خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
مصانعُ نباتات، اتجاه تطور الزراعة المستقبلية
بقلم سعاد ياي*
*صحفية صينية.
تعتبر الصين دولة زراعية كبرى، وقد اهتم الصينيون منذ القدم بالزراعة التي شهدت خلال العصر الحديث تطوراً كبيراً بفضل التقدم التكنولوجي المستمر، الذي ساعد كثيراً في التخلص من قيود التربة والمياه والأيدي العاملة وغيرها من الموارد التقليدية.
وكما نعرف فإن التربة هي أساس الزراعة التقليدية، التي تواجهها حالياً زيادة عدد السكان وانحسار مساحة الأراضي وقلة الأيدي العاملة وغيرها من المشاكل والمعوقات.
لذلك، طرح العلماء مفهوم “الزراعة العمودية أو الرأسية”، التي تستخدم التكنولوجيا المتقدمة لتزويد النباتات بالغذاء والضوء اللازمين، وكذلك ضمان الزراعة في ظروف مناسبة، تسمح بنمو النباتات داخل غرف خاصة، ويسمى هذا النظام الزراعي الحديث “مصنع النباتات”.
وقد أنشأت شركة ” تشنغ هنغ ” للتكنولوجيا الزراعية التي تقع في ضاحية بكين الشمالية، وتعمل دائماً على تطوير الزراعة الحديثة، هذا النمط من المصانع، وقدم لنا أحد خبرائها طرق تربية النباتات فيه، قائلاً إن مصنع النباتات يمثل اتجاه تطور الزراعة المستقبلية، حيث تستخدم التقنيات الحديثة في تعديل الضوء وعناصر الغذاء للسيطرة على دورة نمو النباتات.
على سبيل المثال، تحتاج زراعة الخس والباكشوي في الأراضي الزراعية إلى ثلاثين أو أربعين يوما للنضوج، لكن تربيتهما في مصانع النباتات تستغرق حوالي عشرين يوماً فقط.
لذلك، فإن النباتات تنمو في تلك المصانع طالما هناك ما يكفي من الضوء والمواد الغذائية مثل الماء والهواء والمعادن وإلخ، كما يمكن زراعة الفواكه والخضروات وحتى الحبوب دون التأثر بتغير الضوء والأجواء الطبيعية.
ومن أجل التحكم الدقيق في مصانع النباتات هذه تُستخدم الأجهزة الكهربائية الحديثة دائما.
وبالإضافة إلى ذلك، نجح العلماء في تطوير برامج عديدة لأضواء مختلفة لتلبية احتياجات النباتات المتنوعة للنمو.
لكن في ظل عدم وجود تربة، على ماذا تتغذى النباتات؟
بخلاف الزراعة التقليدية، تتطلب مصانع النباتات مساحة زراعة نظيفة، حتى إنها ربما تحتاج إلى غرفة تربية معقمة.
وفي ظل هذه الظروف، ولتوفير العناصر الغذائية للنباتات المزروعة فيها، تستخدم المحاليل التي تجري مراقبة تغييرها وتعديلها بصورة منتظمة، من أجل ضمان نمو النباتات في بيئة مستقرة جيدة.
ويزرع في مصنع النباتات بشركة تشنغ هنغ التي تحتل 500 متر مربع، نحو ثلاثين نوعاً من الخضروات والفواكه، ويمكنه إنتاج 200 كيلوجرام تقريباً من الخضروات الجاهزة للأكل يومياً.
كما حققت الخضروات المنتجة فيه ثلاثة معايير صفرية، ألا وهي: صفر بقايا مبيدات وصفر بقايا معادن ثقيلة وصفر بقايا بكتيريا ممرضة رئيسية، ولذا تعتبر آمنة وصحية تماماً، حتى إن العناصر الغذائية فيها أفضل وأوفر مما يوجد في المحاصيل التقليدية.
لقد حول تطور تكنولوجيا مصانع النباتات حلم الإنسان بالزراعة في الصحراء والفضاء والبحر إلى حقيقة ملموسة، حيث من المتوقع أن تبني مثل هذه المصانع في محطات الفضاء والسفن الضخمة والصحراء الشاسعة في المستقبل القريب، ليصبح بالإمكان حل مشكلة الغذاء لكل إنسان في أي مكان وفي أي وقت.
وطبعاً، يمكننا أن ننشيء مصانع نباتات مصغرة مختلفة الأنماط والوظائف، في المطابخ وغرف المعيشة أو الدراسة، ما يجعل حياتنا أجمل وأروع.