شبكة طريق الحرير الإخبارية/
د. معتز محي عبد الحميد
على مدى 30 عامًا من الاحتلال الأرميني للأراضي الاذربيجانية، كانت أذربيجان وشعبها يتوقان وبشوق إلى عودة مدينة شوشا التاريخية وبقية المدن المحتلة الى حضن الوطن الام . إذ طوال فترة الاحتلال تم اتباع نهج تسويفي من قبل المجتمع الدولي وخاصة من قبل مجموعة منيسك، والتي كانت مسؤولة عن حل القضية، ولكنها طوال فترة الاحتلال لم تتوصل إلى إيجاد أي حل بشأن هذه القضية، وبالعكس فقد تواصل الهجوم الممنهج والقتل الأرميني على المدنيين العزل الذين يعيشون في تلك المنطقة على الدوام .
وفي النهاية، وبعد فشل المحادثات الطويلة المستمرة بين الطرفين بوجود الوسطاء من مجموعة منيسك، قرر الرئيس الأذربيجاني والقائد العام للقوات المسلحة إلهام علييف، بأنه ليس هناك بديل عن الحل العسكري، وأكد أن الحل العسكري لا مفر منه في سبيل استعادة الوطن لأراضيه المحتلة.
ارمينيا وسياسة التخريب والتدمير
ثلاثة عقود بالكاد اتبعت أرمينيا سياسة تدمير وتخريب للآثار الإسلامية والمادية والثقافية في قرة باغ ومدنها التاريخية التي تحررت في معارك القبضة الحديدية في حرب ال44 يوما الخالدة.
ليست هذه الأعمال الهمجية الإجرامية المرتكبة ضد الشعب الاذربيجاني كجزء من سياسة ارمينيا طول تاريخها البغيض فحسب، بل ضد الحضارة البشرية جمعاء. وجاء الاعتراف بهذه الحقيقة المريرة على ألسنة مسؤولين أرمن ضمنيًا أكثر من مرة إلا أن سلطات الدولة المحتلة تصطنع اخفاء الحقيقة والتهرب بوقاحة من المسؤولية الدولية.
لقد “تجلى التخريب الأرمني فيما يتعلق بالآثار التاريخية لأذربيجان في كافة المناطق المحتلة سابقا. لقد نهب وهدم الأرمن مئات المعالم التاريخية والدينية في تلك الأراضي..
“لقد تم احصاء حالات التدمير بعد البحث والتدقيق في مسألة تدمير وهدم الأثار الدينية والثقافية للشعب الأذربيجاني من قبل أرمينيا سواء في داخل جمهورية أرمينيا التي قامت وتوسعت في الأصل على حساب الأراضي الأذربيجانية التاريخية أو في الاراضي الأذربيجانية المحتلة سابقا، فقد تم تخريب 738 اثرًا تأريخيًا و28 متحفاً يحوى على 83500 قطعة اثرية و4 معارض لللوحات التاريخية و1107 مؤسسة ثقافية.
كما تعرض المسجد الجامع في منطقة جبرائل الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر ومسجدا يوخاري جوهر آغا وآشاغي جوهر آغا ومسجد ساعاتلى في مدينة شوشا لأعمال التخريب والدمار والهدم وصار مسجد آغدام محل احتقار وابتذال حيث تم تحويله إلى حظيرة للخنازير والأبقار، كما كان هناك مسجد دمير بلاق في العاصمة ايرفان وتم تسويته بالأرض وتم صيانة المسجد الأزرق من أجل تغيير مظاهره الأصلية..
ومن الاثار المهمة المعمارية المخربة مسجد حاجي نوفروز على الذي تم تشييده في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في مدينة ايرفان ومجمع قصر الخانات. كما تعرض مسجد سردار في وسط ايرفان لهدم ممنهج وفي نهاية المطاف سوي بالأرض عام 2014. لقد حدد خبراء أذربيجانيون عدد المعالم المعمارية التاريخية والثقافية المهدمة ، بما في ذلك المعالم الأثرية في الأراضي الأذربيجانية المحتلة سابقاً.
حيث وثقت منظمة حماية المعالم التاريخية والثقافية في باكو صورًا لـ 2550 معلماً من أصل 4500 معلم ديني وثقافي في الأراضي الاذربيجانية المحررة وموقعها الجغرافي ومعلومات مهمة أخرى.
سرقة القطع النادرة والثمينة
ومن الجدير بالذكر الاشارة إلى أنه تم نقل حوالي 13000 من الأشياء الثمينة من متحف كلبجر للتاريخ والإثنوغرافيا المشهور، وأكثر من 5000 من الأشياء الثمينة والقطع النادرة من متحف لاتشن للتاريخ والإثنوغرافيا إلى أرمينيا. كما تضرر التراث الوطني الديني والثقافي في مدينة شوشا ومحيت معالمة التاريخية، ففي شوشا وحدها، تم تدمير 8 متاحف و31 مكتبة و8 دور للثقافة.
تم نهب حوالي 5000 قطعة من متحف شوشا للتأريخ، وحوالي 1000 قطعة من فرع شوشة للمتحف الوطني للسجاد والفنون التطبيقية الأذربيجانية.
أن المتاحف التي نهبها المعتدون الأرمن تحتوي على أشياء ثمينة تتعلق بتاريخ وثقافة الشعب الأذربيجاني، لوحات ومنحوتات، وسجاد أذربيجاني بالزخارف الهندسية، وأغراض تذكارية لشخصيات أذربيجانية معروفة، ومواد فنية وحرفية ثمينة أخرى، كما تم تدمير محتويات معارض شوشا ولاتشن وقوبادلي الفنية المكونة من أعمال فنانين ونحاتين أذربيجانيين بارزين.
لقد نهب المحتلون الأرمن محتويات متحف التاريخ الوطني في منطقة آغدام الذي يحتوي على (أكثر من ألفي قطعة)، ومتحف التاريخ الوطني في قوبادلي الذي كان يحتوي على (أكثر من 3 آلاف قطعة)، ومتحف التاريخ الوطني الذي ظم اكثر من (حوالي 6000 قطعة) في منطقة زنكيلان. كما دُمرت متاحف التاريخ الوطنية في كل من مناطق جبرائيل وفضولي وخوجالي.
تقارير واحصائيات للامم المتحدة
وأعدت وزارة الثقافة ووزارة الخارجية في جمهورية أذربيجان تقريرين منفصلين بشأن “محو التراث الديني والتاريخي المتعلق بدين الإسلام في أراضي جمهورية أذربيجان المحتلة من قبل أرمينيا” حيث تناول التقريين بالارقام مراحل “تدمير وإهانة التراث الأذربيجاني الثقافي والتـاريخي بفعل الأعمال العدوانية الأرمنية المستمرة في حق جمهورية أذربيجان”و قدمت هذة الاحصائيات والحقائق والوثائق إلى منظمات دولية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ومنظمة الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، ومنظمات كثيرة أخرى..
ونتيجة لهذه الجهود الجبارة التي بذلتها الحكومة الأذربيجانية تبنت منظمة التعاون الإسلامي عدة قرارات ادانة وملاحقة بشأن تدمير وتشوية المعابد والتراث التاريخي والثقافي المتعلق بالدين الإسلامي في الأراضي المحتلة نتيجة الاحتلال الأرمني.
فقد تبنت منظمة التعاون الاسلامي قرارات مهمة في اجتماعات وزراء خارجية الدول الاعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في عام 2015 في الكويت وعام 2016 في أوزبكستان وعام 2017 في ساحل العاج. ولاحقاً صدر عن الدورة السادسة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في ابو ظبي عام 2019 حيث ادانت ارمنينيا بأعمالها التخريبية في تدمير وتخريب الآثار والمقدسات الاسلامية التاريخية والحضارية في أراضي أذربيجان المحتلة نتيجة عدوان جمهورية أرمينيا على جمهورية أذربيجان.
إن ممارسات أرمينيا هذة تعتبر انتهاك صارخ لمعاهدة لاهاي بشأن حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي اثناء النزاعات المسلحة التي صدرت عام 1954 والبروتوكول الثاني الملحق بها عام 1999. حيث نص البند التاسع من هذا البروتوكول على تعهد الطرف المحتل في الأراضي المحتلة بمنع تجارة الملكية الثقافية والقطع الأثرية وتهريبها وحظر التغيير المقصود أو المتعمد لمعالم وخصوصيات الآثار الثقافية والتاريخية والعلمية.
جريمة عسكرية يجب ان تدان
وتعد الممارسات غير القانونية ضد الملكية الثقافية والتراث الثقافي إبان النزاعات المسلحة جريمة عسكرية بحسب قانون الجنايات الدولي. وتتحمل جمهورية أرمينيا كدولة عضوة في المؤسسات الدولية مسؤولية ما ارتكبته في الأراضي المحتلة سابقا من أعمال تخريبية بحق الآثار الأذربيجانية الدينية والثقافية. ويذكر ان الرئيس الهام علييف نبه وحذر اكثر من مرة في جميع خطبة واحاديثة على اهمية حماية واسترجاع الموروث التاريخي للشعب الاذربيجاني من عبث ولصوصية ارمنينيا المعتدية ، ولاننسى حديثه في القمة الثامنة عشرة لحركة عدم الانحياز حيث قال : “دمرت أرمينيا جميع المعالم التاريخية والمساجد والمقابر في الأراضي الأذربيجانية المحتلة، ونُهبت متاحفنا وكنوزنا المادية وغير المادية، عمدت أرمينيا إضفاء صبغة أرمينية على جميع الأسماء الجغرافية والمعالم الأذربيجانية التراثية في الأراضي المحتلة سابقا، في محاولة منها لطمس آثار أذربيجان
ولكن دولة أذربيجان بعد أن حررت أراضيها المقدسة في (8 نوفمبر 2020) بدأت بإزالة الألغام التي زرعتها القوات المسلحة الأرمينية في فترة الاحتلال وأسفرت هذه الألغام إلى الآن عن قتل وإصابة ما يقرب من مائتين شخص،و ما زالت هناك جهود كبيرة لإزالة الألغام حتى يعود المواطنون إلى أراضيهم في أسرع وقت ممكن ..
ومن الجدير بالذكر أن دولة أذربيجان بدأت بإنشاء البنية التحتية الشاملة في الأراضي المحررة وتأسيس المدن والقرى الذكية فيها، و من خلال ذلك يتم ترميم الآثار التاريخية والدينيةالإسلامية والديانات الأخرى التي تعرضت للتدمير والتخريب الشامل .
*وكالة أرض آشور الإخبارية.