شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
ماذا بعد ؟؟!
بقلم: منال علي
*تعريف بالكاتبة: صحفية إذاعية بالبرنامج الأوروبي في الإذاعة المصرية، و مختصة بشؤون دول البحر الأبيض المتوسط وبلدان أسيا.
سؤال يطرحه الجميع بعد انسحاب القوات الأمريكية بصورة المهزوم من أفغانستان بعد خروج آخر جندي امريكي بالأمس من مطار كابل، ليأتي على لسان بعض مجنديها أن تجربة امريكا المؤلمة في أفغانستان ومشاهد الانسحاب المذل قد أثرت في معنويات الكثير من الجنود الأمريكيين و كذلك حلفاء الولايات المتحدة، الذين اهتزت داخلهم الثقة بذلك الحليف الذي لم يعد يمثل مصدرا أمنا للاعتماد عليه، و هي الحالة التي تسود بين المجتمع الأمريكي الان و التي ايضا لم تداويها أو حتى تخففها كلمات وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن بالأمس، و التي ادعى فيها أن أمريكا ذهبت لنشر السلام بالمنطقة وأنهم قاموا بمهمة تاريخية لإجلاء ما يزيد عن ٢٥ الف جندي امريكي، بالإضافة لإجلاء ١٢٢ ألف مدني مرجحا أن هذا العدد ربما يزيد في الأيام و الشهور القادمة.
كما أشار انتوني إلى أن انسحاب امريكا من أفغانستان سيتبعه تواجد امريكي بصورة أخرى غير تلك التي كان عليها على مدار العشرين سنة الماضية، ليفتح بذلك بابا أخر من التكهنات حول نوايا امريكا تجاه طالبان، الحركة المسيطرة الأن على معظم الأراضي الأفغانية، والتي جاء على لسان أحد أفرادها و هو انس حقاني “نصنع التاريخ مرة أخرى، و انتهى احتلال الولايات المتحدة و الناتو لأفغانستان، ذلك الاحتلال الأليم الذي استمر عشرين عاما ..
الليلة نتحرر بعد بذل الجهد والأرواح في سبيل ذلك” لتبدأ طالبان و معها الشعب الأفغاني صفحة جديدة يراقبها العالم عن كثب و ينتظر منها أن تفي بوعودها بنشر الأمن و السلام والعمل على ترسيخ الاستقرار داخل البلاد، للسماح ببناء الدولة والعمل على تنميتها و تقويتها لتدحض بذلك ادعاء الكثيرين ممن قد يشككون في نوايا الحركة والعمل على محاربتها.
لا عجب عندما نرى بعض الدعوات بنشر السلام والكف عن الحروب تأتي من الغرب على صفحات جريدة الجارديان البريطانية، والتي عنونت العدد الصادر بتاريخ الامس ” كفى حروبا في العالم الإسلامي ولماذا امريكا وحلف الناتو يعتدون على العالم الإسلامي؟ و يجب فتح صفحة جديدة و لكن هل هي دعوة صادقة؟ وهل تسمع امريكا وحلفائها من خلفها لتلك الدعوات دون أن يكون من وراءها أغراضا اخرى؟”
و لكن لابد لأن تسمع امريكا والعالم أن جميعنا في منطقة الشرق قد عانينا كثيرا من تسلط تلك القوى الغربية على منطقتنا، و من لم يعد حلفائها يثقون بها لن تكون لنا حاجة في تصديقها ابدأ، وعليه فإنه وجب على امريكا أن تصدق بالفعل و ليس بالقول وعليها أن تظهر حسن النوايا وتفرج عن الأموال الأفغانية المجمدة في البنوك الأمريكية و لذلك نقول أفلح أن صدق، ويجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تراعى عدم التدخل في شؤون الغير و الا تفرض عليهم نمط حياتي ترسمه هي، ويجب عليها أن تدرك أن تلك السياسة وغيرها لن تنفعنا لأن عالم القطب الأوحد لم يعد مرغوبا عند الكثيرين. فانه لن ينتظر الحلفاء سلسلة أخرى من الهزائم حتى يدركوا أن تلك السياسة أصبحت مهترئة و لن تجدي نفعا في المستقبل.
وفي النهاية نفرح للمنتصر بالإرادة والصمود والتحدي، فكلنا في الهم شرق و هي القصيدة الأبرز للشاعر العبقري الكبير أحمد شوقي حين قال “نصحت و نحن مختلفون دارا …و لكن كلنا في الهم شرق” من قصيدة بعنوان “سلام من صبا بردا” و التي كان يصف فيها حال الاستعمار الفرنسي لسوريا، وبعد أن عافاها الله نرجوا للجميع النصر و المعافاة دون المغالاة .