملك، أجرى جلالته في العاصمة وارسو، مباحثات مع الرئيس البولندي أندريه دودا. وخلال زيارته للعاصمة الألمانية برلين، التقى جلالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومنحها وسام النهضة المُرصع، لجهودها الموصولة في تعزيز علاقات الصداقة وتوسيع التعاون بين البلدين. وفي المملكة المتحدة آخر محطات جلالته، التقى جلالة قائدنا الملك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ووزيرة الخارجية إليزابيث تروس، ورئيس مجلس العُموم ليندسي هويل، ورئيسي وأعضاء لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع، و”مجموعة الأُردن” في البرلمان البريطاني، وشخصيات برلمانية وأكاديمية وفكرية.
مَن يتابع زيارت جلالة الملك الخارجية يُدرك كَم هي في غاية الأهميّة والأنيّة، وكَم هي كذلك مُتعبة جسديًا وروحيًا، فهذا الحِراك الملكي ليس مجرد زيارات ولقاءات عادية كما يَحلو للبعض الجالس على أريكة مُخملية تصويرها وإطلاق الأحكام السريعة بشأنها، بل هي حاجة مُلِحَّة للتواصل المُنتِج لقرارات مصيرية لصُنَّاع القرار السياسي في الدول الفاعلة، بخاصةٍ في أوروبا الغربية عمومًا التي لديها علاقات صداقة وتحالف قديم مع الأُردن بمَعَالِم واضحة وصلبة. الدول التي زارها جلالة سيدنا تعمل بلا توقف على دعم المملكة سياسيًا وعسكريًا، وفي التنسيق الأمني، وهي صِلات ضرورية تقوم بين مختلف الدول بدون استثناء، وما جرى إنما هو تأكيد على مكانتنا الأُردنية العالية في تلك الدول وفي فعاليات المنظمات الأُممية والقارية، وتشديد أصدقاء الأردن على الدور الكوني الفاعل للمملكة ورياديتها في الفضاءات التي تؤثر على وطننا ومنطقتنا واقعًا وراهنًا ومستقبلًا.
نتطلع كأردنيين إلى حَلحَلة الأوضاع في منطقتنا، والسير في سبيل توطين السلام والهدوء فيها إلى الأبد، بعيدًا عن مُسببات الأزمات والتقلبات المفاجئة التي تواصل العصف بأقطارنا وأحوازنا بين حين وحين.. ولجلالة الملك المُفدى كل محبتنا وتأييدنا لدوره الكبير والرائد والنشط لزرع السلام الثابت والدائم والكامل في أرضنا العربية الواسعة المُمتدة من الخليج الآسيوي إلى المحيط الإفريقي.