وقال الرئيس تبون، في كلمة ألقاها خلال هذه الجلسة، التي أشرف عليها، إلى جانب نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وسط حضور رفيع المستوى لعدة دول، أن التحديات و الأزمات الراهنة تتطلب “تنسيقا لجهود و مساعي المجتمع الدولي بحثا عن الحلول الفعالة و المستدامة”، مشيدا، في هذا السياق، بمساهمة روسيا في توفير الحبوب و تصديرها الى دول العالم و كذا في استقرار أسعار الطاقة العالمية.
وتابع قائلا: “ادعو من هذا المنبر الى تظافر المساعي و العمل سويا وفق مقاربة تشاركية و تضامنية تأخذ بعين الاعتبار مصالح و انشغالات كل الاطراف لاسيما الدول الفقيرة التي تعاني من الاضطرابات و الحروب”.
وخلال حلقة النقاش التي ميزت جلسة افتتاح المنتدى الذي يدوم يومين، اعتبر الرئيس تبون أنه “لا توجد حروب رابحة” و أن “كل الحروب خاسرة” متمنيا “للبشرية الرقي والرفاه خاصة للشعوب الفقيرة”.
إقرأ أيضا: رئيس الجمهورية يعرب من سان بطرسبورغ عن أمله في أن يسود السلام في العالم
و اعتبر أن الرئيس الروسي “معتدل جدا في مداخلاته” و أن كلامه يبين أنه “صديق لكل العالم، تماما كما الجزائر، إلا من يعادينا”، معربا في أمله في أن يسود السلام والتكامل الثقافي والاقتصادي جميع دول العالم.
من جهة أخرى، و بخصوص التعاون الاقتصادي الثنائي بين الجزائر و روسيا، أكد الرئيس تبون أنه “لا يقتصر على المبادلات التجارية و إنما يشمل التعاون في عدة مجالات و يحرص على التشاور المنتظم و تبادل وجهات النظر على مستوى منتدى الدول المصدرة للغاز و أوبك+ لضمان استقرار سوق الطاقة العالمي”.
واعتبر رئيس الجمهورية أن المحادثات التي أجراها أمس الخميس بموسكو مع نظيره الروسي، في اطار زيارة الدول التي يقوم بها الى روسيا منذ الثلاثاء الماضي، شكلت “فرصة سانحة لتجديد ارادتنا المشتركة للارتقاء بعلاقاتنا الاستراتيجية إلى المستويات التي نطمح اليها”.
وحيا الرئيس تبون بالمناسبة الخطة التنموية التي استعرضها الرئيس بوتين خلال الجلسة، طيلة اكثر من ساعة من الزمن،واصفا اياها ب”الخطة الكبيرة كبر فيدرالية روسيا”، شاكرا نظيره الروسي على دعوته للمشاركة في المنتدى، مؤكدا “عدم امكانية ان تواجه اي دولة لوحدها الأزمات المتفاقمة في عالمنا المعاصر”.
ودعا رئيس الجمهورية، في نفس السياق، الى عدم تسييس القرار الاقتصادي وإعطاء الأولوية القصوى للنجاعة الاقتصادية.
وحول سؤال بخصوص وجود مشروع عملة عربية موحدة، اعرب الرئيس تبون عن أمله في التوصل لقرارات تصب في هذا الإطار.
== تجديد عزم الجزائر على الانضمام الى “البريكس ==
وجدد رئيس الجمهورية عزم الجزائر على الانضمام “في اقرب وقت” الى مجموعة “البريكس” لتتمكن من “تحرير اقتصادها نوعا ما من بعض الضغوطات”، مؤكدا أن “الجزائريين ولدوا أحرارا وسيبقون أحرارا في قراراتهم ومواقفهم”.
ودعا المستثمرين من روسيا و من كل دول العالم الى الاستفادة من الفرص و التحفيزات التي تمنحها الجزائر للاستثمار، وفق مقاربة رابح-رابح، مشيدا بقانون الاستثمار الجديد الذي “يعطي كل الامتيازات للمستثمرين و يمنحهم حماية خاصة”.
وذكر بقرار ابقاء قانون الاستثمار دون تغيير لمدة لا تقل عن 10 سنوات و هو “ما سيعطي الضمانات الكافية لكل المستثمرين بما فيهم الاصدقاء من روسيا”.
وأشار الى ان كون الجزائر من بين الدول القلائل في القارة الافريقية التي لا تعاني من مديونية خارجية و قد تكون الوحيدة في ذلك، اضافة الى تسجيلها نسبة نمو ب3ر4 بالمئة، “بوتيرة ستزداد سرعة انطلاقا من السنة الجارية”، لاسيما بفضل دخول قانون الاستثمار الجديد حيز التنفيذ.
كما تطرق للسياسية الطاقوية للجزائر و التي تهدف لتكثيف نشاط تحويل المحروقات و تقليل تصدير النفط على شكل خام، مذكرا بأن الجزائر تستهلك اليوم نصف ما تنتجه من الغاز، و أن 72 في المئة من السكان يستفيدون من غاز المدينة في مطابخهم، و مشددا على ضرورة رفع انتاج الغاز للتمكن من رفع التصدير.
إقرأ أيضا: رئيس الجمهورية: الجزائريون ولدوا أحرارا وسيبقون كذلك
من جهته، أثنى الرئيس بوتين، خلال مشاركته في جلسة النقاش، على شخص الرئيس تبون، بوصفه “زعيما يحترم مصالحه الوطنية”، مؤكدا أن لبلاده “علاقات ودية مع الجزائر و الدول الافريقية و العربية وهي تضرب بجذورها الى عشرات السنين”. وشكر، في هذا السياق، جهود الجزائر في الوساطة من أجل دعم جهود التسوية السلمية للأزمة في أوكرانيا.
وتشهد أشغال الجلسة العامة لمنتدى بطرسبورغ (14 الى 17 يونيو) حضور أكثر من 17 ألف مشارك ممثلين لنحو 130 دولة، مع تسجيل مشاركة رفيعة المستوى للعديد من الدول.
ويتمحور هذا اللقاء الاقتصادي الهام حول “التنمية السيادية كأساس لعالم عادل : توحيد الجهود من أجل الاجيال الصاعدة”.
وقد شرع رئيس الجمهورية الثلاثاء الماضي في زيارة دولة إلى فيدرالية روسيا، تدوم ثلاثة أيام، بدعوة من نظيره الروسي.