Wednesday 20th November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

مفهوم الديمقراطية بين الصين والغرب .. حكم الشعب، مِن الشعب وإلى الشعب ومع الشعب

منذ 3 سنوات في 27/أبريل/2022

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

صحيفة الشعب اليومية أونلاين/

 

بقلم: د. فايزة سعيد كاب، مترجمة وباحثة في الشؤون الصينية

 

 

 

 

 

 

 

 

يعد المقال “مفهوم الديمقراطية بين الصين والغرب .. حكم الشعب، مِن الشعب وإلى الشعب ومع الشعب” إحدى المحاولات لمعرفة كيف تطور مفهوم الديمقراطية عبر التاريخ وفقاً للتغير الزماني والمكاني من عصر لآخر ومن ثقافة إلى اخرى. وبالحديث عن مفهوم الديمقراطية، اشار تشانغ وي وي في كتابه ” هذه هي الصين .. قوة تسير نحو العالم” إلى عدم وجود نموذج ديمقراطي مثالي في العالم، وكل الأمور التي تناولت هذا المفهوم تقوم على المقارنة، ويجب أن يقال إن الديمقراطية هي واحدة من أكثر الموضوعات إثارة للجدل في العالم اليوم، وتكمن الصعوبة في كيفية تعريفها، وهي النقطة التي لم يتمكن العالم كله في التوصل إلى إجماع حقيقي حولها. حيث يُعرّف الغرب الديمقراطية بأنها “نظام متعدد الأحزاب + شخص واحد- صوت واحد”، وهو تعريف تقليدي لا يرتبط بالضرورة بالموضوعية والواقع المعاش. في حين أن الديمقراطية في المنظور الصيني “قيادة الحزب، والشعب هم سادة البلاد، وسيادة القانون”، وقد يكون هذا التعريف جديد على الغرب ويصعب فهمه.

وبما أنه لم يتم التوصل بعد إلى توافق في الآراء بشأن مفهوم الديمقراطية، تمت استعارة كلمات شهيرة لرئيس الولايات المتحدة أبراهام لينكون، الذي أعلن في خطابه الشهير في جيتيسبيرغ عام 1863 أن “حكم الشعب، من الشعب وإلى الشعب”، لكن، بالنسبة لأبراهام لينكون فإن “الشعب” هنا لا يشمل السود والهنود والنساء ولا الصينيين، لأن الولايات المتحدة أصدرت قانون الاستبعاد الصيني في عام 1882، والذي بموجبه حرم الصينيين من حقوقهم الإنسانية الأساسية.

1-حكم الشعب: هي قضية لا تزال محل استكشاف في جميع أنحاء العالم. ويطلق الغرب على انتخاب الزعيم الأعلى للبلاد أربع سنوات وانتخاب أعضاء البرلمان بالديمقراطية التمثيلية، أو “حكم الشعب”. وقد انتخب الأمريكيون بوش الابن، الذي لم يكن لديه وسيلة لحكم البلاد، وشن حربين غبيتين، ولم يدرك أن الأزمة المالية كانت على وشك الاندلاع، مما أدى إلى الكثير من المشاكل للولايات المتحدة، وكانت نسبة التأييد النهائية حوالي 20٪ فقط، لكنها ما زالت تمثل “حكم الشعب”، أليست هذه أكبر مفارقة في “حكم الشعب”؟

اكتشف الصينيون “حكم الشعب” في إنشاء ديمقراطية أعلى وأكثر عملية من الناحية السياسية من تلك الموجودة في الدول الرأسمالية”. وتشير كلمة “الأعلى” إلى مستوى أعلى من الديمقراطية، خاصة لتمثيل مصالح غالبية الشعب قدر الإمكان وتعكس إرادة واهتمامات غالبية الشعب، وفي نفس الوقت تجنب أوجه القصور الواضحة للنظام الديمقراطي الغربي، مثل القوة المفرطة في رأس المال والشعبوية والسياسة قصيرة النظر، وهي أفكار اقترحها دنغ شياو بينغ في بداية الاصلاح والانفتاح. وانطلاقًا من “أهداف” و”نتائج” الديمقراطية، اقترح دنغ شياو بينغ ثلاث نقاط رئيسية في تقييم جودة النظام السياسي للدولة أيضًا، معرفة ما إذا كان الوضع السياسي في البلاد مستقرًا، ومعرفة ما إذا كان بإمكانه تعزيز وحدة الشعب وتحسين حياته، ومعرفة ما إذا كانت القوى المنتجة يمكن أن تتطور بشكل مستدام. ويعتقد تشانغ وي وي أن البناء الديمقراطي في الصين يدور حول المعايير الثلاثة السابقة. وأن العديد من الأفكار حول حكم الشعب الصيني بلاده بنفسه مليئة بالحكمة ولها تاريخ طويل، وأن الفكرة القائلة بأن “كسب الشعب من الأساسيات السياسية”، و”بداية رئيس الوزراء يجب أن تكون من وزارة الخارجية، وبداية الجنرال الصارم يجب أن تكون من الجندي”، هي إجماع مشترك في المجتمع الصيني منذ آلاف السنين، كما إنها بنية نفسية عميقة الجذور في الثقافة السياسية الصينية.

2- مِن الشعب: يمتلك المجتمع الصيني تقليدًا عميقًا للثقافة المدنية، ومن الواضح أن “مِن الشعب” التي تتمتع بها الحكومة الصينية أعلى من تلك التي لدى معظم الحكومات الغربية، خاصةً أعلى من تلك الموجودة في البلدان ذات القوة الرأسمالية المفرطة مثل الولايات المتحدة، وأعلى من التقاليد الأرستقراطية التقليدية للمملكة المتحدة. ووفقًا للمعلومات، فإن 90٪ من موظفي الخدمة المدنية في أجهزة الدولة المركزية يأتون من أُسر عادية، ومنذ تأسيس الصين الجديدة، جاء معظم كوادر الحزب الشيوعي الصيني رفيعي المستوى من عائلات عادية، ولدى ما يسمى بقادة “الجيل الثاني الأحمر” على الأقل خبرة تزيد عن 30 عامًا في مناصب مختلفة، وتراكمت لديهم خبرة كبيرة في حكم البلاد، لدخول أعلى مستوى لصنع القرار في الصين. في حين أن حوالي 50٪ من أعضاء الكونغرس الأمريكي أغنياء، ونسبة المليونيرية بين الأمريكيين العاديين لا تتعدى 1٪. ويصور الخبير الاقتصادي الأمريكي ستيجليتز الحكومة الأمريكية الحالية على أنها حكومة “1٪ تحكم، و1٪ من الشعب، و1٪ إلى الشعب”. وحسب دراسة مشتركة أجراها باحثون من جامعة برينستون وجامعة نورث وسترن عام 2014، فإن أكثر من 1800 سياسة صاغتها الحكومة الأمريكية من 1981 إلى 2002، كانت من قبل مجموعات المصالح الخاصة التي تمثل المصالح التجارية، وإن تأثير المنظمات القاعدية والمواطنين العاديين على صنع القرار يكاد يكون معدومًا. وإذا كان الأخير يتعارض مع مصالح الأول، فإن الأخير لا حول له ولا قوة.

3- إلى الشعب: استطاعت الصين على مدى السنوات الأربعين الماضين، انتشال أكثر من 700 مئات الملايين من الفقراء من براثن الفقر، وأنشأت أكبر طبقة وسطى في العالم، وتحسنت مستويات المعيشة لمعظم الصينيين بشكل غير مسبوق. ووفقًا لبيانات من المكتب الوطني للإحصاء، فإن الدخل الفردي المتاح للمقيمين الصينيين في عام 2017، بعد خصم عوامل السعر، 22.8 ضعف الزيادة الفعلية في عام 1978، بمتوسط زيادة فعلية سنوية قدرها 8.5٪، وانتقل حجم الطبقة المتوسطة في الصين من صفر قبل 40 عامًا إلى حوالي 400 مليون في عام 2018. في حين، أن الدخل الحقيقي لمعظم الناس في الولايات المتحدة خلال نفس الفترة الزمنية بالكاد زاد. ووفقًا لمسح نشره مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة في عام 2018، فإن أجور العمال الأمريكيين العاديين، بخصم عوامل التضخم، تبقى تقريبًا نفسها في عام 1978. ومع ذلك، تقلص حجم الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة كثيرًا، من 61٪ من السكان البالغين في الولايات المتحدة في عام 1971 إلى 52٪ في عام 2016.

ومن منظور صافي أصول الأسرة، شهد صافي أصول الأسرة الصينية نموا كبيراً، في حين انخفض متوسط صافي أصول الأسرة في الولايات المتحدة كثيرًا. ويتم احتساب صافي ثروة الأسرة بأخذ إجمالي أصول الأسرة، مثل العقارات والأصول المالية، مطروحًا منها جميع الديون. ويرى تشانغ وي وي، أنه بناءً على متوسط صافي الثروة للأسرة بأكملها في الولايات المتحدة اليوم، يجب أن تنتمي الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة إلى مجموعة محرومة نسبيًا، على الأقل في القطاعات المتقدمة في الصين.

كما لا تخص الصين اليوم مقارنة صافي أصول الأسر المعيشية للشعب الصيني والولايات المتحدة، وهو ما يظهر أيضًا من منظور آخر: كان أداء الصين أفضل بكثير من الولايات المتحدة فيما يتعلق بـ “الاستمتاع الخاص” في الأربعين عامًا الماضية. ولا عجب أن صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية نشرت مقالاً طويلاً بعنوان ” الخطأ الذي ارتكبته الديمقراطية” عام 2014، نقلاً عن استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة في ذلك الوقت والذي يؤكد على أنه في عام 2013، كان 85٪ من الصينيين راضين عن اتجاه التنمية في بلادهم، مقارنة بـ 31٪ في الولايات المتحدة و25٪ في المملكة المتحدة. ويعتقد المقال أن ما يسمى بموجة الدَمقرطة التي روج لها الغرب قد أصيبت بالركود في جميع أنحاء العالم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سببين: أولاً، الضرر الجسيم الذي لحق بالنظام الغربي بسبب الأزمة المالية الأمريكية. ثانياً، النهضة السريعة للصين في العالم. كما اقتبس المقال ما يلي: “قال البروفيسور تشانغ وي وي من جامعة فودان إن الديمقراطية الأمريكية بها الكثير من المشاكل وأنها تنتخب دائمًا قادة من الدرجة الثانية.” في الواقع، قال تشان وي وي شيئاً كهذا، لكن لم يتم اقتباسه بدقة حسب رأي الأخير، حيث قال:” إنها تنتخب دائماً من الدرجة الثالثة”.

ويعتقد تشانغ وي وي، أنه بعيداً عن معايير “حكم الشعب: مِن الشعب وإلى الشعب”، يمكننا إضافة نقطة أخرى إذا استخدمنا المعايير الصينية، وهي: –

4-مع الشعب: إن معجزة النهضة الصينية السريعة هي عمل الحكومات على جميع المستويات والشعب الصيني بأسره، وتسمى الحكومة الصينية بالحكومة الشعبية، ويسمى الجيش الصيني بالجيش الشعبي، والشرطة الصينية بشرطة الشعب، والسكك الحديدية بسكك حديدية الشعب، ويطلق على المعلمين اسم معلمي الشعب، ويطلق على الصين اسم جمهورية الصين الشعبية. ومن هنا نرى، أن كلمة “الشعب” لها أهمية قصوى في الصين. قال الأمين العام شي جين بينغ: “سنغير بحزم ما ينبغي تغييره وما يمكن تغييره، ولن نغير بحزم ما لا ينبغي تغييره وما لا يمكن تغييره”، ما الذي لا يمكن تغييره؟ لا يمكن تغيير معنى كلمة “الشعب”، ولا يمكن تغييرها فحسب، بل يجب المضي قدمًا فيها، لأنه السلاح السحري لهزيمة العدو في هذا العالم المليء بالتحديات اليوم: الصمود مع الشعب. وقد أصبحت الغالبية العظمى من الشعب الصيني أكبر المستفيدين من عملية العولمة، لأن الصين أصرت أن تكون “مع الشعب”، عكس الوضع في الولايات المتحدة.

5-إلى الشعب: يعتقد تشاو وي وي، أن أكبر ميزة في عملية صنع القرار في الصين هي “من الشعب وإلى الشعب”، وقد شكلت الصين “نوعا جديدا من المركزية الديمقراطية”، حيث كانت المركزية الديمقراطية القديمة نتاج النموذج السوفيتي، وأصبحت في النهاية مركزية دون ديمقراطية، ومع ذلك، تعلمت الصين دروس النظام المركزي الديمقراطي السوفيتي وشكلت “نوعًا جديدًا من المركزية الديمقراطية” من”التخطيط ثم التنفيذ”، على سبيل المثال: تم تنظيم صياغة الخطة الخمسية الوطنية وإضفاء الطابع المؤسسي عليها، وأجريت المشاورات صعودًا وهبوطًا مئات المرات، بما في ذلك ” مِن الشعب وإلى الشعب”، وسلسلة من الأساليب. ومن منظور المقارنة الدولية، من المحتمل أن تكون قدرات التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ للنظام السياسي الصيني هي الأقوى في العالم. وقد أرست الصياغة السلسة والتنفيذ الناجح للخطط الخمسية واحدة تلو الأخرى أساسًا متينًا للنهضة الصينية السريعة.

ويخلص تشانغ وي وي قائلاً: “لا يوجد نموذج ديمقراطي مثالي في العالم، كل الأمور تدور حول المقارنة، وأن للنموذج الصيني آفاق أفضل بالمقارنة مع النموذج الأمريكي من حيث الجوانب الخمسة المذكورة أعلاه”، مشيراً إلى أن النموذج الصيني لا يزال يواجه العديد من وجه القصور والتحديات، ولا يزال بحاجة إلى تمرير المزيد من الإصلاحات للقيام بعمل أفضل، ولكن حتى على هذا المستوى، يمكن للنموذج الصيني أن ينافس النموذج الأمريكي.

المقالات المتعلقة:

مقالة خاصة: المركزية الغربية .. بين التأثير والتفكيك

مقالة خاصة: خطاب حقوق الإنسان الغربي .. بين التنظير والواقع(1)

 

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *