CGTN العربية/
مع انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية وسط المعركة العالمية ضد جائحة فيروس كورونا الجديد، يتوقع خبراء الصحة أنه ستظهر مشاكل عدم الاتساق وانخفاض الفعالية في مواجهة الأمراض القاتلة. فماذا يعني القرار الأمريكي لاحتواء كوفيد-19 والصحة العالمية؟
إن قرار ترامب بالانسحاب سيجلب تأثيرات سلبية هائلة على مجال الصحة العالمية خاصة في الوقت الذي يعتبر فيه التنسيق والتعاون الدولي ضروري لاحتواء فيروس كورونا. قالت مديرة مركز علوم الصحة العالمية والأمن بجامعة جورجتاون الأمريكية ربيكا كاتز: “قال الناس إننا بصدد بناء الطائرة أثناء الطيران في ظل انتشار الوباء. فهذا القرار أشبه بإزالة نوافذ الطائرة حينما تطير في السماء”. لا شك أنه سيجلب تداعيات ضارة خطيرة على العالم.
عودة الأمراض القاتلة
الولايات المتحدة كانت تقدم 27% من ميزانية المنظمة لاستئصال شلل الأطفال، و19% من ميزانيتها لعلاج السل وفيروس الإيدز المناعي البشري والملاريا والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة، و23% من ميزانيتها للعمليات الصحية الطارئة. إذا انكمش التمويل، ستزداد نسبة الوفاة والمعاناة من هذه الأمراض القاتلة بشدة.
عدم الاتساق وإهدار الاستثمار السابق
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيعيد تمويل المشاريع الصحية العالمية الأخرى التي “تستحق حاجات الصحة العامة العالمية الملحة”. على سبيل المثال، كانت هناك تقارير تفيد بأن وزارة الخارجية الأمريكية تقترح مبادرة وصلت قيمتها إلى 2.5 مليار دولار للإشراف على الاستجابة الوطنية والدولية تجاه الأوبئة، وتسمى هذه المبادرة بـ”استجابة الرئيس للتفشيات”.
وقالت الباحثة في مركز التنمية العالمية بواشنطن أماندا غلاسمان، إنها والباحثين الآخرين لا يعتقدون أن هذه الجهود الموازية من الولايات المتحدة ستكون فعالية، إذ أن بناء الشراكات مع الدول يستغرق سنوات عديدة. “سنرى أكثر من عدم الاتساق في مجال الصحة العالمية بدون مساعدة منظمة الصحة العالمية”، الأمر الذي سينهي قرار ترامب بإهدار جزء من 11 مليار دولار أمريكي تنفقها الولايات المتحدة على برامج الصحة العالمية كل عام.
إضعاف التعاون العلمي
من الممكن أن يضعف هذا القرار التعاون طويل الأمد بين الولايات المتحدة والمنظمة. في الوقت الحاضر، العلماء من المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها والمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة يعملون متناوبين دائما في مقرات المنظمة بجنيف وسويسرا. وإنه حوالي 180 عالما في مجال علم الأوبئة ومتخصصا في مجال السياسة الصحية وغيرهم من الموظفين الذين يعملون في المنظمة هم من الولايات المتحدة، كما أن العديد من الأمريكيين يعملون في المنظمة كباحثين زائرين.
علماء الأوبئة في الولايات المتحدة يعتمدون على زملائهم في المنظمة للحصول على المعلومات الوبائية. أشارت غلاسمان إلى أن ذلك مهم جدا بالنسبة للمصالح الأمنية الأمريكية في إطار تفاقم الوضع الوبائي في أمريكا اللاتينية، “نحتاج إلى منظمة مثل منظمة الصحة العالمية لإدارة العلاقات والحفاظ على تدفق المعلومات سواء أ كان تسلسل الجينوم أو معايير الرعاية”.
انخفاض تأثير الولايات المتحدة على الصحة العالمية
قام ترامب بتعليق تمويل المنظمة في الشهر الماضي، ووفقا للمتحدث باسم المنظمة، لم تدفع الولايات المتحدة إلا ربع رسوم عضويتها هذا العام. وبالعكس، تعهدت الصين بمنح ملياري دولار للمنظمة على مدى العامين المقبلين لمساعدتها في مكافحة الوباء، ويقارب هذا المبلغ الميزانية البرنامجية السنوية لها في العام الماضي.
إذا لم تدفع الولايات المتحدة شيئا للمنظمة أو قطعت علاقاتها معها، فستفقد حقوقها في التصويت داخل المنظمة، كما تفقد قدرتها على تشكيل جداول الأعمال الصحية حول العالم.