قد تؤدي العولمة والظروف العالمية المتغيرة إلى قيام نظام اقتصادي عالمي حقيقي. لن يكون هذا النظام متجذرا في الغرب، وربما يتحول إلى الشرق – منطقة الخليج هي حافز قوي لهذا التحول. ابتعدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أكبر اقتصادين في الخليج، عن موقف الولايات المتحدة إزاء قضية الصراع بين روسيا وأوكرانيا بسبب عدم الرضا عن سياسات الولايات المتحدة مؤخرا في الشرق الأوسط، و لا تريدان الرد على صخب واشنطن.
في الوقت نفسه، بدأت دول الخليج في تطوير علاقات أوثق مع الصين. وستعقد القمة الصينية العربية الأولى في السعودية في وقت لاحق خلال العام الجاري، حيث ستعلن بكين عن هدفها المتمثل في إقامة “مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك” في عصر جديد له أهمية كبيرة لمنطقة الخليج. ليكمل الجانبان بعضهما البعض، حيث تتبع الصين مبادرة الحزام والطريق وتتطلع دول الخليج إلى إقامة علاقات أقوى عبر آسيا. في المستقبل، ستغير الصين ومنطقة الخليج أولويات كل منهما، ويبدو أن الاعتماد الاقتصادي المتبادل بينهما يزداد قوة.
لطالما كان الشرق الأوسط أرضا خصبة للشركات الصينية. وتعد الشركات الصينية هي أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي، وتنفذ في كثير من الأحيان عقود مشاريع البناء الكبرى. مثل استاد لوسيل في قطر، والموانئ والبنية التحتية الصناعية في الإمارات وعمان، والسكك الحديدية العالية السرعة ومصفاة ينبع في السعودية وغيرها.
زار قادة دول مجلس التعاون الخليجي الصين في يناير من هذا العام بهدف تعزيز العلاقات الثنائية. وتعد الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم، ويتم استيراد نصفه تقريبا من دول مجلس التعاون الخليجي. وتتطلع دول مجلس التعاون الخليجي أيضا إلى التعاون مع الصين في المشاريع التي يمكن أن تساعد اقتصادها على تقليل اعتماده على النفط. كما يتفاوض الجانبان على اتفاقية تجارة حرة من شأنها أن تعزز علاقات الاستيراد والتصدير. ما يشكل أهمية خاصة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري لدول المجلس. كما سيستفيد البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق من الموقع الإستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي على مفترق طرق التجارة الدولية.
في مواجهة السياسات الأمريكية غير المتسقة في الشرق الأوسط، تتطلع دول الخليج لبناء علاقات اقتصادية مع الصين بأذرع مفتوحة. في الوقت الذي تبدو فيه الدول الغربية منهكة من الشرق الأوسط، تظهر خطط البنية التحتية الصينية الرغبة الحقيقية في التعاون والكسب المشترك في المنطقة.
**(الصورة بالأعلى: وزير الخارجية الصيني يلتقي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، يوم الـ11 يناير عام 2022).
*سي جي تي إن العربية.