CGTN العربية/
حتى اليوم الثامن من الشهر الجاري، تجاوز عدد الحالات المؤكدة لفيروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة 5 ملايين، مع أكثر من 160 ألف حالة وفاة. أجرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقابلات مع العديد من الخبراء من جميع أنحاء العالم في محاولة لمعرفة سبب “فشل” مكافحة الوباء. يعتقد بعض الخبراء أن الولايات المتحدة تؤكد على الفردية وتتجاهل العمل الجماعي في مكافحة الوباء من ناحية، ومن ناحية أخرى، يعتقد الكثير من الخبراء أن الوضع الحالي في الولايات المتحدة يرجع سببه إلى حد كبير إلى أخطاء إدارة ترامب.
الخطأ الأول: قيود السفر مع وجود ثغرات
في 31 يناير 2020، أعلنت إدارة ترامب قيودا على دخول الأجانب من الصين إلى الولايات المتحدة، لكن كان هناك العديد من الثغرات، ولا تشمل هذه القيود المواطنين الأمريكيين والمقيمين الدائمين وعائلاتهم. والأهم من ذلك، فشلت هذه السياسة في الأخذ بالاعتبار أن الوباء ينتشر في أجزاء أخرى من العالم. كما أظهرت البيانات اللاحقة أن العديد من المصابين الذين دخلوا الولايات المتحدة أتوا من أوروبا، ولم تقيد إدارة ترامب دخول المسافرين من أوروبا حتى مارس.
بالإضافة إلى ذلك، لا تجري الولايات المتحدة الحجر الصحي على الركاب القادمين. في هذا الصدد، كانت السياسات للعديد من الدول أفضل من الولايات المتحدة.
في 27 مارس، أعلنت أستراليا فرض حجر صحي إلزامي على الركاب القادمين، بمن فيهم المواطنون الأستراليون، في الفنادق لمدة أسبوعين. تم تنفيذ هذه السياسة بدقة. نتيجة لذلك، كانت حصيلة الوفيات أقل من 300 حالة وفاة فقط بسبب كوفيد-19.
الخطأ الثاني: حالات الفشل المتكررة للكشف عن فيروس كورونا الجديد
في 16 يناير، أعلن باحثون ألمان أنهم اختبروا فيروس كورونا الجديد بنجاح. وبعد أربعة أيام، طورت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أيضا تقنية الاختبار الخاصة، وقالت إن هذه التكنولوجيا تكشف عن ثلاثة تسلسلات جينية بدلا من اثنين، وهو أكثر دقة من التكنولوجيا الألمانية.
لكن هذه التكنولوجيا بها عيوب، أظهر التسلسل الجيني الثالث نتيجة غير مؤكدة، وطلبت المراكز الأمريكية من مختبرات الولايات تعليق العمل.
ومع ذلك، استمرت هذه المشكلة لعدة أسابيع. خلال هذه الفترة، لا يمكن للولايات المتحدة إلا أن تحد من نطاق الكشف، وكان الفيروس ما زال ينتشر. بحلول أوائل شهر مارس، لم يتم حل مشكلة الكشف، لكن نيويورك أصبحت بؤرة الوباء. يقول الخبراء إنه إذا كان من الممكن إجراء الكشف على نطاق واسع في وقت مبكر، فيمكن اتخاذ تدابير مثل الحجر الصحي في وقت مبكر، وقد يكون الوضع الحالي مختلف تماما.
وبالنسبة إلى ألمانيا، زادت على الفور من قدرات الكشف بعد تفشي الوباء، وجعلته كشف مجاني، بينما فرضت الولايات المتحدة رسوم قدرها 100 دولار على الكشف.
الخطأ الثالث: الالتباس المتكرر حول ارتداء الكمامة
في الأشهر الأولى من تفشي الوباء في الولايات المتحدة، لم يتمكن خبراء الصحة العامة من التوصل إلى التوافق في الآراء بشأن ارتداء كمامة أم لا. يقول بعض الناس إن الكمامة تحد من انتشار الفيروس، لكن يعتقد البعض الآخر أن الكمامة ليست فعالة ويجب توفيرها للطاقم الطبي. لكن في اليابان والصين وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى، سرعان ما أصبح ارتداء الكمامة قاعدة.
أشارت الدراسات حول العالم إلى أهمية الكمامة للوقاية من الوباء. في العديد من البلدان، قدم المسؤولون ردا واضحا: ارتداء كمامة. وفي مايو، ارتدى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وشخصيات سياسية أخرى أقنعة.
ومع ذلك، في الولايات المتحدة، لم تصبح الكمامة شائعة، لكنها أصبحت رمزا للسياسة. لا يرتدي ترامب الكمامة فقط، بل يطلب من المراسلين خلع الكمامات في المؤتمر الصحفي.
الخطأ الرابع: تفسير خاطئ لـ”اقتصاديات العدوى الفيروسية”
خلال شهري مارس وأبريل، درس حاكم ولاية جورجيا برايان كيمب موعد إنهاء “إغلاق” الولاية وإعادة تشغيل الاقتصاد. بحلول أواخر أبريل، اعتقد كيمب أن الوقت قد حان. لم تف جورجيا بمعايير إعادة التشغيل التي حددتها إدارة ترامب. وفي ذلك الوقت، أضافت الولاية نحو 700 حالة إصابة مؤكدة جديدة كل يوم، وهو ما يزيد عما كان عليه الحال عند إغلاق الولاية في 3 أبريل. ومع ذلك، قرر كيمب مواصلة إعادة التشغيل، وقال إن اقتصاد جورجيا لم يعد بإمكانه الانتظار.
يعتقد العديد من السياسيين، وخاصة السياسيين في الحزب الجمهوري مثل كيمب، أن يجب الاختيار بين الصحة العامة والصحة الاقتصادية. وقال نائب حاكم ولاية تكساس دان باتريك: “هناك أشياء أكثر أهمية من أن تكون على قيد الحياة”.
اقترح الخبير الاقتصادي في جامعة شيكاغو أوستان جولسبي القاعدة الأولى لما يسمى بـ”اقتصاديات العدوى الفيروسية”: “إن أفضل طريقة لحل المشاكل الاقتصادية هي السيطرة على انتشار الفيروس.” وأضاف جولسبي: “النتيجة هي أن الوباء ينتشر، ولا يمكن حل المشاكل الاقتصادية.”
الخطأ الخامس: إصدار معلومات محيرة
هناك اختلاف آخر في الولايات المتحدة: المعلومات التي يرسلها القادة الأمريكيين محيرة للغاية. على وجه الخصوص، غالبا ما يقدم ترامب وجهات نظر متناقضة مع الخبراء، مثل “لقد سيطرنا تماما على الفيروس”، و”سيختفي الفيروس بأعجوبة يوما ما”، و”يمكن لأي شخص يريد أن يخضع للاختبار”، لتعزيز الانقسامات الحزبية.
في المقابل، نقل قادة معظم الدول الأخرى نفس الرسالة: يواجه العالم انتشار لفيروس قاتل، ولا يمكن حماية الناس منه إلا من خلال الإجراءات الصارمة والمنسقة.