Friday 22nd November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الفيلسوف الطاوي تشوانغ تزو (莊子)

منذ 5 سنوات في 05/فبراير/2020

*عن/الحوار المتمدن:

خالد رافع الفضلي*

الفيلسوف الطاوي تشوانغ تزو (莊子)

تشوانغ تزو، هو بلا شك أعظم كاتب نثر في العصر الذهبي للفلسفة الصينية، كل كلمة منه تومض ضوء الفكر والوعي الأنساني في العالم القديم، وكلماته ترتفع في كثير من الأحيان إلى المرتفعات الميتافيزيقية المبهرة. وُلد الفيلسوف الغنائي أن جازة لنا هذا التعبير في السنة السابعة لحكم الملك تشو لي (369 قبل الميلاد) وهو من سلالة سونغ غوغونغ. وورث أيديولوجية “لاو تزو” وقام بتطويرها وجعل من الطاوية مدرسة حقيقية، ليصبح ممثلاً مهمًا للطاوية، وكان يُطلق عليه أيضًا اسم “جد الطاوية” تضم كتبه أكثر من 100,000 كلمة، معظمها مجازية، كرسها جميعها للطاوية.
تشير المصادر الصينية إلى أنه في فترة الدول المتحاربة، تطور الفكر الفلسفي واللغة الأدبية إلى مستوى عميق وعميق للغاية، وكانت كنزًا في الكلاسيكيات الصينية القديمة. لذلك، ليس تشوانغ تزو، مفكرًا مشهورًا في تاريخ الفلسفة الصينية فحسب، ولكنه أيضًا كاتب بارز في تاريخ الأدب الصيني. بغض النظر عن التفكير الفلسفي أو اللغة الأدبية، فقد أعطى تأثيرًا عميقًا وهائلًا على مفكّري السلالات الصينية وكتابها.
تتمتع كتابات تشوانغ تزو، ذات الخيال الغريب أنماط كتابة متنوعة، بنكهة رومانسية قوية، وسخرية لاذعة، وتستخدم شكل قصص مجازية، مليئة بالفكاهة والمفارقة، وكان لها تأثير كبير على لغة الأجيال اللاحقة. يشكل خياله الاستثنائي وقصصه المجازية التي لا يمكن التنبؤ بها عالم خيالي فريد وفريد من نوعه.
تشوانغ تزو واللغة المجازية
من خلال اللغة المجازية والقصص الرمزية, يجعل تشوانغ تزو أفكاره التجريدية والصوفية أكثر واقعيةً للقارئ كي يفهمها؛ وهذا يعيد إلى الأذهان فكرة “القناع الأدبي” الذي نوقش على نطاق واسع في النقد الغربي الحديث. ولكن دعونا نطرح هذا السؤال المهم: لماذا يستخدم تشوانغ تزو الغة المجازية، والحكاية، والأمثلة، والأقنعة بدلاً من لغة خطابية واضحة ومباشرة للتعبير عن أفكاره وتجاربه؟
هناك عدة أسباب لذلك. بادئ ذي بدء ، فإن الطاويين يتشاركون مع جميع الصوفيين النهج ذاته هو عدم الثقة في كفاية اللغة – وخاصة اللغة الخطابية – كوسيلة للتواصل مع أفكار الشخص وتصوراته وخبراته. ثم إن لغة الطاو عفوية وغير قابلة للتجزئة وغير محدودة وغير مشروطة، ولكن لسوء الحظ، تعمل اللغة على قطع الأشياء عن طريق فرض فئات اصطناعية عليها تدمر وضوح ووحدة الرؤية الطاوية. ثانياً؛ يمثل الموقف الطاوي تجاه اللغة تعبيرًا متطرفًا متفقة مع وجهة نظر صينية مشتركة، حيث ينظر المفكرون الصينيون القدماء إلى اللغة بشكل أساسي كأداة- وغالبًا ما تكون أداة غير مناسبة- لتوصيل المعنى، وليس كشيء يجسد الحقيقة والواقع داخلها.

هذه النظرة الصينية التقليدية تتلخص في الملاحظة المنسوبة إلى كونفوشيوس: “الكتابة لا تستنفد الكلام والكلام لا يستنفد المعنى”.

بالنسبة للطاوية، من الممكن أن تصبح اللغة نفسها أيضًا فخًا. لذلك، عند استخدام الكلمات، ينصح تشوانغ تزو دائمًا بالحفاظ على موقف الحرية. وبما أن المفكرين الصينيين القدماء كانوا مهتمين أكثر بالحقيقة الحية، وليس بالحقيقة المجردة، فإن القياس- بدلاً من القياس المنطقي- كان أداتهم المعتادة للتفكير والتحقق. السبب الثالث؛ مرتبط بإدراك الطاوية بأن البشر عادة ما يكونون مدفوعين بالمصلحة الذاتية بحيث يميلون إلى الاستجابة أو القبول بسهولة أكبر ما يتفق مع وجهات نظرهم.
تشوانغ تزو والوجود
يشير تشوانغ تزو بالفعل إلى أن الوجود ليس إلا مجرد حقيقة صماء، والفلسفات الغربية في نواح كثيرة تشترك في هذا الاعتقاد. حيث يحمل كانط أن الوجود هو مجرد فئة من مخطط العقلانية. كما يُقيم هوسرل الوجود الخارجي بين قوسين. ويعتقد أيضاً الفلاسفة التحليليون أن الوجود هو مجرد كمي، أي أن الوجود ليس خاصية مجسدة في الأشياء. ومن خلال تصوارته، يوضح لنا إن الوجود وعدم الوجود هما مجرد بناء لغوي، وإنهم يحصلون على معانيهم فقط من اللغة. لذلك، فإن كلمات مثل “الوجود” و “البداية” لا تبلغ عن الوجود بل تفرض الوجود. لذا يرى تشوانغ تزو بحق أن فرض الوجود على الأشياء لا يعني وجود الأشياء بموضوعية. بمعنى آخر، يقول الأشياء موجودة في مرحلة ما، لسنا متأكدين مما إذا كانت الأشياء موجودة بالفعل.
الحياة البشرية
في رأي تشوانغ تزو حياة الإنسان حلم. نعتقد أننا مستيقظون وبثقة “عمياء” أو “عنيدة” لأننا نعرف طريقنا في عالمنا ونأخذه إلى الواقع. لكن هذا التشبع بالترتيب الرمزي هو دفاع ضد “الحياة” الحتمية التي تنتهي بالموت. إن الحياة البشرية بتراكيبها الاجتماعية والرمزية هي في الأساس دفاع عن الموت. وكما يرى تشوانغ تزو، فإن المأساة الإنسانية الحقيقية هي أن الدافع الذي يحاول تجنب الموت ينسحب من الحياة نفسها. فقط “الصحوة الكبرى” (الطاو) هي التي تنقذنا من حياة الإنسان إلى حياة متعالية، حياة خارج “الحياة والموت”، وهي التي ستحطم هذا الوهم. ……………يتبع.

نبذة عن الكاتب*
خالد رافع الفضلي، أستاذ باحث في الفلسفة، ومتخصص بالشؤون الصينية ، ومستشار رئيس الاتحاد الإكتروني الدولي للقلمين العرب أصدقاء الصين ، للعلاقات الاردنية الصينية.

*(التدقيق اللغوي والتحرير الصحفي: أ. مروان سوداح).

*(المراجعة والنشر: عبد القادر خليل).

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


التعليقات:
  • ليس هناك مثيل لهذه الكتابات والحكمة.. إلى الامام لتحقيق التنوير الفكري..

  • الى الامام أيها المفكر والفيلسوف استاذ خالد الفضلي حفظك الله لهذه الدرر التي تنتجها ولا مثيل لها في عالمنا العربي الذي لم يدرس الصين في عُمقها الفكري – التاريخي للآن..
    – ننتظر كتابك الفلسفي بكل شوق لنستفيد منه…

  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *