منذ بداية ظهور الصناعة، خلقت البشرية ثروة مادية غير مسبوقة. ومع ذلك، فقد جاء هذا الازدهار بتكلفة باهظة على الطبيعة. يستخدم البشر اليوم الموارد البيئية التي يعادل قدرها 1.6 ضعف لقدرة تحمل الأرض، وفقا لـ “شبكة البصمة البيئية العالمية”. وهذا يعني أن الأرض تستغرق الآن 20 شهرا لتجديد ما يستخدمه البشر في سنة واحدة.
وباقتراح الفكرة المتمثلة في أن “البيئة الطبيعية الجيدة هي الكنز الحقيقي”، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرارا على أن “حماية البيئة الطبيعية ودفع التنمية المستدامة هي التزاماتنا المشتركة”. وبعد كل شيء، وعلى حد تعبيره قال: “لدينا كرة أرضية واحدة فقط”.
“خذ بقدر واستخدم بحذر”
تعد عبارة “خذ بقدر واستخدم بحذر” جوهر الحضارة الإيكولوجية. ويجب أن ندعو إلى أسلوب حياة بسيط ومنخفض الكربون، ونرفض الإفراط والإهدار، لتشكيل نمط حياة متحضر وصحي.
شي جين بينغ، الرئيس الصيني، 28 أبريل 2019
خلال الحفل الافتتاحي لمعرض بكين الدولي للبستنة في عام 2019، أوضح شي ملامح الطريق إلى الحفاظ على البيئة الطبيعية من خلال اقتباس المقتطف المذكور أعلاه من كتاب “تسي تشي تونغ جيان” أو “مرآة شاملة لتحسين الحكم”، وهو عمل مرجعي رائد في التاريخ الصيني من تأليف سي ما قوانغ (1019-1086م) من عهد أسرة “سونغ الشمالية” (960-1127م).
واتخذت فكرة الاستخدام المقيد للموارد معانيا جديدة في الصين اليوم. كما أشار شي في خطابه إلى أن التنمية دون التفكير في المستقبل ليست مستدامة، ويجب أن يكون الطريق إلى الأمام هو التنمية الخضراء التي تركز على الانسجام مع الطبيعة والتقدم الصديق للبيئة.
ويعد السعي وراء التنمية الخضراء منخفضة الكربون والقائمة على الابتكار أساسا للجهود التي تدفع الصين نحو هدفها المتمثل في أن تصبح دولة اشتراكية حديثة. وفي عام 2018، أدرجت الصين فكرة الحضارة الإيكولوجية في دستورها لأول مرة.
كما تمهد الخطة الخمسية الأخيرة للبلاد الطريق لتحقيق ما تعهدت به لجعل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تبلغ ذروتها قبل عام 2030 وتحقيق “حياد الكربون” قبل عام 2060، وتخفيض استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.5% و18% على التوالي بحلول عام 2025.
كما تعهدت الصين بزيادة حجم المخزون الحرجي بواقع ستة مليارات متر مكعب بحلول عام 2030 مقارنة بمستوى عام 2005، وإجمالي قدرتها المركبة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى أكثر من 1.2 مليار كيلوواط.
الوفاء بالوعود
صرح شي في مناسبات عديدة بالتزام الصين بضمان التعايش المتناغم بين البشر والطبيعة، وأنه هدف تسعى إليه الصين بالأفعال.
وفي السنوات العشر الماضية، احتلت الصين المرتبة الأولى عالميا من حيث زيادة موارد الغابات، حيث تجاوزت مساحة التشجير فيها 70 مليون هكتار. وفي الوقت نفسه، يخضع 90% من أنواع النظم الإيكولوجية الأرضية و85% من مجموعات الحيوانات البرية الرئيسية لحماية فعالة.
وأصبحت الدولة التي كان تقدمها الاقتصادي على مدى العقود الماضية مدعوما إلى حد كبير بالفحم، الآن من بين أكبر المستثمرين في العالم في مجال الطاقة المتجددة، حيث تمتلك 30% من القدرة العالمية المركبة للطاقة المتجددة.
وعلاوة على ذلك، انخفضت حصة استهلاك طاقة الفحم في البلاد من 60.4% في عام 2017 إلى 56.8% في العام الماضي، وارتفع استهلاك الطاقة النظيفة من 19.1% في عام 2016 إلى 24.3% في العام الماضي، وفقا للمكتب الوطني للإحصاء.
وبحلول عام 2019، انخفضت انبعاثات الكربون في البلاد بنسبة 48.1% مقارنة بمستوى عام 2005، مما عكس اتجاه الزيادة السريعة، وفقا لما ورد في كتاب أبيض صدر في ديسمبر الماضي عن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني.
وقال شي مشيرا إلى وعود الصين بشأن معالجة تغير المناخ، في قمة انعقدت مؤخرا عبر الإنترنت بين الصين وفرنسا وألمانيا: “المهمة صعبة للغاية، لكن الصين ستفي بوعودها”.