خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
مسيرة مكافحة الفقر في الصين
بقلم: لي قانع*
*صحفي بالقناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية (CGTN)
لفترة طويلة، كانت عناوين الأخبار مثل “جاك ما أغنى رجل في العالم” و”الصينيون أكبر مستهلك للسلع الفاخرة”، إضافة إلى تفشي ظاهرة التفاخر والتباهي باستعراض المقتنيات الثمينة على مواقع التواصل الاجتماعي، تبدو وكأنها تخبركم أن الصين بلد غني. ربما تعتقدون: هذه هي الحقيقة، الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دائن للولايات المتحدة، بكين وشانغهاي كم هي مدن متطورة! لكني أود أن أقول لكم: ترون جانبا واحدا فقط من الصين.
في عام 2019، تجاوز نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الصيني لأول مرة حاجز 10 آلاف دولار، لكنه احتل المركز الـ70 فقط في العالم. قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في مايو 2020 أثناء الدورتين السنويتن، هناك 600 مليون شخص في الصين دخلهم الشهري 1000 يوان فقط، أي 153 دولارا أمريكيا. ربما هذه البيانات تساعدنا على فهم حقيقة أن “الصين أكبر دولة نامية في العالم”.
يقول العرب: “لو كان الفقر رجلا لقتلته”. حسب إحصاءات البنك الدولي، فإن الصين انتشلت أكثر من 850 مليون إنسان من الفقر المدقع خلال الأربعين سنة الماضية بفضل النمو السريع للاقتصاد. إذن كيف تم تحقيق ذلك؟
يقول مثل صيني: “بدأ الرخاء من تشييد الطرق”. هنا طريق “بان لونغ” الواقع في منطقة كاشغر جنوبي شينجيانغ، بني هذا الطريق البالغ طوله 35 كيلومترا على ظهر الجبل عام 2019، وهو الطريق الأكثر التفافا في العالم، وأصبح رابطا وحيدا بين العالم الخارجي وقرية واتشيا التي يقطنها 2700 شخص، معظمهم مزارعون. إنه شريان الحياة للقرية. حتى نهاية عام 2019، ازداد الطول الإجمالي للطرق الريفية في الصين 4 ملايين و40 ألف كيلومتر، ما يساوي 50 ضعف ما كان عليه في عام 1949.
هذا الكيوي بين يدي تم إنتاجه في محافظة تسانغشي بمقاطعة سيتشوان، أهم منتج لفاكهة الكيوي في الصين، حيث بلغ حجم الإنتاج السنوي للكيوي 100 ألف طن، لكن سبب ضعف المبيعات، ظل دخل مزارعي الكيوي هناك منخفضا. وفي عام 2016، أطلقت شركات التسوق الإلكتروني منصة لبيع الكيوي أونلاين، ما أتاح للمستهلك فرصة الاتصال المباشر بالمزارع وشراء كيوي تشانغشي الطازج. والآن يباع ثلث كيوي تسانغشي عبر الإنترنت، مما زاد من دخل المزارعين بشكل لافت.
بالإضافة إلى تحسين البينة التحتية والاستعانة بشبكة الإنترنت، انهمكت الصين في إزالة الفقر في المناطق الريفية عن طريق اتخاذ تدابير مختلفة هادفة حسب أسباب الفقر المتنوعة منذ عام 2015، مثل تقديم المساعدات المالية ودعم التعليم والاستثمار الصناعي وإعادة إيواء قاطني السكن غير اللائق، وبذلك تم انتشال 10 ملايين شخص من الفقر سنويا.
إذن ما هو معيار التخلص من الفقر في الصين؟ في المناطق الريفية، إذا بلغ الدخل السنوي لمزارع 2300 يوان أي 360 دولارا أميركيا، تم انتشاله من الفقر، هذا هو خط الفقر الذي وضعته الصين في عام 2010. 360 دولارا في السنة قليل، لكن إذا حسبناها بتعادل القوة الشرائية حينذاك، كان دولار واحد يساوي 3.3 يوان صيني، لذلك تساوي 2300 يوان 697 دولارا، أي دولارا و90 سنتا للفرد في اليوم، أعلى من خط الفقر الدولي آنذاك دولار و25 سنتا.
في عام 2013، حددت الصين 832 محافظة فقيرة في أنحاء البلاد، وقد تم انتشال جميعها من الفقر في 23 نوفمبر 2020، ما حقق الهدف المحدد لبناء مجتمع رغيد شامل بحلول عام 2021. لكن مع ارتفاع الأسعار وتباطؤ نمو الاقتصاد، تظل كيفية تحسين التعليم والرعاية الطبية للناس وتضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء الشغل الشاغل للصين.
على كل حال، يكون أي تقدم في عملية مكافحة الفقر مرحليا، وهي عملية لن تتوقف.