شبكة طريق الحرير الإخبارية/
دائما ما تكون الجزائر في مقدمة البلدان العربية التي تنصر القضية الفلسطينية، وتسعى لتوحيد شعبها، حتى في هذه الأيام ورغم ابتعاد البعض عن فلسطين وهرولة آخرون نحو التطبيع مع إسرائيل، إلا أن الجزائر دائما تسطر لنفسها تاريخا مشرفا من النضال لنصرة القدس والشعب الفلسطيني.
وها هي الآن، وتزامنا مع احتضانها للقمة العربية على أراضيها، وتزامنا مع الذكرى ال 105 لوعد بلفور المشؤوم، لم تنس الجزائر الشعب الفلسطيني، بل قامت وسعت لتوحيده، وإعلان المصالحة الفلسطينية قبل انعقاد القمة العربية وخلال جلساتها والبيانات ومخرجات القمة.
وخلال القمة الحالية بالجزائر ، طالبت القمة العربية 31 مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية التابعين للأمم المتحدة على متابعة تحديث قاعده البيانات للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة ومتابعة تحميل هذه الشركات تبعات العمل غير القانوني الذي تقوم به.
وأدان القادة جرائم المستوطنين الإرهابية ضد الفلسطينيين العزل وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم، وذلك تحت حماية سلطات الاحتلال، وتحميل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم والاعتداءات، ومطالبة المجتمع الدولي بالتصدي لهذه الجرائم العنصرية التي تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني.
كما أدانوا إسرائيل لبنائها جدار الفصل والضم العنصري داخل أرض دولة فلسطين المحتلة، معتبرين هذا الجدار شكلا من أشكال الفصل العنصري وجزءا من منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني، مطالبين جميع الدول والمنظمات الدولية ومجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لإرغام إسرائيل على إزالة ما تم بناؤه من هذا الجدار.
ودعا القادة العرب المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في التصدي لأي عملية تهجير لأبناء الشعب الفلسطيني نتيجة الممارسات الإسرائيلية وأيضا إلى تحمل مسؤولياته في تفعيل فتوى محكمة العدل الدولية بشأن إقامة جدار الفصل العنصري.
ويصادف اليوم الأربعاء الذكرى الملعونة ال 105 لوعد “بلفور”المشؤوم، والذي سرقت من خلاله أرض فلسطين المحتلة من قبل العصابات الصهيونية.
ومع هذه الذكرى، انتصرت الجزائر للفلسطينيين مجددا كعادتها عبر مخرجات القمة العربية الحالية، والتي حملت بين سطورها إدانات عربية للانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
ويشار إلى أن “وعد بلفور” المشؤوم كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة لرغبات “الصهيونية العالمية” على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.
وجاء الإعلان على شكل رسالة موجهة من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك (آرثر جيمس بلفور)، في حكومة ديفيد لويد جورج إلى (اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية)، وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين و(المنظمة الصهيونية العالمية) من جهة أخرى.
واستطاع من خلالها “الصهاينة” إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.
وكانت الحكومة البريطانية قد عرضت نص رسالة بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواها قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا عام 1918، ثم تبعها الرئيس ولسون رسميًا وعلنيًا سنة 1919، وكذلك اليابان.
وجاء في نص الرسالة “تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.
وفي 25 أبريل من عام 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر (سان ريمو) على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع (إعلان بلفور) موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب.
وفي 24 يوليو من عام 1922 وافق مجلس (عصبة الأمم المتحدة )على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 سبتمبر من عام 1923، وبذلك يمكننا القول إن إعلان بلفور كان إعلانًا غربيًا وليس بريطانيًا فحسب.
أما الشعب الفلسطيني فلم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية اللعينة التي بدأت تفرض على الأرض من قبل “الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة”، بل خاض “ثورات” متلاحقة كان أولها ثورة البراق عام 1929 ثم تلتها ثورة 1936.
حينها، اتخذت الحركة الصهيونية العالمية وقادتها من هذا الإعلان مستندًا قانونيا لتدعم به مطالبها المتمثلة، في إقامة “الدولة اليهودية” في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود بالحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة” وطن قومي” لهم، يجمع شتاتهم بما ينسجم وتوجهات الحركة الصهيونية.
وكانت الحركة الصهيونية انتقلت من مرحلة “التنظير” لأفكارها إلى حيز التنفيذ في أعقاب (المؤتمر الصهيوني الأول)، الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، والذي أقرّ “البرنامج الصهيوني”، وأكد أن الصهيونية تكافح من أجل إنشاء وطن “للشعب اليهودي” في فلسطين.
وتبدو الإشارة إلى بلفور في نص “وثيقة الاستقلال المعلنة” مع قيام ما بات يُعرف بدولة إسرائيل، دليلًا على أهمية هذا الوعد بالنسبة لليهود، حيث نقرأ في هذه الوثيقة “الانبعاث القومي في بلد اعترف به إعلان بلفور”.
وتمكن اليهود من استغلال تلك الرسالة الصادرة عن آرثر بلفور المعروف بقربه من الحركة الصهيونية، ومن ثم “صك الانتداب، وقرار الجمعية العامة عام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين” ليحققوا حلمهم بإقامة إسرائيل في 15 مايو من عام 1948، وليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بضغط من الدول الكبرى.
وأصبحت “إسرائيل” بذلك أول دولة في تاريخ النظام السياسي العالمي التي تنشأ على أرض الغير، وتلقى مساندة دولية جعلتها تتوسع وتبتلع المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية وتسرقها باعتراف أممي دون وجه حق.
ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الانتهاكات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، في المقابل لم تتوقف الانتفاضات ضد المحتل الإسرائيلي.