* عن جريدة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح
الصهيونية لا تمت للسامية بأي صلة، لا مَكانياً ولاعِرقياً ولا لُغوياً، فمن يُسمّون أنفسهم يهوداً، هم أصلاً وفصلاً خزريون أتراك الأصل والفصل، ولا أرومة «فلستينية» تاريخية لديهم.
تسعى الصهيونية الإسرائيلية إلى توظيف قرار المجلس الوطني الفرنسي (البرلمان)، الذي ساوى بين اللاسامية والعداء للصهيونية، وشتان بين المفهومين، ويبدو أن ذلك كان تساوقاً مع تصريحات سبق للرئيس إيمانويل ماكرون، إذ زعم أن معاداة الصهيونية هي وجه حديث لمعاداة السامية!
يَعتقد البعض أن البرلمان الفرنسي الذي شرّع قانون يساوي بين معاداة الصهيونية والسامية، لا يعرف الفرق الكبير بين السامية والصهيونية، فهو «برِجَالاته» وتاريخه لم يصلوا بعد إلى مرحلة الإدراك السياسي والتاريخي لمعنى «السامية» و «اللاسامية» سوى مِن أفواه الصهاينة وليس من أمهات الكتب والحقائق!، فليس جميع ممثلي الشعب الفرنسي في هيئتيه التشريعية والتنفيذية يُدركون الفرق الشاسع بين المفهومين / المصطلحين وإسقاطاتهما على الأرض والتاريخ. بينما البعض الآخر لا يُبرّر للبرلمانيين الفرنجة غير المتبحّرين في تاريخ المنطقة العربية الآسيوية والأفريقية تصويتهم على ما لا يفقهون به، إذ تكشّف أن ثقافتهم تقتصر على فتاتٍ مَسموم تقدمه الصهيونية إليهم.
منطقتنا الكبيرة مساحةً شهدت نزوح (العَبيرو؛ العَبرانيين) الذين انطلقوا من (أور الكِلدانيين) حاملين لغتهم القومية وحافظين إيَاها، فعَبرو المَاء والصحراء صوب الأردن وفلسطين. هؤلاء (العراقيون الجنوبيون) القُدماء مِمَن سكنوا بلاد الشام، ورسّخوا فيها لغتهم القومية الأم كما في معلولة وجابعدين وبخعا وغيرها، لم يكونوا في عصورهم «ساميين»، بل مواطنين أصليين «قح»، أصحاب وطنهم وأسياد منطقتهم، فهذه المُفردة؛ السامية؛ لم تكن موجودة ولا مُستخدَمة في عصورهم، ذلك أنها مُستحدَثة وغير علمية وفقاً لدراسات العلماء والمتخصصين، ومعرفة حيثيات وأهداف إطلاقها مُتاحةٌ للجميع.
تجييش الصهيونية وقياصرة رؤوس الأموال المالية ليهود العالم، وتوظيفهم تحت تهديد ووعيد الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية لخوض حروب متواصلة ضد العرب الكنعانيين سكان المنطقة الأصليين ـ وهو ما يَشهد عليه «العهد القديم» – ما هو إلا لتبرير العمليات السياسية والعسكرية اللاإنسانية التي تسوقهم كالخرافِ إلى فلسطين، ليموتوا في المعارك نصرةً لـِ»وطن قومي» و»أشواق دينية وتاريخية» غير موجودة أصلاً.
مَوت هؤلاء «اليهود» البسطاء مُخّطط له بدقة جهنمية لأجل أن يَحيا أصحاب الاحتكارات الدولية ومَجَامِيعهم الصناعية العسكرية السياسية، وهو كذلك هدف كان وما زال مراداً أولاً للصهيونية الدولية والوكالة اليهودية. الصهيونية أوهمت اليهود بلغة عَبرية (عِبرية) ووطن عِرقي «نقي»؛ وتوسّع كالحرامية لسرقة بلاد الشام، ومِن بعدها سيطرتهم النهائية على العالم، من خلال قناة السويس، وخطوط الاقتصاد العالمي كما في صيحات الصهيونية الزاخرة بخطط احتلال العالم العربي ضمن «قفزات عَشرية» استراتيجية في كل المجالات، لكنها لم تفضِ إلى نتيجة استعمارية واسعة سريعة وحاسمة، فاختل المخطط الصهيوني وتكشفت مراميه وفبركاته الفلسفية وإن كان يتواصل، لكن في مواجهته تزايَد رفض الشعوب لتطلعات الهيمنة الصهيوإمبريالية الدولية والثقة بأن محارق جهنم هي مُستَقرّها الوحيد.