شبكة طريق الحرير الإخبارية/
عطبرة، السودان (شينخوا) في ظهيرة يوم (الأربعاء) الماضي، كانت قاعة “الصندوق القومي” بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمالي السودان مزينة بالفوانيس، وتضج بالحياة، وذلك بعد أن كانت هادئة وخالية من أي نشاط مماثل.
وفي الشوارع المؤدية للقاعة الواقعة بحي (الدرجة) وهو أحد الأحياء المشهورة بمدينة عطبرة والتي يطلق عليها لقب (مدينة الحديد والنار) ، كان هناك ازدحام ملحوظ من قبل المئات الذين قصدوا المكان لحضور احتفال فريد من نوعه، وينظم لأول مرة بالمدينة من قبل الجانب السوداني وذلك بمناسبة عيد الربيع الصيني.
ورغم الأجواء التي تخيم على مدينة عطبرة كسائر المدن الأخرى، بسبب تأثيرات الحرب المستمرة في السودان، وتعرض المدينة من وقت لأخر للقصف بواسطة الطائرات المسيرة، فإن ذلك لم يمنع مسؤولين محليين وعدد كبير من سكان المدينة وزائريها، وعدد من الصينيين من حضور الاحتفال.
ونظم مركز الماندرين للتدريب، شعبة اللغة الصينية الاحتفال بعيد الربيع الصيني، تحت شعار ” الاحتفال بعيد الربيع الصيني من أجل بناء جسر ثقافي وتعزيز روابط التواصل”.
وقد اشتمل الاحتفال علي عروض فنية متنوعة كانت أبرزها أغنيات فردية وجماعية لطلاب بمركز الماندرين، ومسرحيات قصيرة وقصائد مستلهمة من مضامين عيد الربيع، مما منح المشاركين فرصة للتعمق في الثقافة الصينية.
وقال مدير مركز الماندرين موفق عاطف بابكر ” هذا اليوم حلم تحقق، رغم الصعوبات تمكنا من الاحتفال بعيد الربيع، أنا سعيد جدا بما أنجزناه”.
وأضاف في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) ” قصدنا من هذا الاحتفال إظهار المعني الحقيقي للترابط والإخاء بين الشعبين السوداني والصيني، ونعلم أن هذه المعاني كلها يجسدها عيد الربيع”.
وتابع ” واجهنا صعوبات كبيرة ناتجة عن الظرف الراهن بالسودان، ولم يكن الحصول على شعارات عيد الربيع والرسومات الخاصة به أمرا سهلا، وقد استعنا بصديق موجود بالصين، وقام بإرسالها لنا”.
وأشار بابكر إلى أهمية الاحتفال بعيد الربيع، وقال ” نحن نحتفل بمناسبة مهمة وذات قيمة عالمية، وقد أضحت الأن حدثا عالميا بعد أن تم إدراج الاحتفال في منظومة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي”.
وانطلق الاحتفال بعزف النشيدين الوطنيين للسودان والصين.
وألقت الطالبة بمركز الماندرين رؤي خالد، واسمها الصيني فانغ شين قصيدة شعرية بعنوان “مواجهة البحر، حيث الدفء والزهور في الربيع”، وقد عبرت القصيدة عن الأمل والسعادة.
ونالت الفقرة الغنائية الجماعية لمجموعة من طلاب المركز النصيب الأكبر من إعجاب وتفاعل الجمهور الكبير الذي ضجت به قاعة الاحتفال.
وتعالت أصوات التصفيق طوال زمن أداء الأغنية، وهي بعنوان “الأصدقاء”، ورغم أن غالبية الجمهور لا يفهم معني كلمات الأغنية التي تم أداؤها باللغة الصينية، إلا أن لحن الأغنية المؤثر، وروعة أداء المجموعة الغنائية، نال استحسان الجمهور.
وقالت الطالبة رؤي خالد، وهي التي قادت المجموعة الغنائية، إن أغنية (الأصدقاء) كانت تجسيدا لواحدة من أهم معاني الاحتفال بعيد الربيع.
وأضافت رؤي، وهي طالبة في المستوي الرابع بشعبة اللغة الصينية بمركز (الماندرين)، لـ ((شينخوا)) ” أنا مغرمة بالغناء الصيني، وهذا منذ صغري، وقد يكون ذلك السبب في الاتجاه نحو تعلم اللغة الصينية”.
وتحفظ رؤي أغنيات صينية شهيرة، وهي تحلم بالسفر إلى الصين والإقامة فيها، وبجانب موهبة الغناء فإنها مهتمة أيضا بالإعلام وتتمني أن تصبح مذيعة أخبار باللغة الصينية.
وتضمنت فقرات الاحتفال عرضا مسرحيا من قبل طالبتين بمركز الماندرين، وقد أبرزت المسرحية الكوميدية القصيرة قيم الترابط الأسري.
وصاحب الاحتفال معرضا للزينة والفوانيس والنقوش الصينية التقليدية المميزة، فيما فاحت في جميع أرجاء قاعة المعرض روائح الطعام الصيني، قبل أن يستمتع بمذاقه الحضور.
وعكست أنشطة المعرض، برامج متنوعة للتعريف بالثقافة الصينية، وتعريف الجمهور ببعض العادات والتقاليد الصينية، مثل صنع الفوانيس الصينية، وتعلم الكتابة بالخط الصيني.
ولم يقتصر حضور الاحتفال علي سكان مدينة عطبرة فقط، بل شارك سودانيون قادمون من مدن أخري في الاحتفال بعيد الربيع.
وسافرت المواطنة السودانية نبراس مالك، وتبلغ من العمر (23 عاما) من مدينة أم درمان شمالي العاصمة السودانية الخرطوم إلى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل لحضور الاحتفال بعيد الربيع.
وقالت نبراس، لـ((شينخوا)) ” سافرت لأكثر من 15 ساعة، وتحملت مخاطر عدة وصعوبات أمنية، وكل ذلك من أجل تحقيق حلمي في حضور هذا الاحتفال المهم”.
وأضافت ” منذ اندلاع الحرب لم يكن متاحا لي المشاركة في أي نشاط مرتبط بالثقافة الصينية، وها أنا اليوم أتمكن من الاستمتاع بالاحتفال بعيد الربيع، إنها لحظات مؤثرة، لقد أعاد لي الاحتفال ذكريات لا تنسي عندما كنت أحضر مع والدي مثل هذه الفعاليات في الخرطوم”.
وفي صالة المعرض، استمتع الحضور بأنشطة مصاحبة كانت أبرزها قص أوراق النوافذ وكتابة الحروف الصينية، وتناول الوجبات الصينية.
وعلي ثلاث طاولات، وضعت 7 (قدور)، منها 4 لوجبة (جياوتسي)، واثنتين لوجبة (الشعرية) باللحم البقري، وقِدر واحد لكرات الأرز.
ونال الطعام الصيني إعجاب من تذوقوه، وقالت انشراح أحمد، وهي موظفة حكومية ” إن مذاق الطعام الصيني رائع بالفعل، أنا أحب الوجبات الصينية، ولكن للأسف هي غير متوفرة الأن بالسودان بسبب الحرب”.
وأضافت لـ ((شينخوا)) وهي تتناول طبقا من الشعرية باللحم ” أنا مستمتعة بهذه الوجبة، وأحاول استخدام الأعواد لتناول الوجبة، ولدي معرفة لا بأس بها بأسماء الوجبات المرتبطة بعيد الربيع”.
وسبق لانشراح المشاركة في الاحتفال بعيد الربيع بقاعة الصداقة بالخرطوم قبل سنوات، ولكنها تحلم بالسفر إلى الصين ومعايشة تجربة حقيقية للاحتفال بعيد الربيع في الصين.
وحضر الاحتفالية بقاعة الصندوق القومي بمدينة عطبرة اليوم مئات من السودانيين، وبعض من أفراد الجالية الصينية بالسودان.
وقال “تشانغ يو تشونغ”، مدير مستشفى هواشيا الصيني ، والذي حضر الاحتفال قادما من مدينة بورتسودان بشرقي السودان “هذه هي المرة الأولى التي أحضر فيها احتفالاً بعيد الربيع ينظمه السودانيون، وهو حقاً احتفال مميز”.
وأضاف لـ((شينخوا)) ” بالنظر إلى الوضع الحالي في السودان، فإن هذا الاحتفال يعد قيما ويبعث على التأثر والدفء”.
وتابع ” أن عدد الصينيين المتواجدين في بورتسودان حاليا قليل جدا، وفي ظل هذه الظروف، يكتفي معظمهم بوضع ملصقات خاصة بعيد الربيع وتناول الطعام مع زملاء العمل أو الأصدقاء للاحتفال بالعيد بطريقة بسيطة”.
وبعد نهاية الاحتفال، قال مدير مركز الماندرين موفق عاطف بابكر، وهي الجهة التي نظمت الاحتفال، إن مشاعره مزدوجة، فهو يشعر بالفرح كونه تغلب علي صعوبات عدة كان تعترض تنظيم الاحتفال، وأنه حزين لافتقار الحفل إلى فقرات مهمة، وأبرزها فقرة الألعاب النارية.
وأضاف ” لا تتوفر الألعاب النارية في المدينة، كما لا يمكن استخدامها بسبب الوضع الأمني، ولكني آمل أن يحل عيد الربيع القادم وبلادنا تنعم بالسلام، وعندها يمكننا تنظيم احتفال يليق بأهمية عيد الربيع”.