لقد عرفنا أن نقطة الانعطاف تظهر في علم الرياضيات عندما يتغير الخط المنحنى من المقعر إلى المحدب، وهو مثل ما يسير في الدبلوماسية الصينية التي تتحول من رد الفعل إلى المبادرة، الأمر الذي يعد الاتجاه الجيوسياسي الأكثر تأثيرا خلال النصف الأول للقرن الأول والعشرين في عيون مؤرخي المستقبل.
يشعر العديد من الأجانب بقلق شديد تجاه تطور الصين السريع، ويؤمنون بما يسمى بنظرية التهديد الصينية. لقد أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الأهداف الاستراتيجية والمهمة الرئيسية في الأعمال الدبلوماسية عند حضوره اجتماع الأعمال الدبلوماسية للجنة المركزية، أ لا وهي الحفاظ على المصالح الجوهرية الصينية وتهئية بيئة دولية جيدة وتسريع بناء دولة معاصرة قوية، بالإضافة إلى تطبيق دبلوماسية الدولة الكبرى في عالم متعدد الأطراف وتشكيل شبكة الشراكة العالمية والحصول على فهم ودعم مختلف دول العالم تجاه الحلم الصيني العظيم.
لا تستطيع الصين أن تفوز فقط بقوتها الصلبة. على الرغم من أن القوة الاقتصادية والعسكرية ضرورية في التنافس الدولي، ولكنها ليست كافية وتحتاج إلى التأييد المعنوي الذي يؤكد الرئيس شي على أهميته، مشيرا إلى أن الصين ستلتزم بمبادئ الإخلاص والصداقة والعدالة والأخلاق.
فما هو التخطيط الصيني العظيم في رأى الرئيس شي جين بينغ؟ إذا أرادت الصين أن تكون رائدة عالمية، فوجب عليها احترام الدول الأخرى تجاه مبادئها ومفاهيمها الخاصة، بما فيها الطريق التنموي الذي قررته الصين ذاتها ونظامها السياسي. من جانب آخر، ستستمر الصين في إصلاح النظام السياسي والصب إليه الديمقراطية والحرية أكثر. ومن جانب آخر، قد فهم بعض الأجانب تدريجيا أن النظام السياسي المناسب لإدارة الصين الكبيرة هو ليس نظام الديمقراطية المثالية القائم على التعددية الحزبية.
وفي أفضل الأحوال، بعد انتهاء المواجهة الصينية الأمريكية، ستبذل الصين المزيد من الجهود في تحمل المسؤوليات والحفاظ على السلام العالمي ودفع الازدهار العالمي، الأمر الذي ربما يعني تعديل الخطة الأصلية وتغيير بعض الأساليب وطرق العمل.
ما زال يوجد بعض النزاعات بين الصين والولايات المتحدة في شتى المجالات، مثل التجارة وحقوق الإنسان والنزاعات الحدودية، ولكن لا يجب أن يكون اختلاف النظم السياسية واحدا منها. إن النظريات السياسية والاقتصادية التي تم إنشاؤها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تلعب دورا محدودا في القرن الحادي والعشرين. أما العلاقة بين السوق الحرة والإدارة الحكومية التي تحاول بعض الدول الحديثة تحسينها، فليست ثابتة بدون تغير من منظور جوهرها.
*المصدر: CGTN العربية