CGTN العربية/
مع استمرار الحرب ضد جائحة فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) في أنحاء العالم، أكد مسؤولون صينيون وعرب على أهمية التعاون البراغماتي في هذا الصدد وعلى ضرورة التضامن والتكاتف من أجل هزيمة الجائحة والحد من تداعياتها السلبية والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.
تبادل للتجارب والخبرات
لقد حظيت جهود الصين في مساعدة بلدان الشرق الأوسط على مكافحة كوفيد-19 بإشادة تلك البلدان. فقد أشار معاون وزير الصحة السوري أحمد خليفاوي إلى أن سوريا استفادت من خبرات الصين في مكافحة المرض.
في مارس، وصلت أول دفعة من الخبراء الصينيين لمساعدة الدول العربية على مكافحة كوفيد-19 إلى العراق. وعمل الفريق في الخطوط الأمامية لمدة 50 يوما لمساعدة هذا البلد العربي على محاربة كوفيد-19 والحد من انتشاره من خلال تعزيز قدراته التشخيصية وغيرها من القدرات.
وفي إبريل، وصل أعضاء فريق طبي من الخبراء الصينيين إلى الجزائر بدعوة من الحكومة الجزائرية، حيث أجرى أعضاء الفريق لقاءات ومشاورات مكثفة ومعمقة مع نظرائهم الجزائريين بشأن تدابير الوقاية للسيطرة على الجائحة.
وفي نفس الشهر، وصل فريق طبي من الخبراء الصينيين إلى الكويت، قادما من الرياض، لتقديم الدعم لمكافحة الفيروس.
أما في يونيو، فقد أعلن مكتب جمهورية الصين الشعبية في فلسطين عن وصول فريق طبي صيني مكون من 10 أعضاء إلى فلسطين. وبذل الوفد، الذي أرسلته لجنة الصحة الوطنية الصينية، خلال فترة إقامته التي تستغرق أسبوعا حتى 17 يونيو، جهوده في تعزيز العلاقات الثنائية في قطاع الصحة وتبادل الخبرات.
وفي غضون ذلك، زار الخبراء الصينيون مخيم الأمعري للاجئين في مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث قاموا بزيارة المركز الصحي الذي تديره منظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، كما التقوا بالعاملين بقطاع الصحة الذين أطلعو الفريق على إجراءات مكافحة المرض بالمخيم.
وفي شهر يونيو أيضا، وصلت شحنة من المساعدات الطبية الصينية المخصصة لليبيا إلى تونس المجاورة.
وفي السودان، ناقش خبراء طبيون صينيون، متخصصون في مجال مكافحة فيروس كورونا الجديد، سبل الوقاية من كوفيد-19 والسيطرة عليه مع أعضاء الفريق الطبي الصيني الـ35 في البلاد، بما في ذلك الطبيعة العلمية للمرض والاختبارات المعملية وغيرهما.
وفي 5 يونيو، وبتنسيق من السفارة الصينية في السودان، نظم فريق الخبراء الطبي الصيني أيضا مؤتمرا عبر الفيديو حول الوقاية من فيروس كورونا الجديد مع سفارات الصين في جنوب السودان وموريتانيا والمغرب.
تعاون في بناء المختبرات
“للقيام بعمل جيد، لابد من شحذ الأدوات أولا”، هكذا جاءت كلمات قول صيني مأثور. فمن أجل رفع قدرة الدول العربية على مكافحة الفيروس خلال أزمة كوفيد-19 وما بعدها، ساعد الخبراء الصينيون على بناء المختبرات في المنطقة.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد غانم مهدي، مدير المختبر العراقي الذي قام خبراء صينيون وعراقيون ببنائه معا، إن المختبر لعب دورا مهما في مساعدة وزارة الصحة العراقية على مجابهة كوفيد-19 منذ افتتاحه في دائرة مدينة الطب وسط بغداد، في 25 مارس الماضي، من خلال تعزيز قدرات الاختبار ووضع معايير عالية لبروتوكول الاختبار.
فقد أرسلت الصين في السابع من مارس الماضي مساعدات وأجهزة طبية وفريقا من سبعة خبراء قاموا بإنشاء مختبر (P C R) في مدينة الطب وسط بغداد خلال سبعة أيام، وهو مختبر قادر على إجراء أكثر من ألف فحص يوميا للحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس، ما زاد من قدرات العراق في الكشف عن المصابين ومنع تفشي الفيروس.
وذكر الدكتور مهدي “إن المختبر تم إنشاؤه وتجهيزه بتبرع من الحكومة الصينية في وقت حرج، حيث كان لدى العراق مختبرا واحدا فقط يعمل على فحص العينات الخاصة بمرض كوفيد-19″، مضيفا أن “المختبر سهل الحملة العراقية لمجابهة كوفيد-19، خاصة في الأسابيع الأولى من تفشي الفيروس في العراق”.
وإلى جانب بناء المختبر، جلب فريق الخبراء الصيني بروتوكولات الاختبار إلى المختبر الجديد فضلا عن قيام أعضاء الفريق بتقديم تدريب فني للكوادر العراقية، ومباشرة أعمال إشراف ومراقبة مستمرة متعلقة بالمختبر الجديد.
وقال مهدي إن المختبر الصيني يقدم مثالا جيدا، حيث يقوم العراق بتوسيع المختبرات في جميع المحافظات، ففي المختبر الجديد، أعطت 82 في المائة من نتائج العينات النتائج خلال من 6 إلى 10 ساعات، مؤكدا أنه بمساعدة المعدات الصينية المتقدمة و50 ألف مجموعة تشخيص، تمكن المختبر الجديد حتى بداية أغسطس من إجراء حوالي 28 ألف عملية اختبار.
أما في السعودية، فقد وقعت المملكة والصين في نهاية إبريل على عقد بقيمة 995 مليون ريال (265 مليون دولار) لتوفير 9 ملايين فحص لتشخيص كوفيد-19. ويشمل العقد توفير جميع الأجهزة والمستلزمات، و500 من الأخصائيين والفنيين الصينيين المتخصصين في الفحوصات، وإنشاء ستة مختبرات إقليمية موزعة على مناطق المملكة منها مختبر متنقل بقدرة 10,000 فحص يوميًا، وتدريب الكوادر السعودية، كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وبموجب العقد سيتولى الفريق الصيني الفحوصات اليومية والفحوصات الميدانية الشاملة وتدقيقها وضمان جودتها لمدة ثمانية أشهر، بالإضافة إلى تحليل الخريطة الجينية لعدد من العينات داخل المملكة، وتحليل خريط المناعة في المجتمع لمليون عينة، وتهدف السعودية من هذه الإجراءات دعم إدارة خطط مكافحة انتشار كوفيد-19.
اهتمام بالطب الصيني التقليدي
لقد ضمت الفرق الطبية، التي أرسلتها الصين إلى تونس وفلسطين والسعودية والكويت وغيرها من الدول العربية، خبراء في الطب الصيني التقليدي. وفي مارس، قدم أطباء صينيون عبر الإنترنت تدريبا للعاملين الطبيين والمتطوعين في العيادات المجتمعية في مخيمات اللاجئين في لبنان، حيث أوضحوا لهم أنواع الأدوية المستخدمة في الطب الصيني التقليدي وفي الغرب لتخفيف أعراض كوفيد-19 وزيادة فرص الشفاء.
وفي الحقيقة، منذ بداية الحرب ضد فيروس كورونا الجديد، لعب الطب الصيني التقليدي دورا حيويا ولاقى قبولا في المنطقة. فخلال الأعمال التحضيرية لاستضافة المؤتمر الثاني لمنتدى الصحة العالمي في إطار منتدى بواو الآسيوي في مطلع يونيو، تحدث سون دا، نائب مدير مصلحة الدولة للطب الصيني التقليدي، عن المشاركة الفعالة للطب الصيني التقليدي في الوقاية من الأوبئة العالمية ومكافحتها في كلمة ألقاها وضرب مثالا على ذلك بترجمة ونشر النسخة الإنجليزية من كتيب (سبل تشخيص وطرق علاج كوفيد-19 بالطب الصيني التقليدي).
ومن ناحية أخرى، ذكر كتاب أبيض يحمل عنوان “مكافحة كوفيد-19: الصين تتحرك” ونشره مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة في يونيو، أنه تم تطوير مجموعة من بروتوكولات التشخيص والعلاج للطب الصيني التقليدي لتغطية العمليات الكاملة المتمثلة في الملاحظة الطبية، وعلاج الحالات الخفيفة والمعتدلة والخطيرة والحرجة، والتعافي، وقد تم تطبيقها على الصعيد الوطني.
وقال الكتاب الأبيض إنه قد تم استخدام الطب التقليدي في علاج 92 في المائة من جميع حالات الإصابة المؤكدة بكوفيد-19 في الصين، مشيرا إلى أن أكثر من 90 في المائة من الحالات المؤكدة في مقاطعة هوبي، التي كانت قد تضررت بشدة من كوفيد-19، قد تلقت علاجات للطب الصيني التقليدي أثبتت فعاليتها.
وفي يوليو، نُشر كتاب (تشخيص كوفيد-19 وعلاجه وبحوثه استنادا للطب الصيني التقليدي) والذي قام بتأليفه تونغ شياو لين، الرئيس الأكاديمي للأكاديمية الصينية للعلوم، بالتعاون مع أكثر من 50 خبيرا من هوبي وبكين.
وعلى المسرح الدولي، تم إرسال أكثر من 30 طبيبا متخصصا في الطب الصيني التقليدي إلى حوالي 20 دولة، من بينها عدة دول عربية، بناء على طلبها من أجل تقاسم التجارب وتبادل المعلومات.
وقال تشاو وي خه، مدير إحدى شركات أدوية الطب الصيني التقليدي في مقاطعة آنهوي بجنوب الصين، إنهم يقومون بالرد على عشرات الاتصالات التي تطلب استشارات طبية من بلدان بجميع أنحاء العالم مثل فرنسا وألمانيا وأسبانيا بالإضافة إلى عملاء قدامى من كوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا.
ووفقا لإحصاءات المصلحة العامة للجمارك الصينية، بلغ حجم صادرات الصين من المواد الطبية والأدوية التقليدية الصينية 14.28 ألف طن في مارس الماضي، بزيادة قدرها 29.9 في المائة على أساس سنوي.
وفي الوقت الحاضر، لا يزال كوفيد-19 ينتشر على مستوى العالم، ما يشكل تهديدا كبيرا لحياة الناس وصحتهم. ويقول الخبراء الصينيون إن الصين مستعدة لتبادل الخبرات بنشاط مع المجتمع الدولي حسب الحاجة، وتقديم المساهمات اللازمة لتحسين صحة ورفاه شعوب العالم وتعزيز بناء مجتمع ذي مصير مشترك في قطاع الصحة.